بعد سوسة النخيل الحمراء، التي قضت على نحو ثلث النخيل في محافظة الأحساء، جاء الدور على"الوجام"، الذي حذر الأستاذ في قسم وقاية النبات في كلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل الدكتور خالد عبدالله الهديب، من خطورته على أكثر من ثلاثة ملايين نخلة في محافظة الأحساء، من دون ان يستبعد امتداده إلى نخيل المناطق الأخرى في المملكة، التي تضم نحو 23 مليون نخلة، تمثل نحو ربع النخيل الموجودة في العالم، وتنتج نخيل المملكة سنوياً نحو 970 ألف طن من الرطب، بقيمة تتجاوز 5.5 بليون ريال. وأوضح الهديب، في محاضرة نظمتها جامعة الملك فيصل أمس، أن"حجم الإصابة بالمرض تقدر ب50 في المئة من حجم النخيل في الأحساء". وذكر أن"أول ظهور للمرض في الأحساء يعود إلى عام 1945، ولم يعرف حتى الآن ظهوره في أي منطقة أخرى من العالم، وهو من الأمراض المدمرة لنخيل التمر، إذ ينتهي بتوقف نموها وإنتاجها، ثم موتها". وأوضح ان"مزارعي الأحساء أطلقوا اسم"الوجام"على النخيل القديم، أو الميت، وتأتي هذه الكلمة العربية من الفعل"وَجَم"، أي"خَمَد"أو"سكتّ عن الكلام"، وهذا تعبير عن النخلة التي توقفت عن النمو". وقال:"أجريت دراسات سابقة لمعرفة مُسببات هذا المرض، حتى يمكن وضع برنامج المكافحة اللازم له، ولكن أثبتت هذه الدراسات عدم التوصل إلى أسباب هذا المرض، إذ كان ذلك يتطلب مزيداً من الجهد، واستخدام التقنيات الحديثة للكشف عنها"، مستدركاً"أحد الاختصاصين أوضح أن المرض ناجم عن فيروس وارتفاع لمنسوب ماء الأرض في المزرعة المصابة، فيما أشار آخرون إلى وجود نحو 39 فطراً و16 نوعاً من"النيماتودا"المتطفلة على النبات مصاحبة للعينات التي جمعت من أشجار النخيل المصابة ب"الوجام"، كما أشاروا إلى ان نتائج العدوى الصناعية بكل من هذه الفطريات أو"النيماتودا"أو العدوى المشتركة، التي أثبتت عدم ظهور أعراض مرض الوجام على فسائل النخيل التي تعرضت للعدوى، ما يشير إلى أنها ليست المسبب الرئيس للمرض، وأوضحت نتائج أبحاث قام بها علماء في عام 1993، أن حقن أشجار النخيل بواسطة عقار"Oxytetracycline"أظهر شفاء ملموساً للنخيل المصابة بالمرض. وأظهرت نتائج الدراسات التي أجريت باستخدام المجهر الضوئي، أن القطاعات العرضية في أوراق نخيل التمر المصابة بالمرض تأثرت إيجاباً بصبغة"Dienes"، إذ صبغت أنسجة اللحاء باللون الأزرق في الأنسجة المصابة فقط، ومن هذه النتائج اقترح الباحثون أن المسبب للمرض قد يكون"الميكوبلازما الشبيهة". وأشار الهديب إلى أهم أعراض"الوجام"، وهي"الاصفرار المخطط على نصل السعف، وتقزم الأوراق الجديدة مقارنة مع السليمة"، مشيراً إلى ان هذا التقزم"يستمر حتى السنة التالية، مع زيادة في الاصفرار، ومع تقدم الإصابة يصبح التقزم واضحاً على طلع النخيل مع تشوهها، ما يسبب قلة في الإنتاج وتقزماً في الثمار"، مضيفاً"في حال الإصابة الشديدة"تتوقف النخلة عن إنتاج الطلع، ويزداد التقزم، وتكون النهاية موت النخلة". وذكر ان سرعة انتشار المرض داخل النخلة"يعتمد على صنفها، إلا أنه من الملاحظ أن الوجام يهاجم النخيل من الأعمار كافة". وحذر من انتقال المرض عبر"نقل فسائل النخيل المصابة بين المدن والمناطق"، وأضاف"أظهر مسح لنخيل الأحساء تفاوت الإصابة بين خمسة إلى 50 في المئة من عدد النخيل في المزرعة الواحدة، إذ تكثر الإصابات الحديثة في المزارع المصابة مسبقاً، أو المجاورة لمزرعة مصابة، وتزداد خطورة المرض بسبب اعتقاد المزارعين أن عدم إزالة النخلة المصابة لا يؤدي إلى انتقال العدوى إلى النخيل المجاورة في السنة التالية، لذا يفضل المزارعون بقاء النخيل المصابة، وعدم قطعها وحرقها، وبهذا تزداد صعوبة مكافحة هذا المرض".