الاعتزال نهاية وبداية معاً... ما أن يبدأ لاعب الكرة في وضع بصمة مميزة له، حتى يبدأ في التفكير في مستقبله، والمستقبل للرياضي أحياناً يبدأ من مباراة الاعتزال، وأحياناً ينتهي بمباراة الاعتزال. وفي الآونة الأخيرة تحولت مباريات الاعتزال إلى كرنفالات وبوابات استثمارية تنافس عقود الاحتراف ومكافآت البطولات. كيف لا والاعتزال بطولة لوحده. وتتويج لمسيرة بطولات وانجازات ومكافأة كبرى لكل المكافآت... حفلة الاعتزال بطاقة شكر يكتبها كل احد لذاك الأحد... لذا نجد أن اللاعبين أخيراً أصبحوا يحرصون على مناسبة اعتزالهم تنظيماً واستثماراً... وتظل حفلات اعتزال لاعبي الهلال هي الأشهر، من حفلة النعيمة ثم الثنيان وفي الانتظار سامي الجابر، إذ لا تزال تفاصيل تلك الحفلات تسكن الذاكرة وتجعل كل حفلة بعدها أصعب. ومع كل حفلة اعتزال نتساءل دائماً... هل مباراة الاعتزال هي خير ختام؟ ونحتار في الإجابة وتتعدد الفلسفات في ذلك... وكلنا يذكر موقف اللاعب فهد المصيبيح من رفضه لتنظيم اعتزال له، وكلنا يتحسر على عدم تتويج مسيرة اللاعب الكبير ماجد عبدالله بسبب مشكلات إدارية لا دخل له فيها... وأصبحت مباراة اعتزاله وكأنها المستحيل... وما زلنا ننتظر اعتزال أحمد جميل الذي طال انتظاره وجعل من إقامته مناسبة باردة فالاعتزال إذا لم يتم في اقل من سنة فقد كل الجاذبية والنجومية، بل يجعل الجماهير تفتقد جذوة الحماسة في ذلك. البعض ينادي بحفلات اعتزال جماعية على غرار حفلات الزواج الجماعي مع عدم استحساني لهذه الفكرة، لأن حلاوة المناسبة في كون البطل واحداً والعريس واحداً. وليت إدارة المنتخب السعودي ترفع ضيم الأندية على بعض لاعبيها، وتسهم هي في تكريم نجوم المنتخب عند اعتزالهم ليكون درساً تربوياً ولا أجمل... التكريم ليس شرطاً بمهرجان أو مباراة مع نادي عالمي، مع ان ذلك في عصر الاحتراف أصبح استثماراً له عوائده المجزية... لكن يكفي أي لاعب أن يغادر المستطيل الأخضر إلى مربعات ومستطيلات تحفظ للرياضة السعودية ركضها وبريقها. أين ذهب من اعتزل؟ سؤال إجابته تحزن كثيراً، من يتخيل أن بعض نجومنا أصبح الآن يتسول ويعيش على فتات وضمان اجتماعي... هل هذا هو التكريم الذي يليق به؟ من أسهم في علو شأن كرتنا ومنحنا الفرح يستحق رعاية حانية كريمة تحفظ له بقية أيامه. سامي يودع غداً الكرة... ولكنه حتماً سيودعها برجله ليتفرغ لها بعقله وقلبه