عادت عفاف عبدالهادي بذاكرتها إلى الوراء عشرات السنين لتذكر منظر شوارع مكةالمكرمة الخالية من حركة السير في مثل هذا اليوم. لذا أطلق علية اسم"يوم الخُلّيف"،"إذ لا تجد رجلاً واحداً من أهالي مكة يتخلف عن صعود عرفات إما لغرض الحج أو العمل فيه، ومن يتخلف يجلس في منزله خوفاً من توبيخ النسوة له". وقالت:"في الماضي كان الهدوء يخيم على مكةالمكرمة في اليوم التاسع من ذي الحجة ويشمل شوارعها كافة، بعد تصعيد الحجاج إلى عرفات، وخلو الكثافة البشرية التي كانت تملأ شوارعها منذ بدء موسم الحج". وأضافت:"تستغل سيدات مكة الموقف ليذهبن إلى زيارة الحرم والطواف حول الكعبة، مصطحبات أطفالهن، ومن ثم يتناولن إفطار صوم يوم عرفة في ساحة الحرم". لافتة إلى أنه يعتبر اليوم الوحيد في السنة الذي يكون فيه الحرم ومكةالمكرمة للنساء فقط. وتابعت عبدالهادي:"في مساء يوم عرفة تستعد السيدات لعيد الأضحى المبارك، فترى شوارع مكة امتلأت بنسائها وأطفالها متزينين بلباس العيد، ويتبادلون الزيارات قبل عودة الحجاج إلى مكة لإكمال نسكهم". وبحسب عبدالهادي فإن سيدات مكةالمكرمة يحتفلن بيوم عرفة احتفالات خاصة لها طابع فلكلوري تسمى"القيس"، وقالت:"هو مهرجان تنكري تتنكر فيه النساء بلباس الذكور، ويمارسن أدواراً ذكورية هزلية عن المجتمع المكي القديم". وأضافت:"من أكثر الطقوس التي كانت تمارسها سيدات مكةالمكرمة في هذا اليوم هو احتفال"القيس"وهو فلكور احتفالي قديم، كانت تمارسه السيدات إلى عهد قريب، إذ يتنكرن في أثواب رجالية تمثل كل واحدة منهن شخصية رجل من المجتمع المكي، وكان العمدة والشرطي والشريف أبرز تلك الأدوار التي تلعبها النساء، إضافة إلى إنشادهن لأناشيد"القيس". و"القيس"بحسب عبدالهادي هو الرجل المتخلف عن صعود يوم عرفات، وقالت"جرت العادة ألا يتخلف أحد من رجال مكةالمكرمة عن الصعود إلى عرفات، والمتخلفون يتم توبيخهم بشكل جماعي من النساء والأطفال في حال ضبط أحدهم خارجاً من منزله". وأضافت:"لا يقتصر توبيخ المتخلفين داخل محيط المباني والمنازل على النساء، بل يتجاوز ذلك إلى تربصهن به في الشوارع والأزقة"، لافتة إلى أن هذه الاحتفالات التراثية اختفت اليوم بين أبناء هذا الجيل. وقالت:"لم تعد تنظم مثل تلك الاحتفالات، خصوصاً مع التطورات وتغير التركيبة السكانية، ولم تعد سيدات مكةالمكرمة يحتفلن ب"القيس"الذي أصبح شيئًا من الماضي".