في شرق الرياض يوجد رالي سيارات، لكنه من نوع آخر، فهو لا يخضع للرقابة أو الأنظمة أو الشروط المطلوبة، ولا تشرف عليه الجهات المختصة. أبطال هذا الرالي هم سائقو الشاحنات المحملة بالرمل أو الحصى أو المواد الخام أو غيرها من المواد. يبدأ زمن السباق في التاسعة صباحاً وينتهي في اليوم التالي عند الساعة الخامسة صباحاً، أما بالنسبة للمكان فلا يوجد طريق مخصص لهم، إلا أن أشهر هذه الطرق طريق خريص شرق الرياض باتجاه جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية، ويتوسع الأمر ليشمل الشوارع الرئيسية في بعض الأحياء، مثل شارع أبو الأسود الدؤلي وشارع الحمزة وشارع الأربعين في حي النسيم. وتشارك في الرالي شاحنات صهاريج المياه العذبة التي تنطلق من"شيب"حي السلي. كل ذلك يحدث وبشكل يومي، ما جعل الأمر يتحول إلى ظاهرة خطرة تهدد حياة المواطنين والطلاب والطالبات في شتى المراحل التعليمية، إذ يشاهدون ذلك بعد انصرافهم من المؤسسات التعليمية وتوجههم إلى منازلهم، ما له الأثر البالغ في بث الرعب في نفوسهم ونفوس قائدي الحافلات والمركبات الصغيرة. وقعت في الأسابيع القليلة الماضية الكثير من الحوادث المروعة والمؤلمة على طريق خريص، راح ضحيتها الكثير من أبناء الوطن شباناً وشيوخاً ونساء، وكانت من أفظعها الحادثة التي وقعت يوم الخميس 14-2-1429ه عندما اصطدمت شاحنة كبيرة كانت تعبر بسرعة جنونية بسيارة صغيرة من نوع كابريس أسود اللون تحولت على إثرها الأخيرة إلى ثلاث قطع صغيرة وسُحق اثنان من ركابها ونجا الثالث بقدرة إلهية، وقد باشر الحادثة مرور منطقة الرياض والدفاع المدني والهلال الأحمر، واستغرق جمع اشلاء المواطنين ساعات عدة. الغريب في الأمر أن هذا الطريق يشهد وقوع الكثير من الحوادث المروعة والمؤلمة أسبوعياً يقتل فيها الكثير، والسبب الرئيسي لهذه الحوادث هو السرعة الجنونية للشاحنات والحمولة الزائدة التي تحملها، إذ تعبر فيه الكثير من شاحنات الكسارات التي تحمل الرمل والحصى إلى داخل مدينة الرياض، ولا تبالي بالوقوف عند مركز وزن الشاحنات الذي يقع على الطريق نفسه، ما يتسبب أيضاً في إتلاف الطرق التي وضعت لخدمة الجميع. لا يخفى أيضاً بأن بعض أصحاب المؤسسات يضعون حوافز مادية لقائد الشاحنة الذي يحمل دفعات إضافية، ما يجعل العمالة الأجنبية تتسابق على الطريق وتسير بالسرعة القصوى لكسب المزيد من المال. كما لا ننسى أن وجود التأمين أشعر السائقين بالأمان في حال وقوع الحوادث وعدم المبالاة أصلاً في وقوعها، إضافة إلى أن هذا الطريق تعبر فيه صهاريج الصرف الصحي، التي تفتقد شروط السلامة المرورية، فغالباً ما تكون الإنارة الدقيقة فيها تالفة والإطارات غير صالحة للسير. كل ذلك يحدث وإدارة المرور تمارس صمتاً رهيباً على رغم تلقيهما الكثير من الشكاوى الهاتفية من المواطنين، خصوصاً أولئك الذين يذهبون بشكل يومي إلى أغنامهم في الصحراء والزائرين لمواقع التشاليح هناك. أنا على يقين تام بأن ذلك لا يرضي المسؤولين في الجهات ذات الصلة، الذين يحرصون كل الحرص على سلامة أروح الناس وأمانهم في منازلهم أوفي تنقلاتهم أو في أي مكان. لقد وضعت بعض الدول الخليجية الشقيقة حداً لهذه الظاهرة، إذ بادرت إلى العمل بإجراءات حازمة للحد من الحوادث المرورية، ووضعت أنظمة صارمة تجاه الشاحنات المخالفة، ففي أثناء زيارتي إلى دولة خليجية أعجبت كثيراً بأنظمة المرور لديهم، ما كان له الأثر الواضح في تقليل نسبة الحوادث وتوفير الراحة النفسية والطمأنينة لأصحاب المركبات الصغيرة، فالمخالفات المرورية للشاحنات التي تتجاوز السرعة القانونية أو تسير في طريق التجاوز تصل قيمتها إلى عشرة آلاف ريال والسجن لمدة ستة أشهر، فيما تحيل بعض الدول العربية المجاورة بعض المخالفات المرورية إلى القضاء بتهمة الشروع في القتل. إننا على ثقة كبيرة بالمسؤولين لدينا بالنظر في هذا الموضوع بعين الاعتبار واتخاذ الإجراءات الرادعة للحد من هذه الحوادث المؤملة التي أصبحت هاجساً يؤرق حياة السائقين وأسرهم. خالد العنزي - الرياض