اليوم يتضاءل الحزن المتبقي لفصل لافت مثير، عله يكون الأخير في مسلسل دموي فائت، عبر محاكمة المتسببين المباشرين والمتسترين في قضايا الإرهاب المحلية الذين اختاروا الوطن ضحية، وأفراده الأبرياء كباش فداء، وما أقسى أن يكون الوطن الضحية فيما الآخرون يقدرون قيمته ويرون قامته، ويحلمون بساعات روحانية خاطفة على أرضه، يأتي أبناء ممن رضعوا حبه مع حليب الأمهات، ويصرون على أن قيمة الوطن لا تساوي في الأذهان والقلوب شيئاً! شبابُ مغسول العقول يقتل بعشوائية، وبدم بارد، ولجوء مخزٍ للعنف، والتدمير، والقتل والتفجير، ونحن شركاء في الدين والدم والوطن"مَرْبَط الألم"، فسروا تعاليم وشرائع هذا الدين الحنيف بما يخدم أهواءهم، وتطلعاتهم وبما يحقق مآربهم وغايتهم الذاتية الشيطانية فقط، فيما الممولون والداعمون من الخلف يسجدون ويكبرون ويتبادلون التهاني، ويوزعون بشائر الفرح، ويختزلون الجنة في مثل هذا المشهد الدموي، بعد حشدهم للجهود والإمكانات زمناً فائتاً نحو وطن لم يهيأهم لمثل هذا، لكن شبابنا لا"يعلمون"وفوق كل هذا مغيبون، فلو كان الداعمون مؤمنين تمام الإيمان بأن القدوم للموت عبر هذه الأعمال صانع لمجد أو جالب لحق لما سبقهم إلى ذلك أحد، ولكن النوايا مبيتة، والنفوس مريضة! بتعرضها"لوحل الإرهاب"دفعت بلادي ثمناً باهظاً، واتجهت شخصية الفرد السعودي إلى خندق"التهم المتعددة"ومن يفجر العنف في وطنه سيتوقع فيه كارثة، فيما المجتمعات العربية لم تعد تحتمل أخطاءً تتوالى تباعاً، ونحن نشكل فيها الرقم الأصعب وحجر الزاوية، ولا يمكن لعاقل على وجه البسيطة أن يقبل بأن تتعرض بلاده لتلك الأعمال المؤلمة والتي راح ضحيتها أبرياء. لذا كانت محاكمة الإرهابيين مطلباً ملحاً حتى نخفف كثيراً من تداعيات الأحداث، لأن السكوت عن هذه الأفعال هو بمثابة طعن وخذلان صريحين للدين أولاً، ومن ثم لوطننا، وبمثابة ضُرِب في"القلب"من بعض أبنائه الذين غابوا عن الوعي، وأصروا على ترتيب مسبق مع محرضين جبناء، ومخططين بُلْهاء لتنفيذ ما اعتقدوا في لحظة غباء انهم سيزعزعون أمن وسلام وطن معطاء. المحاكمة التي لن تخرج بالتأكيد عن إطار شرعي تأتي بعد كشف كل الخطوط والخيوط، وكشف خريطة الأسماء، وتفاصيل الطرق التي دفعت بالمضللين فكراً إلى بِرَكْ الدماء، ولنا أن نسأل عن الضريبة البشرية والمادية التي دفعها الوطن جراء أهواء وطموحات أفراد لم يلامسوا النجاح في مسيرة الحياة لينتقلوا بالجنون والطيش ويكتبوا الكارثة على جبين الوطن، وما بين المنفذ والمخطط يتساوى العقل الإرهابي، لكن الفكر الشيطاني يتفاوت كثيراً، وعلينا من هنا أن نبدأ حماية للقادمين بالالتفات والتركيز على كل المحرضين والمخططين ونقضي على كل أوراقهم حتى لا نفاجأ بشباب لا يعرف من التنفيذ إلا اسمه ويُقْضى على أحلامهم المشروعة بفعل فاعل، فيما الرؤؤس الكبار تعد العدة لعمل فاشل آخر. لنقلص بالمحاكمة من وجع سنين عشناها تحت وطأة مفردات الغدر، والخيانة، والعمالة التي قطعت القلوب، وجعلت من بلدي أوكاراً لقذائف ال"آر. بي جي"، والسيارات المشركة بالديناميت، والأسلحة المختلفة، لنتجرد من كل العواطف ونعاقب كل من أحال أجزاء من أرضنا إلى كابوس أمني، ولنفضح كل فكر دخيل، وكل من يقف أمامه أو وراءه فعلاً وقولاً وتحريضاً وموافقة، ولنتأكد دائماً أن الوطن تجاوز كل النقاط السوداء بثبات، وتحمل كل الطعنات بشموخ، لأنه بلد آمن بنص شرعي، وسخي برجاله الغيورين حتى وإن خطط المارقون عن الدين للإيقاع به. [email protected]