يهدد مرض الوجام (أحد الأمراض التي تصيب النباتات) أكثر من ثلاثة ملايين نخلة في الأحساء، وأوضح الأكاديمي في قسم وقاية النبات بكلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور خالد بن عبدالله الهديب أن المرض، الذي يتركز في نخيل قرية البطالية في الأحساء ويهدد أكثر من 60% منها قد ينتشر بين نخيل المنطقة في حال عدم مكافحته وعدم فحص الفسائل جيدا عند نقلها من مزرعة إلى أخرى كما حدث مع السوسة الحمراء، وأشار إلى أن المرض يعد من الأمراض الفتاكة حيث يقضي على النخلة خلال ستة أسابيع من الإصابة، وطالب الهديب بمحاصرة المرض وتكثيف البرامج الوقائية لمكافحته للحفاظ على الثروة النباتية واقتصاد البلاد. مائة مليون نخلة وأوضح الهديب أن النخيل تعتبر من أهم الأشجار التي يتم زراعتها في العالم، حيث يقدر عددها بحوالي مائة مليون نخلة منها 62 مليونا في العالم العربي، فيما تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أهم المناطق المنتجة للتمر، ويتجاوز عدد النخيل في السعودية 23 مليون نخلة تنتج حوالي 970 ألف طن من التمر سنويا بقيمة 5.5 مليار ريال، والنخيل من الأشجار المعمرة فيمكن أن يصل عمرها إلى 150 عاماً، فيما تبدأ بإنتاج الثمار خلال خمسة أعوام من زراعة الفسيلة. الزراعة الحديثة ويقول الهديب «إن أول من ذكر المرض على نخيل التمر بالمنطقة الشرقية وفقا للعروسي حسين محمد بدوي في عام 1945 في كتابه عن الزراعة الحديثة بالمملكة، كما لم يعرف حتى الآن في منطقة أخرى من العالم، وهو من الأمراض المدمرة لنخيل التمر التي تنتهي بتوقف نموها وإنتاجها ثم موتها في النهاية، ولقد أجريت بعض الدراسات السابقة لمعرفة مسبب هذا المرض حتى يمكن وضع برنامج المكافحة اللازم له ولكن أثبتت هذه الدراسات عدم التوصل إلى حقيقة مسببه، الأمر الذي كان يتطلب مزيداً من الجهد واستخدام التقنيات الحديثة للكشف عنه. أمراض مختلفة وأشار الهديب إلى أن نخيل التمر في المملكة يصاب بالعديد من الأمراض المختلفة التي تتسبب في حدوث أضرار وخسائر اقتصادية بالغة خاصة في محصول التمر، وبناء على ما ذكره العروسي فإن أول من ذكر مرض الوجام على نخيل التمر هو بدوى؛ حيث سجل انتشار هذا المرض في واحة الأحساء، وقد أطلق المزارعون المحليون اسم الوجام على النخيل القديم أو الميت وتأتي هذا الكلمة من الفعل وجم الذي يعني خمد، وهذا يعبر عن النخلة التي توقفت عن النمو. مسببات مرضية وأكد «نيكسون» عام 1945م أن مرض الوجام ناجم عن فيروس، وارتفاع منسوب مستوى ماء الأرض في المزرعة المصابة، فيما ذكر العروسى أن هذا المرض يصاحبه عدة مسببات مرضية مثل (Fusarium solani or F. moniliforme) في حين تتشابه أعراضه مع أعراض ظهرت على النخيل في كاليفورنيا (Coachella valley, California) الناجمة عن (Omphalia spp). فطريات متطفلة وأضاف أن الدكتور خالد العبد السلام أشار عام 1993 إلى وجود حوالي 39 فطرا و16 نوعا من النيماتودا المتطفلة على النبات مصاحبة للعينات التي جمعت من أشجار النخيل المصابة بالوجام، وفي نفس الدراسة أثبتت نتائج العدوى الصناعية بكل من هذه الفطريات عدم تكشف أعراض مرض الوجام على فسائل النخيل المصابة بالعدوى، مما يدل على أنها ليست المسبب الرئيس للمرض. حقن النخيل أوضحت نتائج الأبحاث التى قام بها عدد من المختصين إلى أن حقن أشجار النخيل بواسطة (Oxytetracycline) قد أظهر شفاء ملموسا للنخيل المصاب بالمرض، وقد أظهرت نتائج الدراسات التي أجريت باستخدام المجهر الضوئي أن القطاعات العرضية (Histopathology) في أوراق النخيل المصاب قد تأثرت إيجابيا بصبغة (Dienes)؛ حيث صبغت أنسجة اللحاء باللون الأزرق في الأنسجة المصابة فقط، ومن هذه النتائج اقترح الباحثون أن المسبب للمرض قد يكون الميكوبلازما الشبيهة (Mycoplasma Like Organism, MLO). اصفرار مميت ووصف الدكتور الزيات في عام 2002 م المرض بأنه فيتوبلازما من نوع الاصفرار المميت (Lethal Yellow, LY) المشبه للمرض على جوز الهند في فلوريدا، وقد أظهر الزيات أن نسبة الحمض النووي ل 16S rDNA للفيتوبلازما متطابقة بنسبة 87 % فقط مع الاصفرار المميت (LY) ولكن كي نؤكد تشابه مرض الوجام مع مرض الاصفرار المميت (LY) لابد أن يكون الحمض النووي متطابق بنسبة 97 %. استخدام التقنية وأشار الهديب إلى أنه قام بمساعدة بعض المختصين عام 2007 بدراسة المرض في أول تقرير للوجام كمرض من مجموعة فيتوبلازما الأستر (16SrI) المصاحب لنخيل التمر ووصفه وتشخيصه جزيئيا باستخدام التقنية الحديثة (nested PCR) باستخدام البادئات الخاصة للتعرف على وجود الفيتوبلازما في أشجار النخيل، وكذلك في نطاطات الأوراق (Leafhopper) التي تعتبر ناقلا للفيتوبلازما، وأثبتت الدراسة أن فيتوبلازما الوجام تنتقل عن طريق نطاطات الأوراق من نوع (Cicadulina bipunctata (Melichar)، وفي نفس الدراسة أثبت تطابق شيفرة الحمض النووي 16S rDNA للفيتوبلازما بنسبة 100% مع كل من شيفرة النخيل وشيفرة الحشرة الناقلة (DQ913090) (DQ913091)، وبنسبة 98 % مع اصفرار الأستر (AF322644) من مجموعة (16SrI, Candidatus Phytoplasma asteris) ومنه صنفت فيتوبلازما الوجام في المجموعة الأولى في التقسيم العام للفيتوبلازما. عقم الأزهار وأضاف الهديب «قبل عام 1967 كان يعتقد أن مرض الاصفرار على النباتات ناجم عن فيروسات حتى تم اكتشاف الفيتوبلازما عام 1967؛ حيث كان يطلق عليها اسم (MycoplasmaLike Organisms)، وفي عام 1994 تم تغيير اسم (MLO) إلى اسم (Phytoplasma) فيتوبلازما وهو الاسم المستخدم حاليا. وتعتبر الفيتوبلازما بكتيريا بدون جدار خلوي تعيش في لحاء النبات، وهي من الكائنات طليعيات النواة Prokaryote من قسم Mollicutes، وتصيب الفيتوبلازما حوالي 700 نوع من النباتات على مستوى العالم، كما أنه لا يمكن زراعتها في بيئة خاصة كالبكتيريا والفطريات وتنتقل عن طريق نطاطات الأوراق (Leafhopper) أو نطاطات النباتات (Planthopper)، وهذه الحشرات تتبع رتبة Hemiptera، والكائنات الفيتوبلازما هي من المسببات المرضية للعديد من الأمراض النباتية التي تلعب دورا رئيسا في تحديد إنتاجية كثير من المحاصيل الزراعية اقتصاديا، ومنها أشجار النخيل سواء نخيل جوز الهند أو نخيل الزينة أونخيل التمور، وتسبب الفيتوبلازما اصفراراً وتخطيطاً واخضراراً بالأوراق وصغر حجمها وقصر السلاميات وتقزم النباتات وعقم الأزهار وانخفاض المحصول كما أنها تسبب موتا للأفرع وتدهوراً وموتاً للنباتات المصابة. أخطر الأمراض ويعتبر مرض الاصفرار القاتل من أخطر أمراض الفيتوبلازما على نخيل جوز الهند ونخيل الزينة بأنواعه، وبناء على ما ذكره الجربي فإن هذا المرض سجل لأول مرة على نخيل جوز الهند في جزيرة جامايكا بالبحر الكاريبي في عام 1891م بواسطة العالم فوست، ثم انتشر هذا المرض بسرعة في منطقة الكاريبي في جامايكا وجزر سيمان وكوبا وجزر الباهاما وجمهورية الدومنيكان وجزر هاييتي، ثم انتقل منها إلى منطقة كي ويست في فلوريدا بالولايات المتحدةالأمريكية عام 1955م، كذلك ظهر في ولاية تكساس الأمريكية وقتل العديد من أشجار جوز الهند، وكذلك انتقل بها إلى نخيل التمر. حيث يعتبر هذا المرض خطير جدا، ففي عام 1981 قتل أكثر من ستة ملايين شجرة جوز الهند في جمايكا، ومليون شجرة في غانا، وأكثر من عشرين ألف شجرة في ولاية فلوريدا، كما دمر آلاف الأشجار في المكسيك وتنزانيا. ولقد أوضح .McCoy et al عام 1976 أن مرض الاصفرار المميت يتسبب عن الفيتوبلازما السريع الانتشار ويدمر العديد من أنواع نخيل جوز الهند ونخيل التمر. وينتقل هذا المرض بواسطة نطاط الأوراق المعروف باسم Myndus crudus Van Duzee الذي يوجد في جامايكا وفلوريدا، ولقد اتضح أخيراً أن هذا المرض القاتل يمكنه أن يصيب العديد من الأنواع النباتية أي أكثر من 37 نوعا. اصفرار مخطط ويعد الاصفرار المخطط على نصل السعف مع تقزم في الأوراق الجديدة مقارنة مع السليمة من أهم أعراض مرض الوجام، وهذا التقزم يستمر حتى السنة التالية مع زيادة في الاصفرار، ومع تقدم الإصابة يصبح التقزم واضحا على طلع النخيل مع تشوهه مما يسبب قلة في الإنتاج وتقزما في الثمار، وفي حالة الإصابة الشديدة تتوقف النخلة عن إنتاج الطلع ويزداد التقزم؛ حيث ينتهي بموت النخلة، وتعتمد سرعة انتشار المرض داخل النخلة على صنفها، إلا أنه من الملاحظ أن الوجام يهاجم كافة أعمار النخيل. مرض قديم وأكد الهديب أن الوجام من الأمراض القديمة في المنطقة الشرقية؛ حيث تكثر أشجار النخيل ويصل عددها إلى حوالي خمسة ملايين نخلة، ويتم انتقال المرض عبر نقل فسائل النخيل المصابة مابين المدن والمناطق، أما على مستوى المنطقة فنقل الفسائل بالإضافة إلى الحشرة الناقلة للمرض يعتبر من أهم طرق انتقال المرض بين المزارع؛ حيث تقوم حشرة (C. bipunctata) بنقل المرض، كما وجد أن الفيتوبلازما مصاحبة لمرض القمة البيضاء المميت (White Tip Dieback-WTD) والموت البطيء (Slow Decline) على نخيل التمر بالسودان، كما تم تسجيل مرض الاصفرار على نخيل البلح في الكويت، وكذلك على نوع من نخيل البلح في تكساس بالولايات المتحدةالأمريكية، كما أن الكثير من الدول التي تحتوي على أشجار تتبع عائلة النخيل مثل شجرة جوز الهند تتعرض للإصابة ب (LY) أو (Lethal Decline)، وقد أظهر مسح لنخيل منطقة الأحساء تفاوت الإصابة مابين 5- 50 % من عدد النخيل بالمزرعة؛ حيث تكثر الإصابات الحديثة في المزارع المصابة مسبقا أوالمجاورة لمزرعة مصابة، وتزداد خطورة المرض بسبب اعتقاد المزارعين أن عدم إزالة النخلة المصابة لا يؤدي إلى انتقال العدوى إلى النخيل المجاور في السنة التالية، لذا يفضل المزارعون بقاء النخيل المصاب وعدم قطعه وحرقه وبهذا المفهوم تزداد صعوبة مكافحة هذا المرض. أعراض الوجام وتعتبر الأعرض مهمة جداً في تعريف مرض الوجام، وبما أن الفيتوبلازما المسببة لمرض الوجام لا يوجد لها أجسام مضادة لذا لا يمكن استخدام اختبار مثل الإليزا (Enzyme-Link Immunosrbent Assay-ELISA) للكشف عنها على الرغم من أنه تم إنتاج أجسام مضادة لبعض الفيتوبلازما مثل اصفرار البصل الفيتوبلازمي (Onion yellow phytoplasma) التابع إلى المجموعة الأولي وقد استخدم مع بعض أمراض الفيتوبلازما لكنها مازلت قيد الاختبار والتطوير. وبسبب أن تركيز الفيتوبلازما منخفض داخل النبات المصاب لذا لابد من استخدام أحد الاختبارات الحساسة جدا كي يتم التعرف على وجودها داخل النبات، ومنذ اكتشاف اختبار (PCR Polymerase Chain Reaction-) في نهاية الثمانينيات، الذي يعتبر من الاختبارات الحساسة جدا، بدأ استخدامه للتعرف على وجود الفيتوبلازما حتى في ظروف التركيز المنخفضة، ويتم تشخيص الوجام بعد استخلاصDNA من الجزء المصاب من النخلة وتطبيق تفاعل nested PCR مع البادئات (Primers) الخاصة، للتعرف على الجين (16S rRNA). مجموعة الفيتوبلازما ويتم التعرف على المجموعة التي تتبع لها الفيتوبلازما، باختبار الحمض النووي مع بعض الإنزيمات الخاصة والذي يعرف ب (Restriction length fragment polymorphism RFLP). ولكي يتم التأكد من وضع الفيتوبلازما في المجموعة الخاصة بها يتم مقارنة شيفرة الحمض النووي مع الفيتوبلازما الموجودة في بنك الجينات، وفي حالة فيتوبلازما الوجام تم وضعها في المجموعة الأولى (16SrI, Candidatus Phytoplasma asteris)، كذلك تم تطبيق نفس التفاعل على الحشرات الناقلة للتعرف على الفيتوبلازما الموجود بداخلها، وقد تم اكتشاف بعض الحشرات الحاملة للفيتوبلازما لكنها ليست من نفس فيتوبلازما الوجام.