سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يخشى أن تتشابه طفرة الجامعات مع طفرة كليات المعلمين ... ويرى أن سقف المطالب في الحوار الوطني كان في بعض وجوهه عالياً . مرزوق بن تنباك ل "الحياة" : إذا حضرت القبيلة تجاوزنا الخطوط الحمراء !
مرزوق بن تنباك شخصية أكاديمية وثقافية لها حضورها الواضح في المشهد الثقافي... ودائماً ما يثير حوله الكثير من الأسئلة وتختلف حوله كل الأجوبة... ويحسب له وهو الحاصل على جائزة مكتب التربية العربي لدول الخليج عن كتابه "الفصحى ونظرية الفكر الإسلامي" دفاعه المستميت عن اللغة العربية، وحرصه على منحها المرتبة الأولى. ويرى ابن تنباك - صاحب الصولات والجولات على صفحات الصحف وفي المؤتمرات والاجتماعات - أن فكره حرّ ولا تحده حدود معينة، ويصرّ على الانتصار لكل جديد يستحق والهروب إلى كل ماض جميل... ويصنّف نفسه على أنه بدوي عصري حداثي تقليدي. تترك مؤلفاته في أثرها جدلاً كبيراً، وينقسم الناس حولها إلى فريقين "مؤيد ومعارض لا وسط بينهما"... وبالنسبة إليه فإن "المؤلف عندما يقدم عملاً علمياً يجتهد أن يكون رأيه مقبولاً لدى القراء، ويحاول ما استطاع أن يكسب رأيهم ويطمئن على أن عمله بلغ مرحلة النجاح، والقراء هم الشهداء على ما يقدم لهم، ولكن الأعمال لها مثل الناس حظوظ، وظروف تساعدها أو تقف في طريقها، فما يصلح لزمن قد لا يكون مناسباً طرحه في زمان آخر، وما يقبل عند فئة من الناس قد لا يكون مقبولاً عند آخرين". هذا بعض ما يعتقده مرزوق بن تنباك الذي واظب خلال إقامته في المدينةالمنورة على حضور حلقات العلماء الذين يدرّسون في المسجد النبوي الشريف وحفظ أجزاء كبيرة من القرآن الكريم، فماذا عن البعض الآخر؟ في الحوار الآتي توجد الإجابة... فإلى التفاصيل: لك دراسات عن التعليم واليوم لدينا أكثر من عشرين جامعة بعد أن بقينا فترة طويلة بسبع جامعات.. كيف تقرأ هذا التسارع؟ - التعليم العالي يمر بمرحلة تحديث وتغيير غير مسبوقة، اذ كنا على مدى خمسين عاماً نتحدث عن سبع جامعات وفي سنتين تضاعف هذا العدد مرات، ولا شك في أن كثرة الجامعات وامتدادها على أرض الوطن أمر مهم وحق لكل أبناء الوطن، وهي الباعث على أن يكون لدينا جيل ينال من التعليم، ما يساعده في طريق الحياة الصعب، ونرى أن هذه الطفرة في عدد الجامعات مهمة بل مطلوبة. يرى البعض أن تأسيس الجامعات تم بأسرع من اللازم، وأن هناك خوفاً على تأثر المخرجات بذلك؟ - تأسيس الجامعة يحتاج إلى الكثير من الوقت وإلى التهيئة والاستعداد، ووجود الكوادر الأكاديمية التي تعطي الجامعة قيمتها العلمية، وتكون مخرجاتها على قدر كبير من الكفاءة، على أن تسهم في بناء الإنسان، وبناء قدراته. وكثرة الجامعات مطلب كان المفروض أن يتم قبل سنوات وعلى أسس صارمة في المنهج والتأهيل، وهيئة أكاديمية مؤهلة، واستراتيجية مستقبلية واضحة الأهداف، وهذه المتطلبات لا تحدث بين ليلة وضحاها، ولا تقوم بها القدرة المادية وحدها، ولا الرغبة في وجودها مع أهمية ذلك. إلا أن التعليم ولا سيما التعليم الجامعي لا يحبذ الاستعجال به قبل الاستعداد الكافي له، ولا يمكن أن تكون الظروف الآتية هي المحدد لكثرة مؤسسات التعليم من دون القراءة الصحيحة المستقبلية لها، ولكي أضرب لك مثلاً من تجاربنا في هذا المجال هو كليات المعلمين التي مررنا بها نتيجة ظروف طارئة قبل سنوات فأحدثنا عشرات الكليات في مدة محدودة وبسرعة أيضاً. ولعل التجربة الحالية والنتيجة العلمية التي آل إليها وضع الكليات وخريجيها مثلاً تجعلنا أو تجعل المسؤولين عن التعليم يفكرون أكثر من مرة لهذه الطفرة في الجامعات المشابهة لتلك الطفرة في كليات المعلمين. هل تتوقع أن هناك صفة وسمات واضحة لكل جامعة؟ - أضع أكثر من سؤال عن إمكاناتنا العلمية والإدارية والمنهجية والتقاليد الأكاديمية التي تحقق وجود الصفة للجامعات، وأنا أشك أننا نستطيع أن نوفر هذه المتطلبات لكل الجامعات التي طرأت سريعاً. يمكن أن نسمي الأشياء بأسماء ونعطيها ألقاباً، ولكن يبقى الواقع الذي لا يساعدنا في ما نريد. إننا نريد نموذجاً من التعليم العالي مطابقاً لمواصفاته في العالم ونموذجاً من التعليم العام ونموذجاً من الجامعات التي تنهض بقدرات علمية وأكاديمية على مستوى من التميز، وليس ذلك بالكثرة بل بالكيف الذي نريده للتعليم. كان بالإمكان أن نطور ثلاث جامعات ونحدد مستوى عالياً لها، ولمن يستطيع بكفاءته وبقدراته الذهنية النجاح والدراسة في هذه الجامعات. وجامعات أخرى يتحقق فيها مستوى من التعليم لمن قدراتهم دون النوع الأول حتى لا يرتد عبئاً ثقيلاً علينا عندما تكون مخرجاته دون ما نريد. نحتاج إلى التعليم العالي ونحتاج إلى أن نحدد مستويات للتعليم العالي ومستويات للتخصصات، لكن ذلك لا يكون بطرفة عين ولا تحت ضغط وظروف مواتية في حال ومستعصية في أحوال كثيرة. الجامعات ضرورة ومطلب وطني وقومي على أن تكتمل في كل جامعة الأسس التي لا نختلف على أهميتها للتعليم العالي. أما الأسماء فمن السهل وجودها والحديث عنها. الحوار الوطني شاركت في الدورات الأولى للحوار الوطني وقد مضى اليوم وقت كاف لهذه التجربة ماذا تحقق من أهداف الحوار ومطالبه؟ - الحوار الوطني فكرة جيدة وبداية صحيحة وسليمة لحراك اجتماعي كان متوقفاً قبل البدء في طرح تلك المبادرة الطيبة التي أفضت بنا جميعاً إلى طرح المسكوت عنه بيننا ومناقشة آرائنا ومصارحة بعضنا لبعض وفي كل دورة من دوراته تجد أن هناك آراء ومطالب وأفكاراً تعرض بكل شفافية وبكل وضوح. وتطرح على طاولة الحوار قضايانا التربوية والاقتصادية والفكرية والمذهبية وأنت تعلم أن المملكة قارة كاملة متسعة الأرجاء متعددة الثقافات ومتنوعة العادات الاجتماعية وهي تنوع تكامل لا تنوع اختلاف. في صالات الحوار الوطني حضرت كل تلك العادات وحضرت كل المطالب الوطنية والاجتماعية والفكرية وعبّر المجتمعون في كل حوار عن آرائهم وقدموا حلولاً واقتراحات وتوصيات لما يجب أن يعمل وما يصلح العمل به. وجمعت ما تباعد من الآراء وقربت ما تعارض من الأفكار. وعرف كل فريق حجج الآخر وآراءه وما يريد من إخوانه في الوطن ومن حكومته في الاستجابة للمطالب التي تخدم سياسة الدولة المعلنة، وتلبي تطلعات جميع الأقاليم وكل الفئات وتستنير بالأفكار التي يعرضها المتخصصون كل في مجاله. الذين يدعون للمشاركة في ندوات الحوار معظمهم من أهل الرأي وقادة الفكر من أصحاب الاختصاص وهم من كلا الجنسين رجالاً ونساء. كيف ترى نتاج تلك الحوارات واللقاءات.. فالبعض يشتكي ان النتاج أقل من المأمول؟ - لقد تحققت عدد من أهداف الحوار التي من أجلها عقد ودعي الي ، أما المطالب وما قدم ويقدم من آراء فيه. فما ألاحظه أن هناك خطوات ليست سريعة لما نادى به المحاورون، وقد يكون أملنا واستعجالنا لتفعيل ما يطرح هو سبب عدم شعورنا بما يتحقق تدريجياً في مطالب المتحاورين. وفي رأيي أن ما تحقق مما تقدم به المتحاورون يُعد قليلاً وسقف المطالب كان في بعض وجوهه عالياً، وفي بعض الوجوه متنوعاً، ولكن ما لا نختلف عليه هو أن لكل تلك المطالب حيثيات معقولة، وإمكانات مقبولة لتلبيتها. وأهم كل ما قيل وقد يقال في الحوار الوطني هو حقوق المواطنة وتعريف الواجبات والحقوق والالتزام بدلالتها وتطبيق ذلك عملياً. إذا تم ذلك يكون الحوار حقق أهم أهدافه ونجح في قطع المسافات بين كل الأطراف، وهنا يصح القول إذا صدقه العمل. الواسطة والمحسوبية لك موقف من الواسطة أو ما نسميه المحسوبية، هل ما زلت عند هذا الرأي؟ - كان رأيي في الواسطة أو المحسوبية عندما كانت في حدود التستر والخفاء، فأردت بيانها وتوضيح خطرها على البنية الاجتماعية، وكشفت أضرارها التي لا تتعلق بحقوق المحرومين من أسباب المحسوبية، بل تتعداه إلى هز ثوابت المواطنة وحقوقها. أما اليوم فلم تعد المحسوبية ولا الواسطة عملاً خفياً يحتاج إلى من يتحدث عنه ويشير إليه، بل أصبحت حقاً مشروعاً للقادرين عليه، والعاملين على تكريس مبدأ"الأقربون أولى بالمعروف"على المعنى السالب لهذا النص الفاضل. ولهذا فإنني لا أجدني بحاجة إلى القول عن المحسوبية ولا غيرها من الصلات والعلاقات التي تقوم على مبدأ القرابة وليس على أساس المواطنة، ما قلته قبل أكثر من عشر سنوات هو اليوم واقع الحياة بكل أبعادها الاجتماعية، وهو النموذج الظاهر في كل المعاملات والشؤون. فالقول لم يعد نافعاً أمام العمل المنظم لقدرات أصحاب الصلات والمحسوبيات والمصالح الذاتية التي امتدت لاحتواء مساحة الوطن كله، وبهذه الظروف لا فائدة من الكلام إذا كان الفعل هو الأقدر، ولا سيما عندما يكون الولاء للمنافع الخاصة والقرابات. أليس هذا من طبيعة الحراك الاجتماعي، وطبيعة البشر التفاوت في القدرات والإمكانات والاستفادة من ذلك الممكن؟ - أعرف أن ناموس الحياة التفاعل والتطور وعدم الثبات، لكن إذا كان الحراك الاجتماعي الفاعل والتطور الحيوي لا يكون إلا في محيط ضيق من الناس وفي فئة محدودة منهم خاصة، فهذا لا يعد حراكاً اجتماعياً مقبولاً، وإنما هو أثرة للنفس واستغلال للقدرة وإلغاء لمن لا يملك تلك القدرات السحرية. الوطن بمساحته الواسعة ومناطقه الشاسعة وأبنائه الذين يمتدون على تلك المساحة لا يمكن أن يكون بهذه الصورة من الطبيعة ولا في هذه الصورة من التحدي لكل أبنائه وقدرات أهله. كل ذلك لا يقبل مع ما نحن فيه من إمكانات تحتاج إلى أن يعمل الجميع لا أن ينوب القلة عن الكثرة أو القريب عن البعيد. تحولات في كتاباتي على رغم أنك تكتب في الثقافة العامة إلا أنك في الآونة الأخيرة تكتب عن الاقتصاد في مثل مقالاتك عن أهل الدثور وأهل الأجور والفكرة والثروة والغلاء والرخاء وغير ذلك، فهل استهواك الاقتصاد والمال؟ - ما أكتبه في الصحافة يعود إلى الظرف الذي تمر به وتمليه المناسبة، ويجد الكاتب اهتمام الناس به كبيراً، وأنا أكتب مقالات في الرأي وليس في التخصص، ومنذ عام كان الحديث عن هذه الشؤون هو حديث الناس ولذا أسهمت بما أعتقده. وقلت في الأمر ما أقيم عليه الدليل، ولا سيما الحديث عن الاقتصاد أو المال وصلة الناس به، وما تعرض له المواطنون بكل فئاتهم وشرائحهم من أضرار بعد انهيار السوق قبل عام ونيف، لا سيما أننا نواجه فرزاً لا يخفى على أي متابع، ارتفعت فيه كفة فئة قليلة من أرباب المكاسب الذين كونوا ثروات طائلة، وانحط أكثر الناس إلى درك من الإفلاس. وهذا وذاك مؤثر في حياة المجتمع كله لا يمكن لمن يتناول القضايا العامة من إغفاله أو تجاهل أثره في كل المستويات، فالمال والاقتصاد عصبا الحياة والأمر الذي لا يختلف الناس حول أهميته وقيمته وأثره في الاستقرار والاطمئنان النفسي والاجتماعي. مزايين الأبل والقبيلة لم تشارك في الحديث ولا الكتابة عن مزايين الإبل، وما أثير حولها من آراء تصفها بأنها عصبية قبلية. ما رأيك في هذه الأحداث؟ - لم أكتب عنها لأنني غير مهموم بها، وليست لي بها ناقة ولا جمل كما تقول العرب، قبل النوق والجمال ومزايينها فالأمر بالنسبة لي ليس جديداً ومنذ خلقت الإبل واقتناها العرب، وهم يسابقون ويزاينون في إبلهم، فليست مثار استغراب. وهل القبيلة مظنة للعصبية؟ - ما يثار حول العصبية القبلية ليس جديداً أيضاً، فهناك فئة من الذين يستطيعون توجيه الرأي إما بمالهم أو بما يشرفون عليه من وسائل التوجيه، كان ديدنهم هو التصنيف لكل الناس وتوصيفهم. فالقبيلة في رأيهم يجب أن توصف بالعصبية حتى تعزل بهذا الوصف، وأبناء الأقاليم الأخرى يجب أن ترفع فوق رؤوسهم صفة الإقليمية والعنصرية، حتى يعزلوا بهذا الوصف، فتخلو الساحة لمن يمارسون عصبية القبيلة باسم القرية أو العائلة، والعصبية والإقليمية باسم الوطن. وبالتالي يبقى لهم الميدان الذي خلا من القبيلة ومن الإقليم، فيمارسون هم وحدهم عصبية واحدة بدل كل العصبيات، وإقليمية واحدة بدل كل الأقاليم، ورأياً واحداً بدل كل الآراء، ونصبح قبيلة واحدة هي قبيلتهم وإقليماً واحداً هو إقليمهم ورأياً واحداً هو رأيهم. وما خرج عن ذلك فهو عصبية وإقليمية خطرة وممنوعة. لماذا كان الحديث عن الإبل والقبيلة في هذا الوقت؟ - الحديث عن القبيلة واكتشاف وجودها في هذا الوقت تفسيره سهل، وهو أن المثل العامي يقول:"القدر لا يركب إلا على ثلاث"أي ثالثة الأثافي كما يقول المثل العربي الفصيح. والحراك الاجتماعي أوجد أثفيتين تنازعتا الساحة منذ عقد من الزمان، وأشغلتا الناس بالحديث والقول والفعل، وعندما أدركنا خطورة ما تقوم بها هاتان الفئتان تذكرنا بعد طول النسيان أهمية القبيلة لإنذار هاتين الفئتين، وأن القبيلة موجودة وعلى استعداد للحضور متى شئنا إحضارها والإعلان عن وجودها لضرورة الحاجة إليها. فجئنا بالقبيلة لفك الاشتباك أو للتذكير بالغائب الحاضر الذي نسي حتى دعت الظروف للتذكرة، فأصبحت ثالثة الأثافي. أردنا إسكات الفئتين السابقتين بمعادل موضوعي ثالث، فأحضرنا القبيلة واستطعنا أن نتجاوز كل الخطوط الحمراء بحقها، وذكرناها بالاسم والصفة، وقلنا:"إن صوت نصف مليون منهم لا يجب أن يعادل خمسة أصوات منّا نحن الذين نغيبهم في ظلمات الذاكرة وننورها لاحضارهم عند الحاجة". إذاً القبيلة يا سيدي هي"بندق سعد"على الجريد موضعها، نرفعها ونضعها بحسب حاجتنا إليها، وهي اللبنة الطيّعة توضع وترفع لتنوير الذاكرة، لأنها دائماً في الجانب المنسي منها. ومزايينها والحديث عنها في هذه الأيام من هذا التنوير أو من هذا التحذير. كتبي تثير الجدل بين كتابك الأول"الفصحى ونظرية الفكر الإسلامي"وكتابك الأخير"الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة"مسافة زمنية كبيرة، وأصدرت كتباً كثيرة وبحوثاً أيضاً لماذا كان هذان الكتابان موضع جدل وخلاف؟ - المؤلف عندما يقدم عملاً علمياً يجتهد أن يكون رأيه مقبولاً لدى القراء ويحاول ما استطاع أن يكسب رأيهم ويطمئن على أن عمله بلغ مرحلة النجاح والقراء هم الشهداء على ما يقدم لهم. ولكن الأعمال لها مثل الناس حظوظ، وظروف تساعدها أو تقف في طريقها، فما يصلح لزمن قد لا يكون مناسباً طرحه في زمان آخر، وما يقبل عند فئة من الناس قد لا يكون مقبولاً عند آخرين. والأفكار من أشد ما يؤثر في بناء المتطلبات الذهنية للمتلقي وكتابي الأول"نظرية الفكر العامي"نال حظه من القبول والتقدير عند قطاع كبير من القراء، ونال حظاً من الرفض والاعتراض من قطاع آخر، لأن القضية التي يعرضها هي قضية شعبية ولها مريدون ولها معارضون، وكل قال رأيه وأعلن موقفه، وملئت الصحف في حينه من آراء ومناقشات من كلا الفريقين المؤيد لرؤية الكتاب والمعترضين على الأفكار التي جاء بها. وتوج ذلك الجدل بالحكم لمصلحة فكرة الكتاب حين منح جائزة علمية إقليمية، فكانت تلك الجائزة شهادة لأهمية العمل وطريقة العرض الذي تميزت به رؤية المستقبل الذي أشار إليه وحاول أن يبين أثره في الحياة الفكرية واللغوية المعاصرة. ولم أتدخل عند صدور الكتاب واعتراض كثير من الكتاب على مضمونه، وجمعت مما قيل فيه وقيل عنه عشرات الآراء من كلا الفريقين، ولم أنتصر لواحد منهما ضد الآخر، بل تركت ذلك للرأي العام، فكان حوار الفريقين جميلاً وممتعاً وعدم تدخلي بسبب أن فكرة الكتاب كانت واضحة وليس، فيها لبس وإنما كانت الاعتراضات معبرة عن آراء وأفكار. وأنا أحترم كل رأي وأقدِّر كل فكر مهما كان إذا التزم بعرض رأيه وفكره بآداب العلم والحوار والمناقشة الموضوعية. وهل نال الكتاب الآخر ما ناله كتابك الأول؟ - الكتاب الأخير لامس في طرحه وموضوعه قضية كانت غفلاً من النقاش وبعيدة عن الجدل، وهي مسلمة معرفية لوجودها في البعد التاريخي والتباسها بالأثر التراكمي الهائل في تلافيف الذاكرة الأدبية والاجتماعية . بل وحتى المتصور الديني، وقد أثار عرضه مشكلات ذهنية كانت مستسلمة إلى ما أشرت إليه من تراكم موروث لم تنله أقلام تسأل عن حقيقته ولم يشكك أحد بصحته ولم تفحص وثائق إثباته. كان هذا الموضوع عصفاً ذهنياً وصدمة فكرية أثارت ما أشرت إليه من الردود، وامتلأت الصحف بالمقالات المستغربة لما جاء في الكتاب والمنكرة لما عرض فيه، ولهذه الأسباب رأيت توضيح ما غمض على هؤلاء المعترضين وبيان ما التبس، وتصحيح بعض المفاهيم التي قرأت ما في الكتاب وما عرض المؤلف قراءة متعجلة في بعض الردود، ومستغربة مما ذكر في البعض الآخر. وقد حاولت بيان وجوه الشك ومواضع الاستغراب وصححت ولم أتجاوز مع من انتقد الكتاب هذه المرحلة، مرحلة التوضيح والتصحيح لما أرى في الموضوع، أو تصحيح ما شعرت أن لدى قائليه بعض الأمر الذي يحتاج إلى تصحيح. لعلمك وعلم القراء جمعت كل الردود والمقالات التي نشرت في الصحافة المحلية ضد الكتاب كما جاءت وحررتها وأضفت ردي إليها وبينت موقفي منها، وسأنشرها قريباً على الملأ حتى أنصف الأخوان الذين رأوا رأياً يخالف رأيي وقولاً لا يوافق ما قلت واجتهاداً يوازي ما اجتهدت فيه"فهل أنا في ذا يال همدان ظالم؟". استلمت درع التكريم من الأمين العام للجامعة العربية الدكتور عمرو موسى منذ عام، فهل لهذا الكتاب صلة في التكريم؟ - لا ليس للكتاب ولا غيره صلة في ذلك التكريم، التكريم يتم عن طريق تقدير نشاط بعض العلماء من كل الوطن العربي ولا يقتصر على عمل محدد ولا حتى عن مؤلف أو غير مؤلف. إنما يقدر النشاط الثقافي والفكري والعلمي الذي قدمه المكرمون وهي قضية رمزية وتقدير للعمل الذي يقوم به هؤلاء. وكرم معي غيري من جميع أنحاء الوطن العربي ولست أنا وحدي الذي كرم في ذلك الاحتفال. أنا واتحاد الطلاب قبل أسابيع دعاك الطلبة السعوديون في بريطانيا للمشاركة في توديع الملحق التعليمي الأستاذ عبدالله الناصر بصفتك أول رئيس لأندية الطلاب السعوديين في بريطانيا. بينما ذكرت في مجلة المعرفة أنك انتخبت من زملائك البريطانيين في جامعة أدنبرة ممثلاً لهم في بعض مجالس الجامعة، فأيهما الصحيح؟ - كلا الأمرين صحيح، ما ذكرته في مجلة المعرفة هو أنني ضمن الاتحاد في الجامعة وضمن طلابها وهم أو معظمهم من البريطانيين، كان هناك انتخابات لتمثيل الطلبة في مجالس الكليات ومن كان مسجلاً في سجلات الجامعة كطالب فيها يحق له أن يتقدم مع زملائه ليمثلهم في مجالس الجامعة إذا انتخبوه لتمثيلهم. وقد انتخبت منهم ممثلاً لهم عن القسم الذي أدرس فيه في الكلية التي أدرس فيها وهذا ما أشرت إليه، وفي السنة التالية رشحت لتمثيل زملائي في المجلس الأعلى للجامعة وكان ذلك من حقي كطالب فيها وليس لهذا الترشيح علاقة بمن أكون أو ما هي جنسيتي لأنه لا يُميَّز بين بريطاني الجنسية وغير البريطاني. المهم أن تكون طالباً في الجامعة وترشح وتنتخب من الطلاب. أما رئاسة أندية الطلاب السعوديين فذلك عمل يتم عن طريق انتخاب الطلاب السعوديين في كل الجامعات البريطانية المنضمين إلى الأندية الطلابية السعودية لأحدهم، لرئاسة الأندية ولا علاقة للجامعات البريطانية بذلك. و ذلك يتم بين الطلاب المبتعثين السعوديين ويقومون به في انتخابات تخص الطلاب السعوديين المبتعثين وحدهم فذاك شيء وهذا شيء آخر. إذا كان هذا نشاطك وأنت طالب فلماذا اختفى هذا النشاط أو قلَّ وأنت أستاذ في الجامعة؟ - في الجامعة شاركت بكل ما يتطلبه عمل مثلي، شاركت في كل اللجان والمجالس الأكاديمية والمواقع الإدارية وحاضرت في الثقافة والفكر في كل الكليات وخارجها،. وحضرت عشرات المؤتمرات العربية والدولية، وشاركت في الصحافة المحلية وغيرها، وألَّفت عشرات الكتب. وإذا كنت ترى ذلك قليلاً فأنا أراه كذلك، وسأحاول المزيد وأنت تعلم في الأثر"طالبان لا يشبعان"ونحن اخترنا الطلب المناسب لنا وهو العلم وتركنا الطلب الآخر للقادرين على أخذه.