احتفال الهنغارية بعيدها الوطني في 20 آب أغسطس كل عام، وهو يوم الملك إشتفان 975 - 1038 الذي أسس الدولة المجرية بعد أن توّجه البابا ملكاً ومنحه التاج، يشكل مناسبة سياحية خاصة أكثر منها مناسبة سياسية. وقد اختير هذا اليوم للاحتفال بالعيد الوطني بعد فترة طويلة من وفاة إشتفان الأول الذي رسمه البابا قديساً لدوره في تحويل القبائل الهنغارية الوثنية إلى الدين المسيحي. فقد سمحت الملكة ماريا تيريزيا في 1771 بخروج موكب كبير في يوم القديس إشتفان المصادف 20 آب وحمل عظام كف يد الملك اليمنى والطواف بها، غير أن الموكب لم ينطلق إلا في 1818 للمرة الأولى. ولم يثبت البرلمان الهنغاري هذا اليوم ضمن العطل الوطنية الرسمية إلا في العام 1891 على رغم كونه احتفالاً دينياً كاثوليكياً في البلد المتعدد الطوائف والأديان آنئذ فقد الحقت بالمملكة المجرية إدارياً كل من ترانسلفانيا ذات الأغلبية البروتستانتية والأقلية الأرثوذكسية على سبيل المثال، وكانت البوسنة ذات الأغلبية المسلمة ضمن امبراطورية النمسا - هنغاريا. وتحول هذا العيد إلى العيد الوطني رسمياً في فترة حكم ميكلوش هورتي 1919 - 1944. لكن الاحتفال بالملك إشتفان منع بعد الحرب العالمية الثانية خلال سنوات الحكم الشيوعي، وجرى حظر الطواف بمتعلقاته في المسيرة. وتحوّل هذا اليوم إلى احتفال بعيد الدستور الذي أعلن في 20 آب 1949، كما استعمل تعبير عيد الخبز الجديد في مسعى لترضية الفلاحين وربطه بموسم انتهاء الحصاد. أما يانوش كادار الذي حكم المجر بعد القضاء على ثورة 1956 التحررية فقد عاد إلى الاحتفاء بالملك إشتفان من دون استعمال صفة القديس، إلى جانب استمرار التسميتين الرسميتين: عيد الدستور والخبز الجديد. بعد التغير السياسي في 1989 عاد الاحتفال إلى طبيعته التي اكتسبها في ما بين الحربين العالميتين، وجرى إحياء تقليد الطواف الكاثوليكي بعظام كف يد الملك، وبدرجة أهم ليحتل موقع العيد الوطني المجري الرسمي من جديد. يبدأ الاحتفال الرسمي برفع العلم الوطني في ساحة كوشوت عند البرلمان، ثم وضع أكاليل الزهور على ضريح الجندي المجهول في ساحة الأبطال، ويصاحب ذلك أداء خريجي الكلية العسكرية القسم هناك للمرة الأولى هذا العام بعد أن كانت هذه المراسيم تتم في ساحة كوشوت في السابق. وخلال الاحتفال الرسمي تحلق في السماء طائرات السلاح الجوي المجري ويجري استعراض الأعلام المجرية التاريخية. وتمنح الأوسمة في هذه المناسبة للمتميزين من العلماء والسياسيين والمبدعين والمفكرين، ويقلد رئيس الجمهورية الأوسمة في قاعة القبة في البرلمان الهنغاري. أما الاحتفال بالمناسبة نفسها فهو متعدد الأشكال، وكان الاستعراض النهري يتبع الاحتفال الرسمي في الماضي، عندما تستعرض قطعات عسكرية نهرية وسفن مختلفة في نهر الدانوب أمام مبنى البرلمان، ويختم الاستعراض بعرض جوي للطيران العسكري والمدني والرياضي. أما في هذا العام فقد اقيم استعراض جوي اشتركت فيه طائرات شركة الخطوط الجوية المجرية ماليف من بينها طراز بوينغ 767 وطائرات عسكرية ومنها غريبن السويدية الصنع التي أثار تزويد القوة الجوية المجرية بها نقاشاً كبيراً، وطارت على ارتفاع 200 متر فوق الدانوب. كما نظمت المرحلة السابعة من سباق رد بول الجوي العالمي يومي 19 و20 آب فوق الدانوب، وهي المرة الرابعة التي تستضيف بودابست هذا السباق. ويشترك المتسابق المجري بطل العالم بيتر بَشَنْيَي في هذه السباقات العالمية ويحصل على نتائج متقدمة عموماً، فقد فاز بالمرتبة الأولى في أول مرحلة من السباق نظمت في أبوظبي في وقت سابق من هذا العام، وكذلك في المرحلة التي نظمت في الولاياتالمتحدة. هذا العام استمر تقليد الاحتفال بالخبز، فقد أقيم المهرجان في متنزه المدينة القريب من ساحة الأبطال حول المتحف الزراعي، وتضمن تقديم العروض الموسيقية والراقصة والتعريف بمبتكرات المطبخ المجري وبالطبع عرض كل عملية صنع الخبز، من طحن الحبوب بالرحى اليدوية حتى العجن والشي في الأفران، وهو ما كان في وسع الزوار تجريبه بأنفسهم ثم تذوق الخبز الذي صنعوه بعرق جبينهم. وقدم في الليلة السابقة للاحتفال عرض تأريخي خاص عن تأسيس الدولة المجرية في زمن إشتفان بالموسيقى والغناء والرقص والإنارة والدخان والألعاب النارية في ما يشبه أوبرا روك تاريخية، في ساحة الأبطال التي انشئت في احتفالات سنة 1895 بالذكرى الألفية لقدوم القبائل المجرية إلى المجر. وأصبح تقديم هذا النوع من الأعمال التاريخية المكررة المشبعة بالمفاهيم القومية والدينية الساذجة تقليداً منذ نجاح"إشتفان الملك"أول عمل من هذا النوع قدم في الثمانينات. بالاضافة إلى ذلك قدمت حفلات موسيقية متنوعة في أنحاء المدينة. وأقيم في مساء التاسع عشر مهرجان هنغاري الجديدة ورحلة الأطعمة، حيث امتلأ شارع أندراشي الفسيح الذي يصل بساحة الأبطال بما لذ وطاب من المأكولات المتنوعة وقدم أشهر المغنين والفرق أعمالهم. وتأتي قمة الاحتفال في الساعة التاسعة من مساء العيد الوطني عندما تضاء سماء بودابست بالألعاب النارية، وهي من أهم ما يجذب مئات الآلاف من المجريين والسياح خلال هذا اليوم. وكان برنامج إطلاق الألعاب النارية قد اضيف إلى الاحتفال في العام 1927. وتطلق الألعاب من مواقع عدة مطلة على الدانوب عند قمة وسفوح جبل غلّيرت ومن بعض جسور بودابست الجميلة ومن سفن ترسو في النهر. وبلغ عدد الألعاب النارية المستعملة حوالي 45 ألف قطعة من مختلف الأحجام من 24 ملم حتى 300 ملم انفجرت على ارتفاع يصل إلى 600 متر لتسكب ألوانها على الدانوب. وهناك الكثير من الاحتفالات المرتبطة بالعيد الوطني في بودابست والريف الهنغاري، منها عيد الحرفيين الذي أقيم هذا العام في الفترة بين 17 - 20 آب. وينظم هذا المهرجان الحرفي للفنون الشعبية منذ ربع قرن في منطقة قلعة بودا التاريخية ويزوره عشرات الآلاف من الزوار. كما ينظم مهرجان الزهور في مدينة دبرتسن ثاني أكبر المدن الهنغارية منذ 1967، وحاز هذا المهرجان على سمعة عالمية كبيرة. ويدوم لمدة اسبوع كامل تتخلله عروض فنية ومسابقات رياضية بمشاركة فرق من الدول المجاورة. كذلك اعتادت المدن الاخرى الاحتفال على طرقها الخاصة، مثل تنظيم مسابقات رياضية عالمية أو إقامة مهرجانات صيفية متنوعة. وانتهى أكبر احتفال موسيقي في وسط أوروبا قبل أيام من العيد الوطني، وهو مهرجان الجزيرة الذي شارك فيه مغنون عالميون وفرق شهيرة واجتذب 371 ألف زائر من المجر وخارجها على امتداد اسبوع كامل. والاحتفال بالعيد الوطني ثاني أهم نقطة جذب للسياح الأجانب سوية مع عطلة نهاية الأسبوع التي تقام فيها مسابقة فورمولا 1 للسيارات، عندها يصبح من الصعب إيجاد حجز في الفنادق ومن المفضل حجز السكن مبكراً.