صوّر الإعلام ودعاة تحرير المرأة الدور الطبيعي للمرأة بأنها زوجة وربة منزل، لا يهمها سوى الزينة والمكياج والموضة وأم حنونة لأطفالها، أي كل ما يتعلق بالعالم الداخلي للبيت، وهذه النظرة انعكست على العلاقات البشرية، وشجعت وسائل الإعلام تصوير المرأة في صورة القرون الوسطى. المرأة في وسائل الإعلام هي المرأة الغارقة في العطور واللآلئ والحلي، وتستغل شركات العطور ومستحضرات التجميل ودور الازياء وشركات صنع المفروشات وغيرها هذا الوضع وتتفنن في صوغ الإعلانات الدعائية التي تتسابق عليها مؤسسات التلفزيون والسينما والصحف والمجلات، كما تعمل هذه المؤسسات في حالات أخرى متأثرة في ذلك بالإنتاج الأجنبي على إظهار المرأة في ثوب عصري على آخر طراز، تدخن وتغلب الرجال في الكاراتيه، ذلك لإقناع المستهلك باقتناء جهاز للفيديو أو بركوب سيارة فاخرة. ?إن الإعلام في توجهه نحو هذا الفهم الخاطئ للمرأة وترسيخ صورة المرأة المسكينة والضعيفة وكعنصر جذاب، إذ أصبحت في كثير من الأحيان مادة دسمة لكثير من القنوات الفضائية لترويج برامج عدة من اجل زيادة عدد مشاهديها والربح، تفقد مصداقيتها وتتخلى عن وظائفها في التوعية ونشر الثقافة، ودورها الايجابي في توضيح دور المرأة ومحاربة الأفكار التي تطاردها وتحط من قيمتها، فكان يجب على الإعلام أن يضيء هذا الجانب إلا انه ساعد هذا التوجه عند بعض الأوساط في تصوير المرأة وكأنها سلعة معروضة للبيع من خلال الإعلانات التلفزيونية، ينبغي استعمال أجهزة الإعلام بشكل أكثر عمقاً وأوسع، يجب على وسائل الإعلام توضيح صورة المرأة وتفعيل دورها في المجتمع وتغيير المفهوم الخاطئ لدى الناس، وان تعكس حقيقتها ودورها في التنمية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وتدعيم نهضتها. ففي كثير من الأحيان يتغير مفهوم المرأة وصورتها تبعاً لتطور وسائل الإعلام وتقدمها، فنحن الآن في مواجهة إعلام الصورة والفضائيات، لذلك يجب ان تأخذ المرأة مساحة من اهتمام الإعلام تكون بحجمها وقيمتها مادام قد اعتبر نفسه وصياً عليها يرسم طريقها وشكلها ونظرتها للعالم الخارجي والداخلي. اذا كانت المنظمات الحقوقية تطالب بحقوق المرأة، وأنها شريكة الرجل في المجتمع، ويجب ان تنال حقوقها سواء بسواء، إذا كان مفقوداً أو مغصوباً!! ولكن لماذا السكوت عن حقها بحفظ شرفها وعرضها وزينتها؟ لماذا لا تطالب هذه المؤسسات الحقوقية أو الانسانية بردع هذا الاتجار بالنساء حيث أصبحت سلعة للترويج ووسيلة لجذب الزبائن والمتسوقين في المحال التجارية او المعارض الترويجية، اذا كانوا يعتقدون أن هذا تكريم لها بحجة أنها تعمل، ولكن الحقيقة أنهم يستخدمونها وسيلة للإغراء، فهذا العمل هو الرق بعينه وان اختلفت الطريقة والوسيلة. إنني أتساءل هل يقبل صاحب هذه الشركة أن يضع رجلاً لمقابلة الجمهور أو تسويق بضاعته أو دعاية إعلانية، طبعاً لن يقدم القيمة التي سيقدمها لو قامت المرأة بهذا فلربما كان الضعف؟ وإذا كنا نتحدث عن المرأة العربية المسلمة التي كرمها الله وجعل مقامها عظيماً، فهي الأم الحنون والزوجة المصون والأخت الغالية والبنت البارة المطيعة، عندما يصنعها أعداء المرأة الدمية المزخرفة الساذجة، يصنعونها بما يتناسب مع أذواق الرجال وتفريغ المحتوى الداخلي من شخصيتها وفكرها، منذ نعومة أظفارها وحتى الكبر فهي أنزه من أن تنتهك كرامتها وحرمتها والله عز وجل قد صانها وأعلى مقامها وذكرها. ألستم معي أن هناك حركة متقنة ومدروسة بذكاء، تهدف إلى تدمير أنوثة المرأة وتجميد كينونتها كإنسان له رأي وشخصية وموقف، يتحرك لأهداف أكثر شمولية من حدود الحس والجسد والغرائز؟ لقد أصبحت سلعة لا تقل عن الماكينات الكهربائية المستهلكة في البيت وعلب السجائر. أدخلت علينا العولمة الفكرية والثقافية مفاهيم صارخة مدمرة مدروسة دراسة نفسية، تعلن في مضمونها تدمير المجتمعات الإسلامية عن طريق المرأة، وهذا الهوس الجنوني العابث، الذي حولها إلى دمية باردة المشاعر، ميتة الإحساس، مسمومة الأفكار، وضيعة الاهتمامات. وقد بلغ بالبنات المراهقات ان تحولت طموحاتهن الفتية الى تقليد عارضات الأزياء أو راقصات الاستعراض، مما أوقعهن في مشكلات صحية وعاطفية ونفسية، وخلق لهن خطاً مغايراً لواقعهن، وتحدياً لكل التقاليد التي تحافظ على حيائهن. المرأة الدمية هنا هشة الشخصية من السهل الإيقاع بها، لأنها تبدو خاوية العقل لاتعتمد في خطواتها على أرض صلبة، ولا تملك الدرع الواقية من الدين والأخلاق والعفة الذاتية التي تصونها من التلاعب والضياع. فالمرأة العفيفة بوابة المجتمع المتينة تحميه من الهجمات الشرسة والضربات القوية، تقف ثابتة صلبة أمام الهزات العنيفة، لهذا نحن أحوج ما نكون أن نعلم بناتنا وصغيراتنا الناعمات ونساءنا المتزوجات، أن العفة قيمة ذاتية تحس بها المرأة، وهي الضمير المتحرك في ذاتها قبل قطعة القماش التي تضعها فوق رأسها، فالعفة الفكرية والنفسية وطهارة النفس هي حجر الأساس الذي تبنى عليه شخصيتها، حتى تحمي نفسها من طوفان مشاعرها وأهوائها، وتحكم عقلها لتحافظ على نفسها كفتاة صغيرة مسؤولة مستقبلاً أمام شريك حياتها وأولادها. هكذا هي المرأة... عطر الطبيعة الأخاذ، ورذاذها الناعم، الذي يرطب قسوة الحياة، والأنوثة، لون الأرض الخضراء، وسكون القمر، وهي الحزن والفرح والنور بمشاعرها المتدفقة، لا كما يريدها سماسرة العصر دمية متحركة. [email protected]