على المملكة أن تستعد لجولة جديدة من الحملات الدعائية والمغرضة عقاباً لها، كما يتصور الذئب الأميركي، لمواقفها المتكررة والمشرفة على الصعيدين الدولي والإقليمي، واليوم يجري التجهيز لهذا التصعيد ضد السعودية بما تمثله من قوة إقليمية مؤثرة وفاعلة، تعمل على استقرار الأوضاع وتحول دون انفجار برميل البارود! فسيادة واستقلال القرار السعودي المنحاز للحقوق العربية والإسلامية المعترف بها دولياً، بات يقلق على وجه الخصوص مجانين الحرب في الإدارة الأميركية، بعد أن تبدت مواقف المملكة من خلال ديبلوماسية نشطة وبناءة، تلتزم بالثوابت الإسلامية والأعراف الدولية لمقاومة ما عُرف بالفوضى البناءة والمخططات التي يجري العمل على تنفيذها في الشرق الأوسط! لقد نجحت السعودية بالفعل في إفشال المخطط الجهنمي الذي حمله ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي في زيارته الأخيرة للمنطقة، إذ فوجئ بموقف القيادة السعودية الرافض بشكل قاطع ونهائي وبشكل أخلاقي ومبدئي، أي محاولة لتسهيل أو تأجيج الحرب بين الشيعة والسنة، سواء في العراق أو في المنطقة! وقد استحقت أن يصفها الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأنها حرب المئة عام، وأنه ليس مستعداً لقبولها، في حين نجح تشيني في إقناع غيره! لن ينسى التاريخ هذا الموقف النبيل لزعيم عربي بقامة الملك عبدالله، يقدر حجم المسؤوليات التي ينهض بها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة، هذا وقد تزايد السخط على المملكة بعد اتفاق مكةالمكرمة بين حماس وفتح، الذي تم على غير رضا الأميركيين والإسرائيليين، وقد أسهم الموقفان في إحباط مخطط آخر، لا يقل خطورة ولا تدميراً، كان يدبر له بليل في فلسطين وبتمويل أميركي وصل إلى بليون و270 مليون دولار، لتسليح حرس الرئاسة الفلسطينية من جناح عباس - دحلان، نحو 30 ألف جندي لضمان تفوقهم على القوة التنفيذية التابعة لحماس، والتي تقدر ب 5 آلاف مجاهد، لكن أحداث غزة في 13 حزيران يونيو والتي استبقت مخطط استئصال حماس قلبت الموازين، فبعد الهجوم الذي شنته حماس على خلية دحلان تبدد الوهم، الأمر الذي استدعى أن يعلن بوش لأولمرت في زيارته الأخيرة لواشنطن، ويتهمه بأنه ضلل الإدارة الأميركية عن القوة الحقيقية لحماس! ثم جاء الموقف السعودي الضاغط في اتجاه الحوار الفلسطيني ? الفلسطيني، بعد أن استطاعت المملكة، ومنذ اللحظة الأولى، أن تقرأ الأحداث جيداً، فلم تتورط في مؤتمر دولي للسلام وتخرج منه بخفي حنين؟! ولم تنحز لطرف على حساب الآخر! لكن السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لا ترعى المملكة هذا الحوار بين الأشقاء المتصارعين في فلسطين استكمالاً لاتفاق مكة؟ بعد أن أكد الطرفان أنهما غير قادرين على التوصل لوفاق بمفردهما! ولماذا لا تدعم الدول العربية، ممثلة في جامعة الدول العربية، التيار الإصلاحي والمقاوم داخل فتح، والذي يتمسك بالثوابت والوحدة الوطنية في مواجهة النخبة الفاسدة والمفسدة التي تتحكم فيها اليوم؟! نعم قدر المملكة أن تبقى تحمل هذا الهم العربي والإسلامي، وتظل منافحة عنه في حِلها وترحالها من منطلق إسلامي وقومي وإنساني، وقد أكدت الجولة الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين أنه مهما توجه، فإنه يحمل معه آلام وآمال هذه الأمة، وما موقفه من لقاء محمود عباس في الأردن بمستغرب على ملك يفرق بين ألاعيب أمراء الحرب ومواقف القادة الوطنيين الذين ينحازون لقضايا شعوبهم العادلة، وعلى ما يبدو أن رجال أميركا في المنطقة يرفضون أن يأخذوا العظة من توني بلير، الذي رفض بوش تعيينه رئيساً للبنك الدولي وضنّ عليه بالمنصب، وإن كان كريماً معه حينما وافق على تعيينه مبعوثاً للرباعية الدولية في فلسطين! هيثم صوان - مكة المكرمة