بعض الرسائل الإلكترونية التي تصلني تكون فيها أخبار وإشاعات سخيفة وساذجة، يتداولها كثير من الناس وهم لا يعرفون أنهم يسهمون في نشر خبر ضار أو سخيف أو إشاعة مغرضة تضيع أوقاتهم وأوقات غيرهم، بل وقد تمثل خطراً على السذّج والقصّر الذين قد يقعون في شراك الخبر، سواء أكان خبراً عن دواء لعلاج مرض ما لتناوله أو حتى التوقف عن تناوله، بناء على خبر ملفق، أو غيره من أخبار أتمنى لو يُؤتَى بأصحابها ليُجْلدوا في السوق أمام الناس ويتم نشر صورهم وهو يُجلدون كما يُفعل بالمفحطين و"المغازلجية"وكل من تسول له نفسه الإفساد في الأرض. والحق يقال، إن هناك رسائل بريدية أخرى، هي غاية في الأهمية والتأثير، لدرجة أنني أستمد كثيراً من مواضيعي التي اكتبها في هذه الزاوية من بعض هذه الرسائل، طبعاً بعد التأكد من محتواها على الأقل، وأترك مصدرها للمهتمين والمسؤولين. فقد وصلتني رسالة تحتوى على مقطع فيديو أُخذ يوم الأحد الماضي ولا أعرف إن كان الأحد الماضي هذا، أم الذي قبله، ولا أعتقد أنه يفرق يُظهر تلميذتين صغيرتين فيهما من البراءة ما يدل على أنهما في الصف الثاني أو الثالث الابتدائي إن لم تكونا أصغر، تخرجان من مدرستهما الواقعة على طريق سريع، وكل طرقنا سريعة على أية حال! تحملان برميل قمامة يكاد"يمصع"أيديهما الصغيرة، وتمشيان عشرات الأمتار بعيداً عن مدخل المدرسة باتجاه حاوية القمامة الرئيسية، في جو بارد وطريق خطر، بلا رقابة أو متابعة مشرفة أو معلمة، ولا حتى مرافقة فرّاش ولا فرّاشة بشد الراء. وعندما لم تستطع الصغيرتان رفع برميل القمامة لتفريغه في الحاوية الرئيسية، ذهب باتجاههما أحد العمّال الوافدين اللذي تواجد بالصدفة في الموقع والذي بفضل الله كان شهماً وليس نذلاً، وساعدهما في رفع البرميل وتفريغه في الحاوية على رغم أنه ليس عامل نظافة. ثم تشاجرت الصغيرتان ببراءة تقطع القلب، كل منهما تريد أن تحمل البرميل الفارغ لتدخل به للمدرسة لتغنم رضاء من أمرهما بذلك! ولكن الحمد لله، فقد توصلتا لحل، واتفقتا على أن تحمل كل منهما البرميل من جهة، وتدخلان به سوياً! أتفهم قيام بعض المدارس ولو بطريقة غير رسمية بتعليم أبنائنا وبناتنا مبادئ الحرص على النظافة، ولكن شكل الجماعة أخذتهم الحماسة والطرب لدرجة أبعد من المتوقع! فلا تستبعد بعد"كام"يوم وأنت قابع في سيارتك في طريق مزدحم، أن ترى طفلك أو طفلتك"متشعبطاً"في سيارة نقل قمامة تمر بجانبك، خلال حصة لمقرر جديد يطلق عليها:"حصة قمامة مع حفظ الكرامة"! وكما قال مصور الشريط أقول وأزيد: ماذا لو خُطفت إحدى بناتنا بسبب هذا التصرف الأرعن؟! وماذا لو سقط أحد أبنائنا مريضاً بالتهاب رئوي من شدة البرد، أو دهس بسيارة مسرعة يسوقها شاب متهور أو وافد أتى ليتعلم القيادة عندنا في ممتلكاتنا وأرواحنا؟! هل ننتظر حتى تحدث المصيبة؟ وهل نحن بحاجة إلى ابتهال أخرى لنبكي كثيراً ونتحسر؟ [email protected]