مع بداية كل عام دراسي، تتحول المدارس إلى ما يشبه خلايا النحل، بدءاً من الطابور الصباحي، الذي يختلط فيه تأفف الطالبات بتثائبهن، ونهاية بتمنيهن للوصول إلى الحصة الأخيرة. لكن النهاية هنا تختلف عن البداية، فالمعلمات بدورهن يتفوقن على الطالبات في الرغبة بانتهاء دوامهن قبل الوصول إليها. وتتهرب المعلمات من الحصة الأخيرة بطرق شتى، فهذه تحتج بحجة أن مادتها لا تناسب الحصة الأخيرة، فيما تعتبر بعضهن إلزامهن بحصة أخيرة دليلاً على اضطهادهن، وانحيازاً لمعلمات أُخر. ولم يدع موضوع الحصة الأخيرة حتى المديرات ينعمن بالراحة، إذ عليهن خوض معارك واستخدام سياسات عدة لإرضاء غالبية المعلمات. في حين لجأت بعض المديرات إلى إجبار المعلمات على أخذ الحصة الأخيرة، وفي حال رفضهن يعمدن إلى جعلهن يكتبن إقراراً خطياً يوضح امتناعهن فعلياً عن ذلك، وإبلاغ أمرهن إلى إدارة التعليم، ما أدى إلى تراجع الكثير منهن وتقبل الأمر على مضض. من جهتها، تذمرت معلمة الدراسات الإسلامية في المرحلة المتوسطة منيرة محمد جراء تعمد وكيلة المدرسة وضع معظم فترات جدولها الأسبوعي ضمن الحصص الأخيرة، وناصفتها المعاناة معلمة اللغة العربية هدى فهد، التي قالت:"على رغم أن عدم وجود تعميم صريح أو لائحة نظامية تفرض على معلمات مواد الدين واللغة العربية إعطاء موادهن في الحصة الأخيرة واستثنائهن عن بقية معلمات التخصصات الأخرى". وتعلل وكيلة المدرسة التي يعملن فيها سبب إعطائهن الحصص الأخيرة إلى طبيعة المواد الدينية والعربية وبساطتها، التي تسمح بإعطائها في الساعات الأخيرة، بعكس بقية المواد التي تستوجب على حد قولها الكثير من الانتباه والتركيز، ما يجبر الإدارة على تقديم حصصها في الساعات الباكرة، في الوقت الذي تتمتع الطالبات فيه بكامل نشاطهن. أما معلمة الاجتماعيات للمرحلة الثانوية سارة علي، فقالت:"توتر علاقتي مع وكيلة المدرسة، يرجع لانحيازها لبعض المعلمات، ووضع جلّ حصصي في الساعات الأخيرة من الدوام". وأضافت:"حالتي الصحية المتردية والإرهاق الشديد اللذين أعاني منهما يرغماني على رفضها". وبررت كلٌ من معلمة الرياضيات أريج العتيبي ومعلمة الفيزياء هيا سالم عدم اشتمال جدولهم الأسبوعي على الحصة السابعة بقولهن:"دسامة وطبيعة موادنا العلمية، التي تحوي كمّاً كبيراً من المعلومات العلمية والاستنتاجات، التي تتطلب التركيز وتعتمد على مدى استيعاب الطالبات، جعلت إدارة المدرسة ذاتها تستبعد إعطائها في وقت متأخر من دون تدخلٍ منا أو إبداء رأينا". أما معلمة اللغة الإنكليزية سميرة السبيعي فذكرت"كبقية المعلمات، لم يخلُ جدولي طوال أعوام من الحصة الأخيرة، بل إن توزيع جدول كلٍ منا يكون موزعاً ما بين حصص في ساعات الصباح الأولى ومثلها في الظهيرة، ولا أعتقد أن إعطاء الدرس في الحصة السابعة معضلة كبرى بل إنها مثل بقية الحصص. في حين أكدت مديرة المدرسة الثانوية فضلت عدم ذكر اسمها"على رغم حرصنا الدائم على توزيع جدول الحصص الأسبوعي على جميع المعلمات بالتساوي من دون ظلم أو انحياز لأحد منهن، إلا أن البعض منهن يتعمدن إثارة المشكلات والنزاعات، للتهرب من إعطاء الحصة الأخيرة بشكل كلي، ما دفعني في بعض الحالات إلى اتخاذ إقرار خطي من المعلمة بامتناعها عن الإعطاء بعد تنبيهها ورفعها للجهات المسؤولة". وعن المواقف التي واجهتها على إثر ذلك، قالت:"تفاجأت ليلة أول يوم دراسي باتصال أفزعني من نومي، كان من معلمة ترجوني بعدم تخصيص حصة سابعة لها في الجدول المدرسي". وأضافت:"في إحدى المرات وقع خطأ عشوائي في جدول الحصص، أرغمنا تصحيحه إلغاء حصة سابعة لإحدى المعلمات وإضافتها لأخرى، ما سبب نزاعاً بين المعلمتين كاد أن يصل إلى التشابك بالأيدي". أما عن أسباب تحاشي المعلمات شرح دروسهن في الحصة السابعة، فأجابت الاختصاصية الاجتماعية سلوى العتيبي:"عادة ما يقل نشاط الطالبات في الساعات الأخيرة من الدوام وتقل قدرتهن على التركيز، ما يجعل مشاركتهن أثناء الحصة قليلاً مقارنة مع حصص الصباح الأولى، كما تستنفذ المعلمات معظم طاقاتهن في الساعات الأولى، ما يجعلهن يشعرن بالإرهاق في الحصص الأخيرة".