وقف مساعدات الغذاء حكم بالإعدام يهدد ملايين المنكوبين    تصعيد إسرائيلي مميت قصف مكثف وإغلاق مدارس الأونروا    من البرازيل.. رودريغيز يستهدف مدرب الهلال للتغطية على كوارثه!    كندا ستفرض الأربعاء رسوما على السيارات الأميركية بنسبة 25%    هدف نيوم السابق.. تقارير مصرية تؤكد تعاقد الأهلي المصري مع زيزو    وزير الخارجية يصل إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية    فليك يطالب لاعبي برشلونة بأداء قوي ويحذر من قوة دورتموند    قرعة كأس آسيا لكرة السلة تضع الأخضر في المجموعة الثالثة مع الصين والأردن والهند    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    حرس الحدود بعسير يضبط 4 مقيمين بنغلاديشيين لممارستهم الصيد بمنطقة محظورة    أمير منطقة تبوك يستقبل وكلاء ومنسوبي الامارة بمناسبة عيد الفطر    أمير منطقة تبوك يستقبل المشرف جامعة فهد بن سلطان وأمين المنطقة    تنبيه من السفارة السعودية لدى اليونان    الاستثمار الرياضي يناقش تطوير البنى التحتية    الشركة السعودية للكهرباء تطلق المرحلة الثانية من نظام تخزين الطاقة بالبطاريات باستثمار 6.73 مليارات وقدرة 2.5 جيجاواط    إطلاق اختبارات "نافس" في جميع المدارس الابتدائية والمتوسطة    مباحثات لتعزيز التعاون الدفاعي بين السعودية والعراق    الخبر ال 61 عالميا ضمن قائمة المدن الذكية لعام 2025    الدفاع الجوي يخرج السرية الثانية لنظام "ثاد" في قاعدة فورت بليس الأمريكية    أمير حائل يطلع على خطط وبرامج جمعية حضارات للتراث    الديوان الملكي: وفاة صاحب السمو الأمير عبدالله بن مساعد آل عبدالرحمن آل سعود    أمير المدينة يستقبل قائد أمن المنشآت    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير عام فرع الأحوال المدنية بالمنطقة    تعليم الطائف يطلق البرنامج التدريبي التدريس المعتمد على المعايير في مقررات العلوم    رئاسة الافتاء تصدر كتابا علمياً عن خطر جريمة الرشوة على الفرد ومقدرات الوطن    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تختتم حملة "صم بصحة" ب40 مليار خطوة و3.7 مليون فحص خلال رمضان    تدخل جراحي عاجل يُنقذ بصر طفل أصيب بألعاب نارية في عنيزة    رئيس وزراء جُزر سليمان يستقبل الرئيس التنفيذي ل «صندوق التنمية»    أسماء الفائزين والشخصية الثقافية ل جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال 19    عسير في خريطة العمارة السعودية.. تعزيز لأصالة البناء وجماليات التصميم    سحب رعدية ممطرة ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    الخارجية الفلسطينية ترحب بمخرجات القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفرنسية في القاهرة    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر مارس 2025    اتفاقات مع "قسد" في طريق التعافي بخطوات ثابتة.. سد تشرين والنفط تحت إدارة الدولة السورية    هل هناك رقم مقبول لعدد ضحايا حوادث المرور؟    "الحج" تحدد غرة ذي القعدة "آخر موعد".. و"الداخلية": 100 ألف ريال غرامة تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    أمير جازان يشهد توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات المجتمعية.. تدشين حملة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    في أسبوع الصحة العالمي.. الأمومة والطفولة تحت الحصار والإبادة.. 90 % من الحوامل والمرضعات بالقطاع يعانين سوء تغذية حاد    الهلال.. مجد تحول لأطلال    خسارة النصر.. تغربل الهلال قبل النخبة الآسيوية    نقاط التحول    الساعة    ماجد المصري: لم أتوقع نجاح "رجب الجرتلي" الشرير والحنون    في ظهوره الثاني هذا الموسم.. جماهير الاتحاد تشيد بمستوى الأسباني هيرنانديز في ديربي الغربية    6.8 مليون مسافر في ذروة العمرة عبر 4 مطارات بالمملكة    الجسر البري السعودي يُشعل المنافسة بين الشركات العالمية    لك حق تزعل    موجة تفشى الحصبة الحمراء في أمريكا    ماذا بعد العيد؟    "أكيارولي».. قرية إيطالية يشيخ سكانها دون أمراض    رجال الأمن صناع الأمان    بين النصّ الورقي و الأرشفة الرقمية.. حوار مع إبراهيم جبران    حوارات فلسفية في تطوير الذات    الموظف واختبار القدرات    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثة وجوه ... !
نشر في الحياة يوم 24 - 03 - 2008

ثلاثة وجوه مختلفة الملامح تطالعنا كل يوم، تمثل أهم وأغلى ما في حياتنا، إنهم الشباب من الجنسين، فهم ثلاث فئات لكل منها ظروفها وخصائصها وإمكاناتها وأزماتها، تربت على التراخي في النظام الذاتي، ولم تتعلم ما معنى الجهد، ولم تتكون لديها هوية نجاح ومستقبل، لأنها تعيش من خلال الترف، إذ تأخذ كل شيء ولا تعطي أي شيء!
وهناك وجه آخر محظي يمثل فئة النخبة من جيل الشباب الذين أحيطوا برعاية أسرية عالية، وحسن توجيه وإعداد للمستقبل، ولهذا فهي الفئة الأكثر تكيفاً في الدراسة، إذ تحظى بأفضل فرص التحصيل والتربية، فتستطيع بناء"هوية النجاح"ويكون مفهومها إيجابياً عن الذات والعالم، ولذلك فهي مميزة في قدرتها وفرصها على بناء مكانة اجتماعية مهنية رائعة.
أما الوجه الثالث الذي يبرز أمامنا دائماً فهو ذلك الوجه"القلق"الذي يمثل الشريحة الأكبر من الشباب الطامح إلى الارتقاء الاجتماعي والحياتي، فهم يتوسلون الدراسة بهدف التفوق فيها لبناء حياة مهنية وأسرية كريمة، ولتحقيق نقلة نوعية في وضعهم الاجتماعي والاقتصادي المتواضع في الأصل... فيكافحون من أجل بناء"هوية نجاح ومستقبل"، وينجح قلة منهم في تحقيق الاختراقات المأمولة والوصول إلى وضع مهني اجتماعي معقول.
أما الغالبية فإن الفرص أمامهم تزداد انحساراً، خصوصاً عندما يبدأ شبح"البطالة"والتأخر عن سوق العمل في السيطرة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، فيتسلل إلى نفوسهم الإحباط والمعاناة من حياة الأمل، وذلك بسبب تواضع نوعية التعليم الذي يتوافر لهم منذ البداية وتدني مستواه، مما لا يؤهلهم أصلاً للمنافسة في سوق العمل ومتطلباته المتزايدة والمتسارعة في مجال الاقتدار المعرفي والمهني، إضافة إلى التعليم الجامعي الذي يراكم معلومات ولا يبني معرفة علمية قابلة لأن تتحول إلى مهارة مهنية منتحية.
وهذه الشريحة لها وجه آخر مخفي يمثل فئة الشباب الذين يطلق عليهم علماء النفس"شباب الظل"، وهم فئة مهمشة يتكون قدرها منذ الطفولة عندما تُحرم حقها في الرعاية الأسرية والعاطفية ثم الاجتماعية والتحصيلية، كما تُحرم من الإشباع الملائم لحاجاتها الأساسية، وغالباً ما تتفشى فيها الأمية التي تؤثر على تدني نوعية الحياة التي تحياها، فتكون النتيجة حرمانها من بناء"هوية نجاح في الحياة أو المهنة"، فيتزايد الاحتقان النفسي داخلها فتكون ردود أفعال عنيفة ومدمرة، خصوصاً عندما تتاح أمامها ظروف الانفجار في المجتمع بشكل يفاجئ الرأي العام الذي كان غافلاً عنها ومتناسياً لها.
ويشكل حرمان معظم شبابنا من المشاركة في صناعة المصير، وحقوقه في الاعتزاز بكرامة الانتماء وفخر صناعة الكيان الوطني، إلى وضعهم في دائرة التعرض لخطر انفجارات العنف العشوائي، أو الوقوع في إغراءات الحركات الأصولية التي تزين لهم امتلاء الوجود الذاتي بقضايا تسبغ عليهم طابعاً متسامياًً.
وهذا الأمر يتطلب معالجة أسباب خطر"التهميش الاجتماعي لمثل هذه الفئة من الشباب، وهدر الوعي والطاقات لديهم"، كما يتطلب الأمر أن ندرك أن اكتمال تحقيق الانتماء للوطن يكون من خلال إفساح المجال أمام الأجيال الصاعدة لتحتل المكانة وتلعب الدور الحيوي وتسهم في بناء وطنها، ولا يمكن التساهل في ذلك حتى لا تصبح مثل هذه المجتمعات من فئة المستغنى عنها، خصوصاً حينما لا يتوافر لها مجتمع يمكن أن يشكل نخبة منتجة.
وإذا كان حلم كل خلية هو في أن تصبح خليتين، كما يقول الفيلسوف وعالم البيولوجيا"جاك مونو"، فإن حلم الحياة ذاتها أن تتجدد وتتمدد وترتقي، ومن يحاول أن يمنع دورات الحياة من التجدد فإن هذا ما يؤسس للإحساس"بالغربة في الوطن"، لأن الحياة كأمواج البحر التي تكبر وتتعاظم وصولاً إلى ضرب الشاطئ بعنفوانها ومن ثم تتلاشى لتعقبها أخرى، فالحياة تولد أجيالاً جديدة ومتتالية ولا تنتهي عند دورة حيوية معينة، وكل جيل منها ينصحه العالم التربوي"باولو فريري"بضرورة بناء اقتداره ليتمكن من الوصول إلى الوعي المطلوب في التعامل مع عالم القوة الراهن والمستقبلي، وأن يصنع طريقة من خلال سيره إلى الإمام، وفي جميع الاتجاهات حتى يتمكن من إدراك اتجاهه الصحيح.
وبناء الإنسان يعني ألا نكتفي بمحاولة فهمه من الداخل فقط أو من الخارج فحسب، بل لا بد من فهمه من الداخل ومن الخارج في الوقت نفسه لكي يتحقق فهمنا للإنسان المنعزل والمستقل داخلياً، والإنسان الاجتماعي الذي لا يعرف ولا يفهم إلا وسط جماعة ومن خلالها.
أكاديمية متخصص في التاريخ المعاصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.