مع تنامي أشكال"النقاب"والبراقع النسائية الحديثة، من نقاب"شاعر المليون"و"السنارة"إلى"لميس ونور"، خرجت فتاوى ك"رد فعل"تحاول الحد من انتشار تلك البراقع وتعتبر أنها تكشف أكثر مما تستر. وعلى سبيل المثال رأى الداعية السعودي محمد الهبدان أن النقاب الموجود في الأسواق حالياً"لا يصح ارتداؤه"بحجة أنه"يُظهر عيني المرأة ووجنتيها". وقال الهبدان في لقاء على إحدى قنوات"المجد"إن النقاب المشروع هو ما ذكره ابن عباس حينما قرأ آية الحجاب"فغطى وجهه وعينيه وأبدى عيناً واحدة صغيرة، وقال:"هذا هو لترى الطريق"، ومؤكداً أن من أرادت أن تتنقب فلتفعل هذا"كما فعل ابن عباس"! واقترح على النساء نقاباً شرعياً وهو نقاب يوجد به تقاطيع وعليه"طرحة"وقال:"من الممكن أن تكون منطقة العينين مثل تقاطيع الشبكة وعليها أيضاً طرحة، فإذا أرادت أن تمشي تدع الطرحة، وإذا أرادت أن ترى سلعة ترفع الطرحة". لم يقتصر رد الفعل، على ما طرحه الهبدان، على المواقع الالكترونية ومنتديات"الانترنت"، بل تعدى ذلك إلى بعض الصحف الخليجية وبعض الوكالات العالمية. وأوجد هذا الطرح للهبدان أسئلة مثل: هل هناك اطراد بين صراعات الموضة وبعض الفتاوى؟! وهل ما يطرحه الدعاة في حلقات الذكر والمساجد للنخبة خصوصاً، يستحق أن يطرح أمام ملايين المشاهدين؟! تصف الكاتبة سمر المقرن فتوى الهبدان ب"الأمر الغريب"في توقيتها، كون أن ما قاله ليس جديداً،"فهناك علماء قالوا بمثل قوله"، مطالبة بوضع حد للفتاوى الغريبة واللافتة. وتقول المقرن:"إن العالم الخارجي لا يفرق بين"الرأي"و"الفتوى"، حتى إذا كان البعض يقول إن ما طرحه الهبدان يُعد رأياً لا فتوى"، متهمة بعض الدعاة بطرح آراء شاذة لنيل الشهرة،"فبعض الفتاوى كفيلة بنقل أصحابها إلى الصفحات الأولى في الصحف الغربية والقنوات، وهذا ما يدركه كثر". وتضيف:"إن الاهتمام بصورة الإسلام ومن ثم صورة السعودية، ضرورة ملحة اليوم، ومثل هذه الآراء تسيء للإسلام بتشويه صورة المرأة، وسيكون السؤال الذي سنسمعه في وسائل الإعلام الغربية: كيف تكون المرأة بعين واحدة؟! ولن يدرك أحد أن مسألة النقاب فيها خلاف. وفي رأي مختلف تماماً عن رأي المقرن، تقول الداعية الإسلامية حصة الحمد:"إن الأصل في حكمة مشروعية النقاب هو درء المفاسد واجتناب المهالك التي تسهم فيها المرأة عبر تبرجها وإظهارها لمفاتنها"، وتضيف:"لو كان التبرج لصالح المرأة لما شهدنا اليوم أنواع وأشكال المفاسد التي ابتلى الله بها المجتمعات التي تدعي الانفتاح والتحرر عبر التبرج"، مؤكدة أن كل نقاب وضع من أجل التزين يعتبر غير شرعي ولا يجوز. ولكنها تخالف الهبدان أيضاً، فهي ترى أن الأصل في النقاب تغطية العينين:"للأسف في واقعنا اليوم نجد أشكالاً من النقاب الذيپيُظهر العينين وهو مخالف للشرع، إذ إن الأصل في النقاب الشرعي أن يتم تغطية العينين، خصوصاً أن العينين تعتبران مكمناً لمفاتن المرأة وجمالها، إضافة إلى أنه يمكن قراءة نفسية المرأة من حزن أو فرح من خلالهما". وشددت على أنه يجب أن يغطي النقاب العينين تماشياً مع حكمة مشروعيته، مستدركة أنه"يجوز عند الضرورة الكشف عن عين واحدة، في حال عدم تمكنها من الرؤية، أو وجود صعوبة في أداء مهامها الحياتية". وعلق أستاذ نظم الحكم والقضاء والمرافعات الشرعية بجامعة الملك عبدالعزيز، عضو مجمع الفقه الإسلامي بجدة الدكتور حسن بن محمد سفر في على هذه الفتوى بقوله:"أن فقهاء الصحابة لم يُؤثر عنهم أن قالوا أن تحجِب المرأة وتُسدل الحجاب على عين وتفتح أخرى، وكل الفقهاء قالوا إذا كان هناك فتنة فيجب على المرأة أن تغطي وجهها، انطلاقاً من حديث النبي"صلى الله عليه وسلم"للمرأة الخثعمية التي أمر النبي"بصرف وجه ابن عباس عن المرأة، وان تصرف هي وجهها"، واعتبر عضو المجمع أن في هذه الفتوى"ليٌاً لأعناق النصوص الصريحة والواضحة، وأن مثل هذه الفتوى قد تثير السخرية وتثير اللغط بين أوساط الغربيين فتقدم الصورة سيئة في هذا". مضيفاً:"أن المرأة عندما أباح الشارع لها كان وفق مقاصد، فهناك حكمة وعندما منعها كان أيضاً وفق مقاصد خاصة وان كانت فاتنة"، وذكر سفر أن النقاب الشرعي لم تأتِ صورته وكيفيته بل يتغير من أصل لأصل، وإنما جاءت خطوط رئيسة من الكتاب والسنة حول الستر للمرأة وعدم إبراز مفاتنها، فإن كان الوجه فيه فتنة فمن الأفضل إسدال الستار في حدود، فلا تغلق عينا المرأة كأن بها عمى ولا ترى شيئاً، وهذه النظرية الإسلامية التي اعتمدتها المذاهب الأربعة".