عندما يقترب موعد سفر العاملة المنزلية إلى بلادها بعد أن قامت بواجباتها ومهامها على مدار عامين، يبدأ القلق ينتاب أفراد الأسرة خوفاً من أن تسرق شيئاً أو تعمل السحر لأفرادها، كما هو شائع في القصص التي تتداول في المجالس. اعتاد الكثير من الأسر السعودية عند سفر عاملتهم المنزلية على تفتيشها قبل ساعات من موعد سفرها، وأتى اختيار هذا الموعد تحديداً لاستعداد الخادمة للخروج من المنزل إلى المطار مباشرة، وهو ما يعني بحسب اعتقاد بعض الأسر أن العاملة أظهرت كل ما كانت تخفيه في غرفتها الخاصة أو في ملابسها أو في أي مكان آخر في البيت ووضعته في الحقائب. ويصل التفتيش عند بعض الأسر إلى التفتيش الذاتي، ما يجعل الموقف عنيفاً بشكل من الأشكال. وأحياناً يقابل هذا الإجراء برفض تام من العاملة المنزلية. هذا الرفض دعا أسراً إلى ابتكار حيل وأساليب للتفتيش، خصوصاً الذاتي منه، رغبة في عدم الاصطدام بالرفض وما قد يتولد عنه. عندما حان موعد سفر العاملة المنزلية التي كانت تعمل عند محمد الناصر قرر أن يفتشها وأغراضها، كعادته مع جميع الخادمات اللاتي عملن عنده من قبل. يقول:"فتشنا جميع الحقائب والملابس التي معها، وطلبت من زوجتي تفتيش ملابسها التي كانت تلبسها، فرفضت في بداية الأمر، ومع إصرارنا طلبت الخادمة الدخول إلى دورة المياه قبل التفتيش، فوافقنا لمعرفتنا بأنها تخبئ شيئاً وتريد إخفاءه". ويضيف:"بعد خروجها فتشت دورة المياه، فإذا بمنديل بداخله 4 آلاف ريال خلف المغسلة"، مشيراً إلى أنه لم يصر على تفتيشها، إلا لتزايد المفقودات في المنزل، ما دعاهم إلى الشك في العاملة المنزلية. وتستصعب بعض العائلات مواجهة الخادمة قبل موعد سفرها في حال الشك فيها أو التأكد من إقدامها على سرقة الأموال، خوفاً من هروبها أوالدخول معها في مشادات. يقول عبدالله الهديان:"بعد مرور تسعة أشهر من وصول العاملة المنزلية فقدت زوجتي خاتماً وأسورة من ذهب، وكانت الشكوك تتجه إلى العاملة الجديدة". ويضيف:"قررت أنا وزوجتي أن نعيرها لأخت زوجتي يوماً واحداً حتى نبحث في غرفتها الخاصة، وبالفعل تحصلنا على مفقوداتنا، وتركناها في مكانها حتى لا تشعر العاملة بشيء، ولن أفتح معها الموضوع لحين موعد سفرها". من جانبه، يقول مسؤول خدمات العملاء في أحد مكاتب الاستقدام هيثم المصري إن من الضروري أن يسفّر الكفيل العاملة المنزلية لديه إن رأى منها أمراً سيئاً، مشيراً إلى أنه من الأفضل أن تكون الملاحظة والمراقبة خلال الأشهر الثلاثة الأولى فترة التجربة، حتى يتم تبديلها في حال لم تصلح لأي سبب. ويضيف المصري أن مكاتب الاستقدام لا علاقة لها بتفتيش العاملة، فالكفيل أدرى بها إن كانت تستحق التفتيش أم لا، فهي موجودة عنده لمدة سنتين، مشيراً إلى وجود عائلات لا تفتش العاملات لديها، باعتباره تصرفاً"غير حضاري". أساليب متنوعة في التفتيش تعددت أساليب التفتيش أخيراً، تقول نورة علي:"عندما حان موعد سفر العاملة اتصلت بامرأتين عرف عنهما تفتيش الخادمات في مقابل مبلغ من المال قدره 200 ريال، امتهنتا تفتيش العاملات المسافرات"، مشيرة إلى أنهما تلقيان طلباً كبيراً من بعض الأسر، بسبب الحيل التي يبتكرانها لإقناع العاملات بتفتيشهن. وتضيف:"أفهمت المرأتان عاملتي المسافرة أنهما أتيا من المطار للتأكد وتفتيش الشنط والملابس حتى يسهل السفر، وما ان علمت العاملة بذلك، حتى رضخت واتبعت أوامرهما بكل يسر". وتتابع:"عثرت المفتشتان على بعض المسروقات، كان أبرزها أساور من الذهب كانت العاملة خبأتها داخل علبة لكريم الشعر". أما أم خالد فلها أسلوب آخر، فهي لا تخبر الخادمة بموعد سفرها، إلا قبل موعد مغادرتها للمطار بساعة، وتعيرها إلى أختها قبل السفر بيوم:"أطلب من الخادمة أن تجهز حقائبها وملابسها خلال الشهر الذي ستسافر فيه، لكن لا أخبرها بيوم السفر، وأقوم بتفتيش حقائبها وملابسها وغرفتها من دون علمها". أكاديمي: تفتيش الخادمات يجب أن يكون بشكل غير مباشر وملاحظ من الخادمة أكد رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة القصيم الدكتور محمد الشايع على احترام الخصوصية وحرمة الإنسان وحقوقه الشخصية، مشيراً إلى أنه لا يتفق مع تفتيش الخادمات بشكل عام، إلا إذا كانت هناك مفقودات في المنزل، على أن يكون التفتيش بشكل غير مباشر وملاحظ من العاملة المنزلية، حرصاً على مشاعرها. وأضاف الشايع أن المعاملة بين الخادمة وأفراد الأسرة مهمة وتؤثر في العلاقة بينهما، فكما تحب أن تعامل خارج بلادك معاملة حسنة فالخادمة تحب ذلك أيضاً، مؤكداً وجوب رسم صورة حسنة عن الإسلام والمملكة عند العمالة. وأكد على مسألة التوجيه والتوعية من الأسرة للعاملة بتزويدها بكتب وأشرطة بحسب لغتها تتحدث عن الأمانة والثقة والصدق وغيرها من الأخلاق الحميدة، مشيراً إلى أن هذا سيجعلها مهتمة بواجبها في المنزل ومحترمة له. وتساءل الشايع:"لماذا يظهر القلق والشك لدى الأسرة عند سفر العاملة؟". وزاد:"إذا أمنت خادمتك على بيتك وأطفالك، فالأولى أن تأمنها عند السفر".