طالب اقتصاديون بتبني إستراتيجية وطنية لإدارة الاستثمارات المالية وغير المالية، مع التفكير الجدي في دراسة أفضل السبل لإعادة تقييم الريال، بعد امتلاك الجهاز الاقتصادي السعودي القدرة والإمكانيات الكبيرة لتحقيق ذلك في ظل الانعكاسات السلبية لأزمة الديون الامريكية. واكدوا في حديثهم ل"الرياض" أن مناقشة فك ارتباط عملات الدول الخليجية، ومنها السعودية، بالدولار الأميركي لن تغير في سياساتها النقدية، فارتباط العملات الخليجية بالدولار بات أمرا إستراتيجيا يحقق المصلحة لدول الخليج وشعوبها، وإن تأثر سعر صرفه أمام العملات الأجنبية مؤخرا. وقال المستشار الاقتصادي الدكتور عبدالوهاب أبو داهش: إن تقييم آثار أية أزمة عالمية على الاقتصاد السعودي يأتي من تأثيراتها على أسعار النفط، وتغير قيمة الدولار، وأسعار الفائدة، ونمو الاقتصاد العالمي, وهي عوامل خارجية لا تستطيع المملكة التحكم فيها أو التأثير عليها، خصوصا أثناء الركود الاقتصادي، حيث لا تستطيع المملكة أن تخلق طلبا عالميا على النفط، عدا ذلك فإن العوامل الأخرى خارجة عن قدرة السعودية في التأثير عليها وتجنب آثارها في الوقت الراهن والمستقبل المنظور. وأضاف في ظل كل هذه المتغيرات لم يعد أمام صانع القرار في المملكة الكثير لمواجهة تلك الأزمات، فرفع قيمة الريال الذي طالب بها الكثيرون قبل حدوث أزمات بهذا الحجم أصبح صعب التحقيق في هذا الوقت الذي يتسم بالغموض الشديد حول الدولار وحول مستقبل الاقتصاد الأمريكي، كما أن تنويع الاستثمارات المالية، أو اتخاذ قرارات متسرعة حيالها الآن، أمر بالغ التعقيد نظرا للغموض الذي يكتنف الاقتصاد العالمي برمته. وتابع: المطلوب الآن العمل على تبني إستراتيجية وطنية لإدارة الاستثمارات المالية وغير المالية بصورة أفضل، مع التفكير الجدي في دراسة أفضل السبل لإعادة تقييم الريال، خصوصا أن الجهاز الاقتصادي السعودي يمتلك القدرة والإمكانيات الكبيرة لتحقيق ذلك. من جهته قال الاقتصادي فضل البوعينين: إن مناقشة فك ارتباط عملات الدول الخليجية ومنها السعودية بالدولار الأميركي لن تثمر عن تغيير يذكر في سياساتها النقدية، فارتباط العملات الخليجية بالدولار بات أمرا إستراتيجيا يحقق المصلحة لدول الخليج وشعوبها، وإن تأثر سعر صرفه أمام العملات الأجنبية مؤخرا. ولفت إلى أن العبرة تبقى بمصدر دخل دول الخليج، وطالما أنها تعتمد في مداخيلها على إيرادات النفط المقومة بالدولار فمن الصعب جدا فك ارتباط عملاتها بالدولار, حيث إن الإبقاء على الدولار كعملة ربط يعني استقرارا أكثر للاقتصادات الخليجية الريعية, كما أن المكاسب التي يمكن تحقيقها من فك الارتباط محدودة جدا مقابل المخاطر المتوقعة. وأبان أن المحدد الرئيس لعلاقة عملات دول الخليج بالدولار هو ارتباط بيع النفط حيث يمثل الدولار عملة التبادلات الرئيسة في التعاملات التجارية، إضافة إلى كونه عملة احتياط رئيسة، وإن تأثر هذا التفرد مؤخرا بسبب أزمة الديون، وأسلوب التعامل الرسمي معها. وأشار البوعينين الى أن البعض يحاول إرجاع سبب الغلاء المحلي الى انخفاض قيمة الدولار عالميا، وما ترتب عليه من انخفاض قيمة الريال، وهذا التحليل فيه جانب من الصحة، فانخفاض العملة المحلية يغذي التضخم المستورد، إلا أن الحقيقة تؤكد أيضا على أن السلع الأميركية في السوق المحلية طالها الغلاء نفسه على الرغم من أن سعر صرف الريال مقابل الدولار ثابت ولم يتغير، مما يعني أن للغلاء أسبابا رئيسة أخرى، ومنها الإنفاق الحكومي التوسعي وضعف الرقابة والاحتكار والغلاء العالمي.