أكدت النحاتة السعودية خلود آل مفرح أن المعارض الفنية تعاني من تكرر الأعمال بشكل سنوي من دون البحث عن التجديد واختيار أفكار جديدة على رغم وجود أعمال على مستوى عالٍ وتقابل بالتجاهل. وعزت ذلك إلى"الشللية"واستخدام"الوساطة"و"التحيز"في ترشيح وتقييم اللوحات والقطع الفنية الفائزة من قبل لجان التحكيم في بعض المحافل. ووصفت بعض الأعمال المعروضة بالرديئة وبأنها لا تعبر عن أي حس فني على رغم فوزها في مسابقات. وطالبت في حوارها ل"الحياة"بضرورة وجود جهة رقابية على الأعمال الفنية التشكيلية والمنحوتة من طريق إجراء اختبار يثبت بأن اللوحة هي فعلاً للرسام عن طريق البصمة والتحليل، لتلافي التلاعب وادعاء البعض بأنه صاحب العمل أسوة ببعض الدول التي تطبق النظام. وأشارت إلى أن عدد النحاتات السعوديات قليل، لذلك ليس لهم صوت في الساحة الفنية... فإلى نص الحوار: ما تخصصك الأكاديمي؟ وما الخامات المستخدمة في أعمالك؟ - تخرجت في كلية التربية - قسم التربية الفنية، تخصص خزف ومعادن، وأعمل في هذه المهنة منذ 8 أعوام، واستخدم غالباً خامات الطين، وأضيف بعض المعادن مثل الرصاص والألومنيوم والطين الخزفي، وللعلم فإن الخامات اختلفت عن السابق، إذ أصبحت الآن مغشوشة وبالنسبة إلى من يعمل في خامة الطينة صعبة وأستطيع أن أتحكم فيها. هل تنتمين إلى جمعيات معينة؟ وماذا قدمتْ لك؟ - أنا عضوة في"جماعة ألوان"و"مجموعة الفنانات السعودية"وهي مجموعة خاصة وخدمتنا جداً تتيح لنا فرصة المشاركة وعرض الأعمال والأفكار وقد قمتُ بتصميم بعض الشعارات لبعض المؤسسات الخيرية بحسب الطلب. يعتبر فن النحت من الفنون القديمة جداً التي اشتهرت على مر التاريخ والعصور السحيقة... برأيك هل هناك حدود لممارسة ضوابط معينة لفن النحت في مجتمعنا أم أن الأمر متاح من دون أي حاجز؟ - نعم هناك حدود وضوابط لممارسة فن النحت في مجتمعنا الإسلامي كما هو واضح في تحريم تجسيم الوجوه والملامح، ولم يحرمها الإسلام إلا لحكمة. كما أن الإسلام امتاز بالمرونة وليس بالتحجر كما وصفه بعضهم فهو دين ازدهار وتطور وحضارة وسلام فهو أمرنا بالتقدم وكل ما فيه سعادة الإنسان وراحته، ولكن في أُطر وضوابط شرعية تحفظ للعقل والفكر رزانة وتحفظ للإنسان كرامته فهو لم يحرم علينا فن النحت، بل أباحه بشروط وضوابط تميز الفن الإسلامي عن غيره ولذلك وباجتهاد خاص مني حاولت أن آتي بفكرة جديدة تثبت ذلك لغير المسلمين بحكم أنني فتاة متمكنة. وأن الإسلام دينٌ مرن فمارست النحت بدقة العصور الوسطى في النحت وحاولت قدر المستطاع المحافظة على دقة النحت وتفاصيل أخرى في حدود دينية بحسب اجتهادي الشخصي وعلى رغم ذلك أنا ما زلت غيرة متأكدة إن كنت محافظة على هذه الحدود تماماً أي أنها ليست إلى اجتهادات بشرية فحسب، وأسأل الله أن يعينني على ذلك. ما سبب قلة النحاتين في السعودية مقارنة بالتشكيليين؟ - سبب قلة النحت في بلادنا هو صعوبته فهو ليس بالسهل، لأنه يتطلب الكثير من الصبر والدقة والتجديد كما أن القطعة الواحدة تستغرق فترة طويلة لكي تصبح جاهزة كما أن الأخطاء الصغيرة مهما كانت في النحت ليس من السهل معالجتها، وإضافة إلى ذلك قلة الدعم لدينا لفن النحت والنحاتين من نواحٍ كثيرة منها إقامة المعارض الخاصة بالنحت فهي قلة وكذلك ورش العمل، إلى جانب ذلك صعوبة نقل القطع بشكل آمن. هل دعمت وزارة الثقافة مشاريعكم الفنية من طريق إنشاء أو تكوين جمعيات أو مؤسسات خاصة لفناني النحت في المملكة؟ - في الحقيقة لم يحصل إلاّ القليل من ذلك الدعم، وأتمنى من وزارة الثقافة والفنون أن تدعم النحت والنحاتين بشكل أكثر من ذلك، كما تدعم الفن التشكيلي. باعتبارك سعودية متخصصة في هذا المجال... ما الصعوبات التي تواجهك؟ وهل تطالبين بأشياء تساعد وتدعم موهبتك؟ ومن لها ذوق واتجاه لهذه الأعمال؟ - بصراحة أكثر الصعوبات التي تواجهني هي نقل الأعمال بشكل آمن، خصوصاً أنني عانيت من كسر بعض القطع النحتية عند النقل بسبب إهمال بعض القائمين بالإشراف على بعض المعارض بحيث يتم النقل عن طريقهم، ما حدا بي نقل الأعمال بنفسي للاطمئنان أكثر. وهذا يتطلب مني جهداً كثيراً ووقتاً أطول، لذلك أتمنى أن تكون هناك جهات متخصصة بهذه المهمات حيث تكون مسؤولة عن ضمان وسلامة الأعمال. يقولون إن القطعة التي يرسمها أو يصممها الفنان هي مرآة عاكسة وقراءة غير مباشرة لشخصيته وأفكاره أو إفصاح لتجربة قد مر بها تظهر على أعماله... هل هذا صحيح؟ - نعم، هذا صحيح، ولكن ليس عن تجاربه الخاصة دائماً فقد تعبر أحياناً عن تجارب ومعاناة أشخاص أخرين تكون قد أثرت في الفنان نفسه فعبّر عنها من منظورة الخاص. ما أبرز وأهم المنحوتات التي تقدّرينها ولها ذكرى خاصة في نفسك؟ - أكثرُ منحوتة أقدّرها هي أسرار في الثلث الأخير من الليل فلها مكانة خاصة عندي، ولقد أهديتها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وهي تعبّر عن روعة وجمال قيام الليل والخلوة ومناجاة رب العالمين. هل شاركت في معارض خارجية أو داخلية؟ - نعم، شاركت في الكثير من المعارض في داخل المملكة وحصلت على الكثير من شهادات الشكر والتقدير كما تلقيت بعض الدعوات للمشاركة في الخارج. إلا أنه لم تسنح لي الظروف للمشاركة، ولكن ستكون لي مشاركات خارجية قريباً. النحت ... حالة "مزاجية" ترى الفنانة خلود المفرج أنه ينقصهم كفنانات نحت جهات حكومية بإشراف وزارة الثقافة والفنون تختص بالنحت والنحاتين تدعم فن النحت وكذلك إقامة المزيد من المعارض الخاصة بنا، سواءً داخل المملكة أم خارجها لتبادل الخبرات والأفكار النحتية، كما ينقصنا إتاحة الفرص لتلقي الدراسات العليا في تخصص النحت في جامعاتنا وكلياتنا الخاصة في التربية الفنية، ولذلك أرجو أن تتاح لنا هنا في الجامعات والكليات فرص لبرامج الماجستير المتخصصة في النحت كما هو موجود في الجامعات الأخرى خارج المملكة. وحول رأيها ما اذا كان يختلف رسم ونحت الرجل عن المرأة؟ وهل يعجب أحدهما بعمل الآخر؟ بصيغة أخرى قالت :"أنا شخصياً لا أرى أن هنالك اختلافاً واضحاً بين أعمال الرجل والمرأة النحتية. أما الرسم فهناك بعض الاختلافات البسيطة... نعم هناك بعض الإعجاب بأعمال الطرفين تبعاً للذوق والتفكير... أنا لا أجد هنالك صفة سائدة في كل من فن الطرفين. معترفة أن مسالة الخروج بنموذج نحتي رائع يخضع إلى الحال المزاجية وأضافت:" الحال المزاجية لها دور كبير في إتقان العمل والفكرة وسرعة تنفيذها، بخاصة إذا كانت الحال المزاجية في انشغال وتعمق في الفكرة. لافتة إلى أن الداعم والمشجع الأول لموهبتها هي وأمها وزوجها في المقام الأول ثم العائلة.