العرب قبل الإسلام كانوا قبائل متناحرة، ففي الشرق إمارة المناذرة التابعة للامبراطورية الفارسية، وفي الغرب دولة الغساسنة الموالية للامبراطورية الرومانية، والجنوب مستعمر من الأحباش، وفي الوسط يعملون في التجارة وأسواق الشعر، إذ يقول شاعرهم: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا حتى أتي الإسلام ووحدهم وانتشر في مختلف بقاع الأرض، عندما كان الأصل في الدين الاتباع والأصول في شؤون الدنيا الابتداع، وبعد ان زاد التوسع في علوم الدين والجمود في علوم الدنيا صارت الاحداث تدفع العرب للفرقة والعودة الي العصر الجاهلي، ففي الوقت الذي وصل فيه العالم المتطور الى سطح القمر لا يزال العالم العربي في خلاف حول الرؤية العلمية للهلال، وبدلاً من الدعوة الى بناء مرصد على جبال مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة تحت اشراف طاقم من العلماء لمتابعة بداية الشهور الهجرية بطريقة علمية بعيدة عن الشك، تجد البعض يشغل الأمة في مواضيع فرعية، مثل منع الاختلاط الذي هو سنة الحياة، فاستحدثت محاكم ومطارت خاصة بالنساء، ووزارة للنساء وربما يصل الأمر لاستحداث دولة مستقلة للنساء، هكذا تسير الأمور، فأصحاب الثروة عادوا الى رحلة الشتاء والصيف عن طريق المساهمات. واصحاب الفكر استحدثوا برنامجاً ل"شاعر المليون"لإحياء العصبية القبلية، ويفتخر شاعرهم بأوصاف ناقته، في الوقت الذي تعرض فيه الشعوب الأخرى صواريخها وصناعاتها الحديثة في الغرب والشرق، ويتعاونون في ما بينهم لامتصاص خيرات الشعوب الضعيفة، ونشر النعرات العنصرية والمذهبية بين أفرادها، حتى يسهل على الدول المستعمرة الاستمرار في تقاسم ثروتها وجعلها سوقاً لمنتجاتها. إن الغرب يتصارع مع الشرق على المنطقة العربية، وقد ظهرت معالم هذا الصراع في هذا الزمن بين أميركا وإيران، فإيران تقوم بدور الفرس القديم، وأميركا تمثل دور الروم، والعرب يحلون محل المناذرة العرب اتباعاً للفرس، وبذلك يعيد التاريخ نفسه وتموت الأمة بتفرقها.