من وجهة نظري أن ما دعا إليه الشيخ الدكتور سلمان العودة إلى تدشين"وثيقة طلاق"تحافظ على حقوق المرأة المطلقة، فإنني أؤيد العودة في دعوته هذه، فهناك الكثير من الظلم الذي يقع على المرأة المطلقة، بسبب عدم مخافة الله وسوء فهم البعض لمفهوم القوامة وحق الرجل في الزواج والطلاق وتعدد الزوجات، ما جعل البعض يسيء استخدام هذا الحق ضد المرأة، وكثيراً ما نسمع هذه الأيام عن قصص طلاق تمت من دون علم الزوجة بذلك، ما يجعل عشرتها للزوج ضرباً من الحرام. كما أن بعض الرجال قد يسيئون استخدام حق الرجل في التعدد، بأن يتزوجوا بعد عشرة سنين بفتاة صغيرة ويتركوا الزوجة الأولى بلا مأوى ولا معيل. بل إنني أطالب بوضع ضوابط تحمي حقوق المرأة المطلقة وأطفالها. بوجود مجموعة من القواعد القانونية التي تستمد أحكامها من الشريعة الإسلامية ومصادرها القرآن والسنة والتي تنظم علاقة الأفراد في ما بينهم، من حيث صلة النسب والزواج وما ينشأ عنه من ولادة وولاية وحضانة. ذلك أن الدراسات الاجتماعية تؤكد أن أكثر الأفراد تضرراً من الطلاق هم النساء والأطفال. فالطلاق مشكلة المرأة في المقام الأول"لما يترتب عليه من مشكلات نفسية ومادية واجتماعية، وتختلف حدة المشكلة ودرجة معاناتها باختلاف المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي للمرأة. تواجه المرأة المطلقة الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية والمادية، خصوصاً إذا كان لديها أبناء. كما تعاني المرأة المطلقة من مشكلات اجتماعية خاصة بحضانة الأطفال والنفقة وتطبيق الأحكام القضائية، فالمرأة قد تعاني الأمرين حتى تحصل على حق الطلاق، ثم تدخل مرحلة جديدة من المعاناة للحصول على حق حضانة أطفالها الذين هم في أمس الحاجة إليها، وعندما تحصل على حق الحضانة تحتاج إلى جهات رسمية تساعدها على تطبيق هذه الأحكام، فكثيراً ما يرفض الزوج تطبيق الأحكام ويتهرب منها، ولا تملك المرأة القدرة على تنفيذ هذه الأحكام بمفردها من دون تدخل من الدولة والجهات الرسمية، كما يتهرب الكثير من الأزواج من دفع النفقة لزوجاتهم وأبنائهم. وأعتقد أن هذه القوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية ستحافظ على كرامة المرأة وإنسانيتها وتحمي حقوق الأبناء من الضياع، فعدم تقنين الشريعة أدى إلى إهدار حقوق المرأة والأبناء، كما أن هناك إجراءات ومعاملات قد تطول لشهور أو سنين، والنتيجة ضياع الكثير من هذه الأسر وتشريد الأبناء وانتشار الانحرافات بينهم. ولحماية حقوق المرأة المطلقة، فإنني أقدم بعض الاقتراحات التي يمكن أن تضمها وثيقة الطلاق التي اقترحها الشيخ سليمان العودة هي: - يجب ألا يقع الطلاق إلا لدى المحكمة وبحضور الزوج والزوجة. - في حال وقوع ضرر على الزوجة بسبب الطلاق التعسفي، سواء كان هذا الضرر مادياً أو معنوياً، فإنه يجب تعويض الزوجة عن ذلك بحسب إمكانات الزوج المادية. - ضرورة دراسة المحاكم لأوضاع الزوج المادية جيداً قبل الحكم بالنفقة للزوجة أو الأبناء. - يجب أن يكون هناك نفقة عاجلة للزوجة والأبناء لحين صدور الحكم الذي كثيراً ما يستغرق سنين. - ضرورة سن قانون يضمن للمرأة المطلقة في سن متأخرة حياة كريمة، خصوصاً إذا كانت لا تجيد عملاً ما وليس لها مأوى أو مورد للدخل يحميها من ذل السؤال. - وجود جهات رسمية مهمتها متابعة تنفيذ أحكام المحاكم الشرعية. - ضرورة وجود مؤسسات لرعاية شؤون المطلقات ومساعدتهن في الحصول على حقوقهن الشرعية. - ضرورة وجود دور رعاية موقتة للمطلقات. * أكاديمية بجامعة الملك سعود.