جاء تكريم الله عز وجل للجنس البشري عامة من دون تمييز أو تفرقة، والإسلام أول من نادى بحقوق الإنسان وتكفل برعايتها والدفاع عنها، قال تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً سورة الإسراء"70"، لذا فإن الوعي بحقوق الإنسان واجب على الجميع من منطلق ديني، لأن الإنسان هو الأساس الذي من أجله أقرت هذه الحقوق، كما أن الدفاع عن حقوق الإنسان من أهم الواجبات للأمم والشعوب، وكذلك الوعي بتلك الحقوق هو اللغة المشتركة للإنسانية جمعاء، وقضية حقوق الإنسان ومراعاتها أصبحت من أهم القضايا العالمية، وأساساً لتقدم المجتمعات وتحقيق الرفاهية لأبنائها، واحترامها يعد من أهم المعايير التي تحدد العلاقات والمعاملات الدولية، كما أن الحديث عن حقوق الإنسان ازداد زخماً، حتى كاد يكون الهدف الأسمى على مستوى العالم المتحضر. وتؤكد الدساتير الوطنية على إبراز هذه الحقوق والمحافظة عليها وحمايتها من أي انتهاكات، ويغيب عن البعض أن حقوق الإنسان مستمدة من رسالة الإسلام الخالدة، فعندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي لحقوق الإنسان في ديسمبر كانون الأول 1948، لم يدرك القائمون على صياغة ذلك الإعلان أن رسالة الإسلام أقرت تلك الحقوق قبل ذلك التاريخ ب14 قرناً، إذ ضمنت للإنسان كرامته وحريته بعدل ومساواة، محافظة على حقوق الجميع بلا تفرقة أو تمييز، فاليهود وغيرهم ممن كانوا يعيشون في المدينةالمنورة أو خيبر، ضمن لهم الإسلام الأمن والحرية في التجارة، فالإنسان له حقوق وعليه واجبات، والإسلام أول من أرسى ونظم قواعد حقوق الإنسان الطبيعية وتكفل برعايتها والدفاع عنها والمحافظة عليها. إن معظم مبادئ حقوق الإنسان موجودة في النصوص الإسلامية"القرآن الكريم والأحاديث الشريفة"، بل إن بعض المصطلحات المذكورة في تلك النصوص موجودة فعلاً في المواثيق الدولية التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مثل: الاعتراف بالكرامة المتأصلة في الإنسان. والمساواة في الحقوق من دون تفرقة أو تمييز. واحترام حقوق الإنسان والتحرر من الخوف والفاقة. والحقوق في الأمن والتنمية والتعليم. فكرامة الإنسان من أهم مبادئ الإسلام الراسخة، إذ يقول الله عز وجل ولقد كرمنا بني آدم وذلك يعني تكريماً من الخالق لكل إنسان مهما كان، وإقراراً بحقوق الإنسان بلا تمييز. كما جاء الإسلام بحفظ الحقوق الإنسانية الخمسة: النفس والعقل والدين والعرض والمال، وهناك توجيه من سيد البشر محمد"صلى الله عليه وسلم"بالعدل في الرعية، وأن العدل هو أساس الملك، وقد ورد في الهدى النبوي الشريف أن"الناس سواسية كأسنان المشط". إن رسالة الإسلام أقرت مبادئ حقوق الإنسان في العيش بأمان وحرية وسلام، كما ضمنت للإنسان حقوقه الاجتماعية والسياسية لأن الاسلام دين ودولة، قال عز وجل: وأمرهم شورى بينهم. وبعد ذلك كله ألا يحق لنا أن نعتز ونفخر برسالتنا وأن نعمل على نشر الفضيلة والكرامة والعدل والمساواة وثقافة التسامح والمحبة والسلام بين الجميع. إن ديننا هو دين السلام، واسلامنا مشتق من كلمة السلام، والسلام والحق صنوان لا يفترقان، اذ لا سلام من دون إحقاق للحق. فلماذا لا نبرز تلك الرسالة النبيلة؟ ولماذا لا نصدع بتلك المبادئ السامية للعالم أجمع... ونعرف العالم بأن الاسلام هو أول من شرع قانون حماية الانسان والدفاع عن حقوقه؟ ولماذا لا نكون أول من ينادي بالاعلان العالمي الأول لحقوق الانسان؟ لماذا لا نوصل رسالتنا الانسانية الحضارية الى العالم أجمع؟ ان التعاون مطلوب من الجميع للوصول الى تحقيق الأهداف السامية لحقوق الانسان وابراز الجوانب المشرقة لرسالتنا السمحة وايصالها للعالم عبر وسائل الاعلام. وهذه مسؤولية مشتركة تتطلب وعياً بأهمية حقوق الانسان، وإعداد برامج اعلامية هادفة توضح سماحة الاسلام وانه مصدر تنوير وإشعاع للبشرية. إذاً حقوق الانسان ليست فكراً غربياً كما يدعي أعداء هذه الحقوق، فهم يزعمون ان حقوق الانسان ترفاً يمارسه بعض المثقفين ولا يمكن تطبيقه عملياً. والحقيقة أن جميع الأديان السماوية، وفي مقدمها الاسلام، هي التي شكلت الاساس الفكري لمنظومة حقوق الانسان وحرياته... ومن الحقائق الثابتة هي أن الاسلام شرع حقوق الانسان وأحاطها بضمانات لحمايتها... قال عز وجل: ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير، داعياً أمة الاسلام ان تسارع الى فعل الخيرات، وقد كانت خطبة الوداع للرسول الكريم"عليه الصلاة السلام"خطبة جامعة لمكارم الاخلاق والحقوق والواجبات، نظمت العلاقات بينهم وبين الأقوام على أساس من المساواة واحترام مبادئ حقوق الانسان، وحثت على المحبة والتسامح والعدل والحوار البناء الهادف. لذلك يجب على المسلمين أفراداً وحكومات أن يسهموا في الحركة العالمية لحقوق الانسان، وألا يترددوا في المشاركة الفعالة في وضع الاتفاقات الدولية لحقوق الانسان والانضمام اليها، وتعريف العالم بحقوق الانسان في الاسلام من حقوق شملت المرأة والرجل والشجر والحجر. فلنتعاون في ايصالها الى البشرية عبر الاساليب السلمية وكلنا أمل ورجاء ان نحتفي في المستقبل بيومنا العالمي لحقوق الانسان، ونحن أكثر وعياً بمبادئ حقوق الانسان الطبيعية، وان نرى ونسمع ونقرأ إعلامنا الرصين المخلص، موصلاً الرسالة الحضارية الاسلامية الى جميع أنحاء المعمورة، مؤكدين للعالم اجمع ان رسالة اليوم العالمي لحقوق الانسان لم تعلن منذ نصف قرن من نيويورك فحسب، بل أعلنت بنزول الوحي منذ أربعة عشر قرناً في مكةالمكرمة... أفلا يحق لنا إذاً أن نفخر ونعتز ونحتفي بتلك الرسالة.. لا تتركوا رسالة حقوق الانسان بأيدي الآخرين، فنحن أولى وأحق بها... لا تدعوها... فيوماً ما قد تصبح سيفاً مسلطاً على المسلمين.