عوضت سوق الأسهم السعودية خلال اليومين الماضيين جانباً كبيراً من خسائرها التي منيت بها منذ استئناف التداول بعد إجازة عطلة عيد الفطر المبارك، فيما يسود حال من التفاؤل أوساط المتداولين، وسط مخاوف من حدوث تداعيات جديدة في الأزمة المالية العالمية، وعمليات جني أرباح قد تؤدي لحدوث ارتدادات عكسية في السوق. راجع ص 20 و 23. واكتست شاشة التداول باللون الأخضر أمس لليوم الثالث على التوالي، واسترد المؤشر العام عند الإغلاق 463.73 نقطة، نسبتها 7.3 في المئة، ليقترب من تخطي حاجز ال 7 آلاف نقطة، إذ أنهى التعاملات عند مستوى 6828.96 نقطة، ليقلص خسائره منذ مطلع السنة إلى 38 في المئة. ويرى اقتصاديون ومحللون أن حال القلق والتوتر الذي أصاب المتداولين تلاشى تدريجياً خلال اليومين الماضيين، وهو ما اتضح من السيولة الكبيرة التي دخلت السوق، مطالبين في الوقت نفسه بوقف الاكتتابات الجديدة، ووضع تسهيلات لدخول المستثمرين الأجانب. وقالوا ل"الحياة"إن زوال القلق والخوف الذي سيطر على المتداولين كان سبباً رئيسياً لارتفاع السوق، وذلك بعد تصريحات المسؤولين السعوديين والدوليين، والتي تضمنت سلسة من القرارات الإيجابية طمأنت المواطنين، مشيرين إلى أن السوق باتت أكثر جاذبية للشراء بعد أن هبطت الأسعار إلى مستويات متدنية. إلى ذلك، تراجعت ادارة الرئيس جورج بوش عن معارضتها"تأميم"مصارف او بعض رؤوس اموالها. وقال وزير الخزانة هنري بولسون"علينا القيام بذلك لإعادة الثقة الى النظام المصرفي"، مضيفاً:"نأسف لاضطرارنا الى القيام بمثل هذه التحركات، اجراءات اليوم ليست ما كنا نتمناه، لكن علينا القيام بها لاستعادة الثقة في نظامنا المالي". وشدد على ان"تملك الحكومة لحصة في اي شركة اميركية خاصة أمر غير مرغوب به لمعظم الاميركيين بمن في ذلك انا". وضخّت الادارة 250 بليون دولار لشراء اسهم تفضيلية في كبريات المؤسسات المالية، وحتى الصغيرة منها. وعلى رغم بدء تطبيق خطط الانقاذ في الولاياتالمتحدة واوروبا تباطأت مسيرة استعادة البورصات الدولية عافيتها ومستوياتها السابقة مع الاقبال على بيع اسهم شركات التكنولوجيا والخدمات والمصارف وسط قلق من أن ازمة الائتمان ستؤثر سلباً في ارباح الشركات وفي قوة اقتصادات الدول الصناعية ومتانتها وستقود الى الركود. وقال الرئيس جورج بوش ان الحكومة ستضخ رأس مال بشكل مباشر في المؤسسات المالية عبر شراء حصص من الاسهم"للمساعدة في فك جمود أسواق الائتمان الناجم عن انهيار سوق الاسكان". واكد ان البرنامج"اعد بعناية لتشجيع المصارف على اعادة شراء تلك الاسهم من الحكومة عندما تستقر الاسواق وبإمكانها جمع رأس مال من مستثمرين من القطاع الخاص". وأصر على أن الخطوات الحكومية ستكون"محدودة وموقتة"ولا تهدف للاستحواذ على السوق الحرة. ويمثل قرار المساهمة المباشرة في رؤوس اموال المصارف تراجعاً عن النهج السابق من جانب الادارة الاميركية الحالية بعدما كان بولسون ابلغ الكونغرس في وقت سابق بأن القيام بذلك اقرار بالفشل. وينص البرنامج، الذي اعلنه بولسون، على أن تشتري الحكومة أسهماً ممتازة في مؤسسات مالية مؤهلة، بحيث لا تزيد الحصة في كل مؤسسة على 25 بليون دولار أو ثلاثة في المئة من الاصول المرجحة المخاطر. وحدد مهلة للمصارف لتقديم طلبات الى الحكومة من أجل الشراء تنتهي في 14 تشرين الثاني نوفمبر. وقال بولسون ان تسعة مصارف، وهي مؤسسات غير متعثرة، وافقت على بيع حصص للحكومة من أجل مصلحة الاقتصاد الاميركي. في الوقت نفسه، ومع المكاسب الخجولة في اسواق الاسهم الاوروبية، على رغم الركود المتوقع في دول كتلة اليورو، قال رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروزو انه يرى"الضوء في آخر النفق لكننا لم نصل الى النهاية بعد". وكان بولسون استدعى الرؤساء التنفيذيين لكل من"سيتي غروب"و"غولدمان ساكس"و"ويلز فارغو"و"جي بي مورغان"و"بنك اوف اميركا"و"ميريل لينش"و"مورغان ستانلي"و"ستيت ستريت كو"و"نيويورك ميلون كو"، وابلغهم بضرورة قبول الاشتراك في خطة الانقاذ ومساهمة الحكومة الاميركية في رؤوس اموال مصارفهم وأن عليهم ضخ الاموال التي سيحصلون عليها في الاسواق وليس التحفظ في انفاقها. وذكرت"بلومبيرغ"ان هذه المصارف ستحصل وحدها على 125 بليون دولار بينما سيتوزع المبلغ الباقي من اصل 250 بليون دولار على المصارف وبيوت المال الباقية ولضمان تطور العمل المصرفي. واشارت الى ان وزارة الخزانة ستتملّك ما نسبته 15 في المئة من الاسهم التفضيلية في هذه المؤسسات المالية وبقيمة السهم الذي تحدده الاسواق وقت الشراء. وستتقاضى الخزينة الاميركية مردوداً بنسبة 5 في المئة في السنوات الخمس الاولى و9 في المئة بعد ذلك وسيحق لكل مؤسسة اعادة شراء هذه الاسهم بعد ثلاثة اعوام.