ليس أصعب من الكتابة عن الوطن شيء... كيف؟ فالوطن بهذا الحضور الكبير وهذه المكانة السامية على الصعيدين الإسلامي والعالمي، ولا يمكن أيضا أن تختزل مساحة التعبير عن الحب?له، ولخارطة انجازاته العملاقة في محاضرة أو مقال أو عمود رأي ولا حتى في أغنية. لكني حين أرتب النعم التي أمدنا الله بها فإني أضع نعمة الانتماء لبلدي"المملكة العربية السعودية"التي هي سعودية المولد والنشأة في طليعة تلك النعم، فلبلدي قامة تطاول الجبال، وأرض غنية بنعم وخيرات حرم منها الكثير، ألم تتحقق لنا نجاحات على امتداد جغرافيته القارية في أقل من نصف قرن، وعجز عنها آخرون على مدى قرون... ألا تهوي وتتجه إليه أفئدة وفود مسلمي الأرض كل وقت لأنها تحتضن اطهر البقاع وأشرفها؟ موطني هو الذي كنا به -?ولا نزال - نسكن بيوتاً آمنة ينام من شاء حتى على عتباتها، وأخرى يفصل بيننا وبينها جدار بسيط يحقق مبدأ الجوار الحسن في زمن مضى تعاقبت عليه أجيال عدة لم تكن تعرف من الوطن إلا مسماه، ولم تكن تدرك ان التراب والمكان والبيت والشارع والمدرسة والمسجد والعمل ?كلها تمثل جزءاً لا يتجزأ من الوطن المعطاء... وحين ارغب في الحصول على تعريف مثالي للوطن فأنا اشعر باستحالة إيجاد تعريف متكامل يشمل الجسد، والإنسان والمنجز والمكان ولكني افخر بان"الوطن"هو المكان الذي يستطيع كل منا أن يأمن فيه على نفسه وماله وعرضه ويحتضن طفله وينام ملء جفونه بأمان، وهذا الشعور العظيم هو ما?ينتابني ? ومعي كثيرون-?كل ساعة، ومعه ندرك قيمة الوطن وقيمته وشموخ قامته. كنا لا نعرف عن"اليوم الوطني"وهو مقدمة استثنائية - لتاريخ ذهبي ? غير مجرد إشارة خاطفة في تقويم كل عام، أو خبر مختصر في الإذاعة والتلفزيون ومقالات في الصحف، وغاب عنا أن نقرأ في تاريخ هذا اليوم جيداً وهو الذي يثبت أن همم الرجال وقدرات العظماء نجحت بكل كفاءة وامتياز في لم شتات أفراد وقبائل متناثرة على مساحات شاسعة من الجزيرة العربية لصوت واحد وبلد واحد ودين واحد، حتى وضعنا للوطن مناسبة غالية ندرك بها قيمته، ونستشعر مكانته، فنحفظ لأؤلئك الأبطال الأفذاذ الذين صنعوا مجد هذا الوطن، حقوقهم من التقدير والافتخار احتفالاً بهذا اليوم الوطني. إن يومنا الوطني وفي ذكراه السابعة والسبعين لابد أن يتحول من لغة وجمل الإنشاء في قنواتنا المختلفة إلى القلوب التي تحب والأيدي التي تعمل وتنتج بدافع الوفاء وبركات بالدعاء ليظل شامخاً مضيئاً، فعلينا دائماً أن نسعى لتكبر مساحة العلاقة الفطرية بين الأرض الطيبة وإنسانها ليصبح الشعور بذلك ارتباطاً مادياً ومعنوياً وعاطفياً ثم نترجمه إلى ثقافة تربوية لا نحتاج معها إلى منهج ندرسه، فلا يمكن ان نكتفي في يوم الوطن بكلمات خجولة تمر على الشفاه مرور الكرام، بل علينا ان ندخل على كل حواسنا ثقافة الفرح والبهجة به، وان يخلو كل مواطن بنفسه بعضاً من الوقت ليرى كم مرة احترم كل ما قدم له الوطن من المنشآت والمرافق والخدمات، وكم مرة احترم النظام والتزم بالأنظمة، وكم مرة خالفها، وكم مرة رأى خطراً يضر الوطن ودافع عنه أو صححه، باختصار ليرى ماذا قدم الوطن له؟ وماذا قدم هو للوطن؟ ليرد له بعض حقوقه... وكل عام والوطن بألف خير. [email protected]