لم تكن الطاهية هدى العوامي، تعلم أن حبها الشديد للطهو سيكون ذا فائدة عليها، وسيصبح مصدر دخل لها، بعد عقدها لدورات عدة لتعليم الطهو وتأليف كتب في المجال ذاته، فمنذ أن كانت العوامي في المرحلة المتوسطة كانت تعد الطعام لأهلها فوالدتها كانت موظفة ومن هنا جاء إتقانها للطهو. وتقول العوامي:"لم أمسك يوماً كتباً للطبخ، ولم أجلس أمام شاشة التلفاز في انتظار برنامج خاص بالطبخ لأسجل المقادير ثم أطبقها، إذ كانت المطاعم هي نقطة البداية، ففي كل مرة نتوجه فيها لمطعم للغداء أو العشاء أتذوق الطعام وأخمن مكوناته من خلال الشكل والطعم لأقوم بتنفيذه في منزلي، لاكتشف أنا وأفراد أسرتي انه المذاق نفسه إن لم يكن أفضل". وترى العوامي أن المقادير"ليست بالأمر المهم سوى في العجائن والحلويات، وباقي الطبخ فيترك لذوق السيدة وإبداعها فيه، فتضيف ما تشاء من مكونات وتزيد ما تشاء من بهارات"، وعلى رغم معرفتها بجميع مطابخ العالم إلا أنها تفضل المطبخ الشرقي. وتحكي عن كيفية دخولها مجال تعليم الطهو، مشيرة إلى أن إحدى صديقاتها التي علمتها الطهو طرحت عليها الفكرة قبل ثلاثة أعوام، ونجحت الفكرة. وعن مرتادي الدورات تقول العوامي:"معظم المتقدمات المقبلات على الزواج أو المتزوجات حديثاً، ولا تخلو من سيدات كان لهن باع طويلة في الحياة الزوجية ويردن تعلم الجديد". وأشارت إلى أنها تعتمد في دوراتها على جزءين، عملي ونظري، الذي تعتمد عليه في البداية فتكون هناك جلسات للتعريف بالطبخ وأنواعه وطرقه، ومن ثم تبدأ بالدخول للمطبخ والتطبيق. لكن العوامي تضع قانونها الخاص في تعليم الطهو، فهي لا تعطي دورات تدريبية للخادمات، وتعتبر أنها المهمة الرئيسة للأم. وتقول: هناك الكثير من السيدات اتصلن بي لإعطاء الخادمات دورات في الطبخ، ولكني رفضت ذلك، لان الطبخ مهمة الأم، فحين تطهو الأم لأبنائها تطهو بحب فيظهر ذلك جلياً في الطعم، ولكن الخادمة، وإن تعلمت الطهو بحذافيره، فلن يكون بذات الطعم أبداً". وعلى رغم نجاحها الكبير، إلا أن العوامي تستبعد فكرة افتتاح مطعم خاص بها، وتقول:"لا تراودني هذه الفكرة على الأقل في الوقت الحالي، وان فكرت فسأقوم بتعليم السيدات للعمل في المطعم، لكنني في النهاية أؤيد أن تقوم الأم بإعداد وجبات أفراد أسرتها بنفسها". وفي الآونة الأخيرة، أخذت كتب الطبخ وكتيبات في إعداد الوصفات في الانتشار بشكل كبير بين سيدات المجتمع، وأصبح الكثيرات يتجهن للطباعة الفاخرة المزودة بالصور، وبمواصفات ورقية خاصة بالمطابخ، ووجدت هذه الكتب رواجاً بين ربات البيوت والنساء العاملات، وأصبحت الدعاية لهذه الكتب تتم بعد اقتناء الكتاب وتجريب بعض الوصفات منه، ومن ثم تتناقل السيدات هذه الوصفات فيتم التسويق الجيد للكتاب بعد التجريب، ما يسهم في رفع أسهم بيع الكتاب وتداوله وسرعة انتشاره، وقد لا يعتبر أمراً خافياً عن الجميع أيضا ارتفاع أسعار هذه الكتب بشكل مبالغ فيه. "أم ياسر"وهي إحدى المتخصصات في صناعة الحلويات تضيف:"يجب عدم الاستهانة في ما يتعلق بالطبخ، فهو من أهم الصناعات بالعالم والتي يبذل من أجلها الكثير من الوقت والماديات والتأهيل للمتخصصين والمتذوقين، وقد بدأت منذ الآن أدعو المهتمات في هذا الشأن الى توحيد جهودهن وإنشاء جمعية خاصة بهن، من أجل تطوير العمل بهذه الحرفة التي لا غنى عنها". "أم عبدالحكيم"تضيف:"إننا نواجه منافسة شديدة الآن خصوصاً من المقيمات"، وتتمنى"أن تكون هناك اتحادات رسمية ومسابقات محلية للمبدعات في هذا الشأن ترعاها جهات داعمة للمرأة". وإضافة لهذه المشاريع الصغيرة توسعت دائرة اهتمام المرأة بالإبداع في الطبخ، إذ قامت بعض ربات البيوت البارعات في الاكلات الشعبية بطبع نشرات خاصة بالأكلات التي يبرعن فيها للاستعانة بهن في ولائم الأعراس، إذ يقمن بعمل ركن بوفيه في هذه الحفلات خاص بهذه النوعية من الطعام، نظراً إلى ما وجدن من الاقبال منقطع النظير من سيدات المجتمع على هذه الأكلات التي يحرصن على التباهي بها في هذه الولائم، ما جعلهن يقتنين اواني خاصة وغالية الثمن لعرض مأكولاتهن، ما يزيد من قيمة الأكلة المقدمة، ويضعن في المقابل ما يضمن لهن الدعاية والانتشار.