توقع اقتصاديون أن تتجه دول الخليج، وفي مقدمها السعودية في الفترة المقبلة إلى تغيير سياستها الاقتصادية من خلال تغيير سعر صرف عملاتها أو التحول إلى ربط عملاتها بسلة عملات تتضمن الدولار، اليورو، الين، الجنيه الإسترليني، إضافة إلى الذهب وبعض العملات الخليجية. وأكد الاقتصاديون الذين تحدثوا إلى"الحياة"، أن الوقت المناسب قد حان لتتخذ دول الخليج قراراً بفك ارتباطها بالدولار المنخفض، والتوجه إلى سلة عملات، بهدف الحفاظ على قوة اقتصاداتها من تأثيرات متغيرات الأسواق العالمية. وقال أستاذ الإدارة والتسويق الدولية في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حبيب الله تركستاني:"يجب إقرار تحرير الريال من ارتباطه بالدولار، والانتقال إلى ربطه بسلة عملات متنوعة تتضمن مجموعة من العملات منها الدولار". ويمضي بالقول:"ولا بأس أن تجمع السلة العملات الخليجية كالدينار والدرهم والريال، تمهيداً للاكتفاء بالعملة الخليجية الموحدة بعد إطلاقها". ويعود التركستاني بالحديث ليشرح فوائد التحول إلى سلة عملات قائلاً:"هذا التوجه سيسهم في حماية العملة من أية تذبذبات تعاني منها العملة المرتبط بها، مع إعطاء العملة قيمة قوية في سعر الصرف". مشيراً إلى ضرورة التدرج في عملة فك الارتباط، مع تحديد رؤية مستقبلية للسياسات الاقتصادية، تأخذ في الحسبان تأثيرات المتغيرات السياسية والاقتصادية العالمية. ويتفق أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي في رأيه مع زميله التركستاني، ويؤكد"أن الوقت المناسب حان لتتحول دول الخليج وفي مقدمها السعودية إلى فك ارتباطها بالدولار، والتوجه إلى سلة عملات". ويتابع:"الظروف الاقتصادية لا تحتمل البقاء على السياسية الاقتصادية ذاتها، يجب التحرك سريعاً إلى تغيير سعر الصرف، وكذلك اللجوء إلى ربط العملات الخليجية بسلة عملات تشتمل على الدولار، اليورو، الين، الذهب، للمحافظة على قوة ومتانة الاقتصادات الخليجية المدعومة بارتفاع أسعار النفط، والتقليل من نسبة المخاطر التي يمكن تتسبب فيها متغيرات السوق". وتتزامن آراء الاقتصاديين السعوديين، مع الأنباء التي كشفها تقرير صادر أخيراً، عن مصرف"ميريل لينش آند كو"الاستثماري الأميركي، والتي تؤكد"أن الولاياتالمتحدة الأميركية، أعطت فعلياً لمنتجي النفط العرب في منطقة الخليج موافقة على إجراء تغييرات في سياسات أسعار الصرف المرتبطة بالدولار في دولهم، وقال المصرف في تقريره الصادر بعنوان"ضوء أخضر أميركي لمجلس التعاون الخليجي:"من المحتمل أن تتحرك الإمارات وقطر إلى سلة عملات في الشهور القليلة المقبلة، بحيث ترتفع عملة كل منهما بنسبة 5 في المئة قبل نهاية العام، في الوقت الذي لا يرجح أن تسير السعودية إلى هذا النهج قبل حلول أواخر العام المقبل". وهنا يعلق الدكتور فيلالي قائلاً:"لا أحد ينكر أن أميركا تلعب دوراً مهماً في السياسات المتبعة في الاقتصادي العالمي، ولكن أعتقد أنها لا تتدخل بصورة مباشرة في تحديد السياسات الاقتصادية لدول الخليج، والدليل على ذلك اتجاه الكويت إلى فك ارتباط عملتها بالدولار والتحول إلى سلة عملات، وعلى رغم ذلك لم نلحظ أي تحفظ أميركي على هذه الخطوة". وأضاف"دائما ما نسمع بمطالبات أميركية بتغيير السياسات الاقتصادية لدول الخليج، ومنها دعوة الرئيس السابق للاحتياطيات الفيديرالية الأميركية آلان جرينسبان في منتدى جدة الاقتصادي، والتي طالب من خلالها دول الخليج بفك ارتباط عملاتها المحلية بالدولار لمقاومة التضخم". في المقابل، طالب الدكتور التركستاني بضرورة اتجاه دول الخليج إلى النظر إلى مصالحها والعمل على تحقيقها من خلال وضع سياسات اقتصادية مناسبة، وقال:"على رغم أن السعودية تعتمد في سياساتها المتوازنة على البحث عن مصلحتها مع عدم التأثير في مصالح الدول الصديقة، إلا أننا يجب أن نضع في أولوياتنا تحقيق مصالحنا الاقتصادية، ومن ثم المحافظة على مصالح الدول الأخرى، لتحقيق التكامل المطلوب".