ذات يوم ذهبت لشراء بعض الاحتياجات، وعند وصولي للمتجر أخذت أفحص القائمة وما يتوجب إحضاره، وحين وصلت إلى"القائمة السوداء"التي تجعل الجيوب بيضاء أصابتني خيبة أمل فانزويت في ركن بعيد في ذلك المتجر، وتذكرت الأيام الخوالي عندما كنت انظر إلى تلك القائمة ولا أعبأ حينما أرى تلك الأحرف الثلاثة في القائمة واذهب للمكان المخصص وأقف لأمد يدى وبكل ثقة واسحب كيس الرز وأضعه في عربة المشتريات وأدفعها أمامي باتجاه المحاسب... فنحن نعتمد في وجباتنا الرئيسة الثلاث على الرز الذي يدخل في جميع أنواع الطعام، وله مسميات كثيرة بحسب تحضير وجبته، فيدعي تارة المندي وتارة أخرى"كوزي"وتارة ثالثة"مضغوط"... ولا ننسى الحنيذ والمظبي والبخاري والسليق وغيرها من المسميات الكثير، كما أن أكل وجبة عنصرها الأساسي الرز هو أمنية كل من تؤلمه عضة الجوع. وانتزعني من تلك الذكريات عن الرز حقيقة ارتفاع سعره، أنا في ركن من المتجر حتى انتبهت لصوت علا بنداء من داخل المتجر يبشر المتسوقين بإقرار"تنزيلات"التي سيحظون بها على مشترياتهم خلال تسوقهم، توجهت مباشرة إلى المكان المخصص للرز وأنا أسائل نفسي لماذا طال الغلاء هذا العزيز الإستراتيجي القيمة والحيوية والأهمية؟ لماذا لم يطل الوجبات السريعة التي لا يدخل فيها بصورة أساسية مثل الهّمبورغر على اختلاف أسمائه وملحقاته؟ وصلت إلى مكان عرض الرز لاحظت تلك الحشود من الراغبين في الحصول عليه بعد إعلان التخفيضات على أسعار المشتريات ومن بينها الرز، والفرحة تعلو وجوهنا جميعاً، ولكنها سرعان ما تلاشت، وأصابني الذهول عندما رأيت لوحة إعلانية تتأرجح أعلى مكان أكوام جوالات الرز وقد كتب عليها"بشرى سارة رجع السعر إلى أصله، وخفضنا 20 في المئة، فقد فوجئنا جميعاً بأن الرفوف التي يفترض أن تكون مكتظة بجوالات الرز فارغة، ولا أثر لحبة رز فيها! تلفت حولي لأرى وقع الصدمة التي أصابتني في وجوه الآخرين، فرأيت أحدهم تساقطت الدموع ويوشك أن يبكي من شدة الغيظ... ولكن أنقذ الموقف وصول عاملين في المتجر يحملون"شكارات"الرز ووضعوها على الرف فأخذت واحدة وتوجهت إلى المحاسب... عند وصولي إليه أخذ يتحدث معي حول الرز وعن رأيي في سعره الجديد المخفض، وعن انطباعاتي وأسهبت في في التعبير عنها... وإذا بي اسمع تصفيقاً صاخباً وضحكات عالية ليقول لي احدهم"قد كنت ضيفاً على برنامج للكاميرا الخفية لإحدى المحطات الفضائية، وسيعرض هذا البرنامج في شهر رمضان المبارك... ولكن سعر الرز لايزال كما هو لم يتغير! [email protected]