في ضيافة سوق الفن الذي يعرض على شاشات التلفزة، لم نعد نتذكر عمالقة الفن وهم على خشبة المسرح يشدون بأصواتهم أجمل الكلمات، على أعذب الألحان من دون مؤثرات خارجية، يقفون طويلاً قد تمتد لساعات والمستمع يتمنى المزيد، تقف سيدة الطرب أم كلثوم وهي ترتدي الملابس المحتشمة، لم نسمع او نرى تلك الصور التي تعرض اليوم على الفضائيات، وهي حتماً ستدخل معظم المنازل ويتابعها الصغير والكبير على استحياء، خجلاً من نظرات طفل يبتسم لمن حوله من غرابة الموقف الذي لم يألفه في محيط مجتمعات محافظة. لقد تجاوز ما نشاهده على الفضائيات كل القيم والاخلاق والأعراف الانسانية على مر العصور... فن يدعو للانحلال الاخلاقي للبشرية جمعاء، فلماذا لا نعطي حق الكلمة المتجردة من الصورة والحركة فقط، كلمة تبحث عن رأيها في حق التعبير عما تشعر به من ألم في أطراف بدنها النحيل، في مقابل ممن يبثون علينا فناً ليس الا وسيلة لكسب المال، حتى ولو كان عن طريق التعري، فما الرابط بين الكلمة واللحن، والوقوف على خشبة المسرح، واحترام الذوق العام، وما بين فيديو كليب يعرض نسخاً، من نساء كتب لهن اسم فنانة وهي بعيدة تماماً عن الفن، إن ذلك يدل على العجز الذريع بتقديم ما يقبل المنافسة على النجاح وكسب المال والشهرة، لم يعد لهم أي علاقة بالفن لا من بعيد أو من قريب. إحدى الفنانات استضافتها قناة فضائية بعد النجاح الباهر، عندما استخدمت الفنان التركي المعروف بمهند لتستفيد من شعبيته الجارفة، سألتها المذيعة: كم كنت ذكية بهذه الفكرة قبل أن تظفر به فنانة اخرى غيرك؟ تجيب على السؤال وتقول: لم أعلم أن"مهند"له هذه الشعبية الجارفة، ولم اعرف أنه محبوب بهذا الشكل، أخرى مشهورة جداً بالجمال، يسألها المذيع: هل تستخدمين الاغراء؟ قالت: نعم، طالما يخدمني، هكذا يذكرن طرق الخراب من دون حياء ويعترفن من دون خجل أو وجل. لم يعد الفن الا عبارة عن مسلسل غنائي يحكي قصة تبدأ وتنتهي، أما عن الفنان او الفنانة فلم يعد أو تعد سوى طير يغرد خارج السرب.