مخلوقات غريبة، سخّرت نفسها للتفنن في غش الناس والنصب عليهم، في كل مكان تجدهم... في الأسواق... في المطارات... في الشوارع... في المدارس والجامعات... بل وأحياناً في ربوع الديار المقدسة! متى ما سنحت لهم الفرصة، لغشك، يغشونك في كل شيء، وأي شيء، وفي أي زمان... وفي أي مكان! وفي أول فرصة تغيب فيها عين الرقيب، لو كنت تبني بيتاً، يغشك مقاولو بناء بيتك مهما كنت حريصاً. فصاحب الخرسانة يغشك بنوعيتها... ومقاول السباكة ينخر قلبك بعمل مليء بالنصب والاحتيال... ومقاول الكهرباء يمدد لك تسليكاً رخيصاً مثل خربشة"الفراخ"... والعمالة تسرق مواد البناء ومواد التشطيب التي دفعت نقودها من دم قلبك... بل وحتى الاستشاري الذي تقوم بتعيينه لمراقبتهم... يأكل الفطير ويطير، وكأنه لا يعرفك! وكل هؤلاء يتفننون في تأخير إنهاء أعمالهم، ويفترون عليك بلا رحمة أو تردد، وكأن مالك وحلالك"في نظرهم"مستباح. يغشك بائع العسل، ويضيف لك السكر المحروق، ويحلف أنه عسل صافٍ أصلي! ويغشك بائع دهن العود، ويحلف لك أنه دهن عود كمبودي أصلي... ويغشك بائع الفاكهة والخضار بوضعه للفاسد أسفل الصندوق، أو أن يحلف لك بأن مصدر هذه الفاكهة من مصدر غير مصدرها الأصلي! يغشك وكيل سيارتك الجديدة التي اشتريتها من دم قلبك أيضاً، بعدما ابتسم البياع في وجهك لمدة أسبوع كامل، ورفعك بالمدح والثناء إلى السماء السابعة! وبمجرد شرائك السيارة بساعات قليلة، تتصل به فلا يجيب... تأتي للمعرض لمقابلته، فلا يقابلك، وإن قابلك، فقد تفاجأ بقوله"وهو مكشر تكشيرة موظف جمارك منفذ الحديثة في شهر آب أغسطس:"عفواً.. أنا مشغول جداً.. أي خدمة؟!""قمة النذالة"! أليس كذلك؟"، وعندما تقول له"وكأنك تشحذ":"يا أخي أنا منذ أن اشتريت السيارة، وفيها مشاكل كثيرة! وأدخلتها للصيانة، وقالوا لي إن سيارتك"ما فيها شيء"! مع أن الخلل واضح والكل يلاحظه!"شوف لي حل الله يخليك"! ولو من باب الأخوة والصداقة!"يضحك في أعماقه على جملة:"الأخوة والصداقة"، ويحاول أن يتهرب منك... وإن لم يستطع، يقول لك:"يا أخي حل عني! روح اشتكي! خليني أشوف شغلي.!"ويذهب مسرع الخطى، مبتسماً لضحية جديدة! يقوم هؤلاء"المحتالون"بكل ذلك بسبب غياب الوازع الديني وانعدام البعد الأخلاقي في التعامل التجاري والشخصي لدى هؤلاء"المطففين"، معتمدين على طول وضعف الإجراءات القانونية التي قد لا ترد للمتظلم حقه منهم، إلا قبل وفاته بساعات... أقصد بعد وفاته بسنوات! [email protected]