العالم العربي يجلس على فوهة بركان تكاد تنفجر ما بين الفينة والأخرى، وللأسف الشديد ندعو جميعاً للاجتماعات الطارئة ومؤتمرات القمة، ونتجاذب فيها أطراف الحديث ونتحدث في القضايا المُلحة التي طرأت على السطح والمستجدات، ونملأ بها وقائع ودفاتر الاجتماعات من غير أن نجني فائدة تعود على الأمة العربية بالخير والبركة، أو في حل قضية من تلك القضايا التي تورق الأمة العربية، أو في وقف نزيف الدم الذي ينزف في بعض الدول التي نراها كل يوم عبر الشاشات والفضائيات وأمام أعيننا حتى ألفنا ذلك المنظر الدموي. إذاً ما العمل العربي المشترك الذي يمكن بموجبه أن نجعل العالم الغربي يحترم إرادة الأمة العربية ويرضخ لقراراتها؟!... سؤال يدور بالخاطر ولم أجد له إجابة شافية. وأيضاً ما أهمية العلاقات التي تربط بين الدول العربية الشقيقة والروابط التي تجمع بينها وضرورة تكامل الجهود العربية للتعامل مع التحديات التي تواجه العالم العربي والعمل العربي المشترك متى وكيف؟ ومتى نتخذ القرار الموحد الذي يرمز إلى وحدة الدول العربية كافة من أجل حماية أي دولة عربية ضد التوغل الغربي المستعمر؟! وكيف يتم إنهاء التوترات الإقليمية في المنطقة؟ وماذا جنت لنا أساليب الحوار والتفاهم طوال الفترات السابقة التي مارسنا فيها كل الأساليب المقنعة من دون جدوى وما نتج منها من ردود أفعال لم تخدم المصلحة العربية؟ فنظراً لأن الدول الغربية لا تؤمن بغير سياسة القمع والحروب، لذا يجب علينا أن نمارس معهم السياسات نفسها التي ينتهجونها، ولدينا السلاح الأقوى من الأسلحة النووية، لدينا السلاح الأسود"النفط"الذي تحارب من أجله أميركا في العراق والسودان وغيرهما وفي أي دولة عربية تنتج النفط، أيضاً ستدور عليها الدوائر مثلما دارت على تلك الدول، وهي تمتلك الحجج الواهية التي تتخذها ذريعة لمهاجمة أي دولة والسيطرة على إنتاج النفط لديها. لذا نجد أن القضايا المُلحة التي يواجهها العالم العربي في فلسطينوالعراق ودارفور والصومال والقرن الأفريقي وموريتانيا وفي الخليج العربي، هي قضايا تقتضي عملاً وطنياً موحداً في الأساس. وموقفاً يجب أن يكون فاعلاً على كل الأصعدة العربية ومؤسساتها السياسية والثقافية والمدنية لمجابهة هذا العدوان الغربي. وهذا الثقل العربي يحتاج إلى قائد محنك وربان ماهر ليقود هذا الركب العربي ويجمع كلمة الأمة العربية تحت لواء واحد، ويجب علينا تحديد ذلك القائد بالإجماع العربي لممارسة دوره القيادي والسيادي للأمة العربية وتخليصها من هذه الأزمات التي تعاني منها. وسيكون دوره فاعلاً في مثل هذه القضايا العربية والإسلامية التي تكبح به جماح تلك الدول الغربية الطامحة والطامعة في ثروات الدول العربية، وستكون مطالب الأمة العربية عبرها، وهي مطالب محقة وصوتها يكون مسموعاً في المحافل الدولية. لأن العالم لا يحترم إلا القوي، وإذا تكلم العرب بصوت واحد وقلب واحد، فإن ذلك يمثل القوة التي تفرض على العالم الاستماع إليهم والإقرار بمتطلباتهم مهما كان ذلك، فاتحاد الدول العربية جميعاً قوة في حد ذاته، لذا يجب الإسراع في جمع الصف. فالعرب يعيشون حالاً من التفكك أفقد الأمة الكثير من احترام العالم، في حين أن الله عز وجل في كتابه الكريم يأمرنا بالتكاتف والتعاضد، وأن نكون أمة يشار إليها بالبنان، وأن نكون صفاً واحداً كالبنيان يشد بعضه بعضاً.