الحسم في «ميتروبوليتانو»    وزير الشؤون الإسلامية: رصدنا حملات تبرع غير نظامية    اجتماع سعودي-أمريكي موسع يناقش تعزيز التعاون العسكري    وزير المالية يرأس وفد المملكة المشارك في الاجتماع الأول لوزراء المالية لمجموعة العشرين تحت رئاسة جنوب أفريقيا    تشغيل «محطة قصر الحكم» بقطار الرياض اليوم    التحوّل الحكومي والذكاء الاصطناعي.. قفزة كبيرة نحو المستقبل    السعودية تتصدر مؤشر الأعلى ثقة عالمياً    200 مليار دعم سنوي للقطاع..البنيان: 50 مليار ريال فرصاً استثمارية في التعليم    وسط ترحيب لا يخلو من ملاحظات.. البيان الختامي لمؤتمر الحوار: الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها.. وإعلان دستوري مؤقت    البرلمان العربي يرفض مخططات تهجير الشعب الفلسطيني    اليمن.. مطالبة بالتحقيق في وفاة مختطفين لدى الحوثيين    رأت فرصًا للتعاون بقطاع احتياطيات المعادن النادرة.. روسيا تحفز أمريكا اقتصادياً للتسوية في أوكرانيا    وزير الدفاع ووزير الخارجية الأميركي يبحثان العلاقات الثنائية    وزير الدفاع يبحث العلاقات الاستراتيجية مع مستشار الأمن القومي الأمريكي    في نصف نهائي كأس آسيا تحت 20 عاماً.. الأخضر الشاب يلاقي كوريا الجنوبية    لاعبون قدامي وإعلاميون ل"البلاد": تراجع الهلال" طبيعي".. وعلى" خيسوس" تدارك الموقف    مملكة السلام.. العمق التاريخي    أكد ترسيخ الحوار لحل جميع الأزمات الدولية.. مجلس الوزراء: السعودية ملتزمة ببذل المساعي لتعزيز السلام بالعالم    مجلس الوزراء: المملكة ملتزمة ببذل المساعي لتعزيز الأمن والسلام في العالم    وافدون يتعرفون على تأسيس المملكة في تبوك    سفير خادم الحرمين لدى فرنسا يقيم حفل استقبال بمناسبة «يوم التأسيس»    تأسيس أعظم وطن    الفريق البسامي يستعرض الخطط الأمنية والتنظيمية مع قادة قوات أمن العمرة    شهر رمضان: اللهم إني صائم    وزير الشؤون الإسلامية يحذر من الإنجراف وراء إعلانات جمع التبرعات    خفاش ينشر مرضاً غامضاً بالكونغو    قصة نهاية «هليّل»    القيادة تهنئ أمير الكويت بذكرى اليوم الوطني    «صراع وطني» في مواجهة الاتفاق والتعاون    أمير تبوك يرأس اجتماع الإدارات المعنية باستعدادات رمضان    فيصل بن بندر يرعى احتفاء «تعليم الرياض» بيوم التأسيس    سعود بن نايف يطلع على مبادرة «شيم»    أنشطة تراثية في احتفالات النيابة العامة    النائب العام يبحث تعزيز التعاون العدلي مع الهند    الصقيع يغطي طريف    الأمن المجتمعي والظواهر السلبية !    آل يغمور يتلقون التعازي في فقيدتهم    عبدالعزيز بن سعد يرعى حفل إمارة حائل ب«يوم التأسيس»    أوكرانيا وافقت على بنود اتفاق المعادن مع أميركا    «الأمن المجتمعي».. حوكمة الضبط والمسؤولية التشاركية!    النحت الحي    جبل محجة    ليلة برد !    اختبارات موحدة    عُرس الرياض الإنساني    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة الكويت بمناسبة اليوم الوطني    120 خبيرًا ومتخصصًا من 55 دولة يبحثون أمن الطيران    مسابقة الوحيين في إندونيسيا..التحدي والتفوق    مدير الأمن العام يتفقّد جاهزية الخطط الأمنية والمرورية لموسم العمرة    متضمنةً شريحة خضراء لأول مرة ..إتمام طرح سندات دولية مقومة باليورو ضمن برنامج سندات حكومة السعودية الدولي بقيمة إجمالية بلغت 2.25 مليار يورو    دونيس: مهمتنا ليست مستحيلة    تقنية صامطة تحتفي بذكرى يوم التأسيس تحت شعار "يوم بدينا"    155 أفغانيا يصلون إلى برلين ضمن إجراءات إيواء الأفغان المهددين في بلادهم    سقوط مفاجئ يغيب بيرجوين عن الاتحاد    «الصحة»: تحصّنوا ضد «الشوكية» قبل أداء العمرة    غزارة الدورة الشهرية (1)    الصحة: فيروس ووهان ليس جديداً ولا يشكل خطراً حالياً    جامعة الملك سعود توقع مذكرة تعاون مع مركز زراعة الأعضاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة الجديدة ... حلول للأزمة
نشر في الحياة يوم 21 - 01 - 2008

لعل المتابع للمشهد الثقافي في العالم العربي يلاحظ انفصاله عن تفاعل كثير من عامة الجمهور، واقتصاره على الخاصة أو النخبة، هذا الاحتكار أوجد رد فعل من العامة تمثل في تواطئهم على ثقافة خاصة بهم، تمثلت في مجالات متعددة من شعر وسرد وموسيقى، ففي الشعر هناك النظم العامي الذي لا يتقاطع مع الشعر إلا في انتظامه في أوزانٍ وقوافٍ، والسرد يتجسد لديهم في المسلسلات والأفلام، التي غالباً ما تعتمد على التشويق والإثارة مع الإغفال التام للأسس النقدية الفنية التي تقوم عليها هذه الفنون.
أما الموسيقى فقد وقعت في رزية عظمى، عندما أدخل فيها كل شيء عدا الموسيقى... والمطالع لمظاهر هذه الثقافة يبدو له، ومنذ أول وهلة، حجم الركاكة والهامشية التي تنطوي عليها، فالمحصلة التي تنتجها توصل إلى حال استسلام وإقصاء للفكر والعقل، كونها لا تطلب من متلقيها إعمالاً لعقله، ولا استعذاباً من ذوقه.
وهكذا وجد الجمهور في الثقافة الجديدة مساحة أكبر للتخلص من منطقية العقل والتحليق في عوالم الأسطورة والإثارة والترفية والسهولة وغيرها من مقومات هذه الثقافة الجديدة، التي لم تتح في الثقافة الحقيقية التي اُختُزلت في قوالب جامدة لا تتزحزح عنها، على رغم أنها أكثر مرونة مما قد يعتقد هؤلاء.
في المقابل، نجد أن غالبية النخبة المثقفة - خصوصاً الأكاديميين منهم - يتحملون جزءاً من مسؤولية هذا الانفصال، فنسبة كبيرة منهم بالغت في التقعر وإدخال قضايا أكاديمية متخصصة واعتبارها من صلب العمل الثقافي، فلم يجد الجمهور فيها ما يلبي حاجاته ويعالج قضاياه الحقيقية، على رغم حاجته الطبيعية للتفاعل معها، كونها منتجاً حضارياً اجتماعياً يمس جميع أفراد المجتمع ويعبر عن حال عامة لا ذاتية أو فئوية، كما هي الحال الآن، وهكذا ألبست الثقافة ثوباً جعلها عصية على غير النخبة، فلم يتجاوزهم تأثيرها، ولم يؤدِ هذا النفور إلى داء السطحية فحسب بل إلى تغييب الجمهور عن الحركة الحضارية التي يفترض به أن يكون مادتها، وهو ما جعلهم أرضاً خصبة لدعاوى الإرهاب والانسلاخ من الهوية، ينطبق على نسبة كبيرة منهم قول سيدنا الإمام علي بن أبي طالب"كرم الله وجهه": همج رعاع أتباع كل ناعق. أضف إلى ذلك دور الإعلام الذي أسهم في ازدياد هذه الفجوة، حينما أغفل الجوانب والقوالب التي تلائم القدر الأكبر من عقليات الجمهور، وتعامل مع الثقافة، إما بالتهميش الكلي أو إظهارها بصورة متقعرة وعرة المسلك، والاعتماد على أساليب عرض وإعداد تخلو من التشويق في عرض البرامج الثقافية، بينما تحظى البرامج الترفيهية بأفضل التقنيات ووسائل العرض المميزة والمثيرة، ما دفع الجمهور إلى النفور من الثقافة وانفصاله عنها وكل ما يمت لها بصلة.
كذلك القصور الشديد في الإعلان للمناسبات والأنشطة الثقافية، والذي غالباً ما يكون على استحياء، بالمقارنة مع غيرها من المناسبات التي تُخَص بالتركيز الإعلامي! وهو ما يفسر الشح في الحضور!
والمفترض هو تعاضد الإعلام مع المثقفين لتقريب الثقافة من الجمهور، وجعلها في متناولهم، أملاً في رقي أفكارهم، بدلاً من تركهم ضحية لسطحية الثقافة الجديدة التي حاكوها لأنفسهم، هرباً من الواقع ومن سطوة التقعر.
ولإيقاف هذا النزيف الفكري قد يكون وجود أنشطة ثقافية مميزة ورصينة بمواضيع تمس قضايا أكثر عمومية وفائدة يتفق عليها الفريقان في محاولة لردم الهوة بينهما، ولعل القضية الأهم والأكثر محورية هي قضية بناء الحضارة بجانبيها الفكري والمادي، لأنها الوسيلة لإذكاء الطموح والتفكير في مستقبل أفضل، فتكون المادة التي يشاهدون في التلفزيون، والتي يسمعون في المذياع، والتي يقرؤون في القصيدة، ما يسهم في تحول الثقافة إلى عنصر أكثر إنتاجية في حياة الإنسان، بدلاً من أن تكون عنصراً سلبياً في حياته.
وكذلك الاستعانة بعمل عروض مسرحية وسينمائية مقتبسة من عيون التراث الأدبي الإنساني، قد يكون من الوسائل لتغيير الصورة النمطية عن الثقافة، وإظهارها في صورة قريبة من تفكير عامة المجتمع عبر اختيار ما يعبر عن واقعهم ومشكلاتهم وآمالهم وطموحاتهم، إضافة إلى الترويج للقراءة والتسويق للكتب المناسبة عبر حملات متخصصة، وباستخدام مختلف أنواع الإعلانات التي تظهر ما للثقافة من فوائد تعود على الإنسان، وإنشاء مراكز ثقافية متاحة للجميع ولا تقتصر على فئة من دون أخرى، إضافة إلى تخصيص المدارس والجامعات والأسواق بالأنشطة الثقافية الملائمة، بدلاً من أن تقتصر أنشطتها على أنشطة جامدة أو هامشية لا تعالج مشكلة التسطيح الفكري إذا لم تزده.
إن ترك المجتمع رهينة لهذه الثقافة الجديدة ينذر بتفاقم المشكلات إلى الحد الذي يتعذر معه إيجاد الحلول، فمن مشكلة التخلف وهي المشكلة الأساسية التي يعاني منها العالم العربي، إلى أزمة الإرهاب التي عصفت بالعقول والأرواح، مروراً بالبطالة والفقر والجريمة، ما ينبئ بمزيد من الانحدار، في عصر تحاول فيه كل أمة أن تلملم شعثها وتهم بالنهوض وبناء الحضارة.
فكل هذه المشكلات وغيرها ما كان لها أن توجد لو أن المجتمع أدرك القيمة الحضارية للمشروع الثقافي كمنبع تراكمي للقيم، يُتوجه إليه للنهل من معينه الذي يغذي العقول ويقدح زناد الفكر، بما يطور أداء الإنسان ورسالته في الحياة، وكأداة للتعبير عن أفكار ذلك المجتمع وطموحاته بعمومية متجردة عن الذاتية أو الفئوية التي قد تحتكر تعاطي الثقافة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.