تتجول الطفلة فاطمة 4 أعوام في أرجاء منزلها، قد تدخل أياً من حجراته، باستثناء المطبخ، الذي شهد قبل عامين ونصف العام مأساتها، التي حرمتها طفولتها، وشوهت أجزاء من جسدها الصغير. لم تتجاوز فاطمة عامها الرابع، ولكن التجاعيد تملأ جسدها، إثر انسكاب كميات من الزيت الحار على جسدها، حين كان عمرها عاماً ونصف العام، وعلى رغم عمرها الصغير حينها، إلا أن الحادثة لا تزال محفورة في ذاكرتها، حتى إن والدتها خشيت من الحديث إلى?"الحياة" عن إصابتها في حضورها، وطلبت من والدها أن يصطحبها خارج المنزل، كي لا تسمع الحديث. وتتذكر والدتها الحادثة التي أدت إلى تشوهات في كامل ظهر ابنتها اليسرى ويدها بقولها:"انتهيت من تجهيز وجبة الغداء في المطبخ، ودخلت علي فاطمة وجلست جانب الفرن، فاحتكت به، فانسكب الزيت الحار عليها". وتشير إلى أن"كل هذا حصل في أقل من ثلاث دقائق، وفي شكل غير متوقع، وعلى الفور اصطحبها والدها إلى مستشفى القطيف المركزي، وأجريت لها الإسعافات اللازمة، في الوقت الذي كان بكاؤها مستمراً، وفي شكل مروع، كما أن أخاها، الذي يكبرها بنحو عام وثلاثة أشهر، كان معها، ولكن إصابته كانت خفيفة وسطحية جداً، وبسبب إصابتها بالحروق من الدرجة الأولى تنومت معها في المستشفى نحو أسبوعين، وحظيت من جانب المستشفى بالعناية والاهتمام". بعد خروج الطفلة من المستشفى، توقعت الأم أن يقدم لها العلاج والمراهم الخاصة، التي كانوا يستخدمونها لها في المستشفى، ولكنها تقول:"فوجئت أنهم طلبوا مني شراء المرهم من الخارج، وتوقعت أن يكون سعره رخيصاً، ولكن ما صدمني أن المرهم على رغم صغر حجمه، لكن قيمته تبلغ مئة ريال، ولا تكفيها واحدة، لأن مساحة الإصابة كبيرة جداً، وأصبحنا نشتريه على رغم أوضاعنا المادية السيئة، ونستخدمه لدهن المنطقة المصابة، ودائماً ما كنت أقول إنها صغيرة، وستختفي آثار الحروق لديها عندما تكبر". على رغم مرور عامين ونصف العام على الحادثة، إلا أن آثارها موجودة في شكل واضح جداً على جسدها،"فهي كلما تقدمت في السن، أصبحت تخجل من وضعها، وتبكي وتلتصق بي، خصوصاً أن ركز أحد على يدها" كما تقول والدتها. وتضيف:"في إحدى المرات اصطحبناها إلى مدينة الملاهي، ورفضت طفلة أخرى الركوب بجانبها، بسبب الحروق المخيفة في يدها، حينها بكت ونظرت إلى يدها، وحاولنا كثيراً في المستشفى أن نُجري لها جراحة تجميلية، لكن الطبيب المعالج في مستشفى القطيف المركزي، أبلغنا أنه لا فائدة منها، وحالتنا المادية لا تسمح لنا أن نجريها لها في مستشفى خاص، وأتمنى أن تتخلص من التشوه في يدها وظهرها، إذ باتت المسألة بالنسبة إليها عقدة، فهي ترفض الخروج، وترفض أن تلبس لباساً يكشف يدها، كما ترفض دخول المطبخ، ولا تريد الاختلاط بأحد، وأصبحت أخاف من ذلك، خشية أن يرمقها أحد بنظراته، أو تسمع كلمة تجرحها، أو يهرب أحد الأطفال من منظر يدها، التي تحاول، جاهدة، إخفاءها".