لم يضف وزير التجارة السعودي هاشم يماني على مشكلة ارتفاع الأسعار التي تعانيها البلاد حالياً إلا مزيداً من اللهب، حين نصح بتجنب شراء المنتجات الجيدة ذات الأسعار المرتفعة. وعلى رغم أن الوزير كان يقصد بحديثه أن يغير السعوديون بعض سلوكياتهم في الشراء لاحتواء المشكلة، إلا أن نصيحته صادفت إشارته إلى تعدد منتجات الرز وهو الوجبة الشعبية الأولى لدى السعوديين، الأمر الذي ربما دفع مواطنين وأكاديميين متخصصين في الاقتصاد لانتقاد الوزير يماني، واتهامه بالتهرب من المسؤولية، كما ألمح بذلك أستاذ الاقتصاد المساعد في معهد الدراسات الديبلوماسية الدكتور محمد بن فهد القحطاني أثناء حديثه ل?"الحياة". وإذ اعتبر القحطاني تصريحات الوزير تحميلاً ل?"وعي المواطن"أكثر مما يحتمل، فإنه قال إن الوزير يتجنب الإشارة إلى دور احتكار السلع من بعض الموردين في ارتفاع الأسعار وغياب جو التنافس الحقيقي. وفي حين لم يقلل القحطاني من أهمية المبررات التي ساقها الوزير كسبب لارتفاع الأسعار، خصوصاً اليورو في مقابل الدولار، فإنه اعتبر ارتفاع اليورو تحولاً إلى"شماعة"يعلق عليها المسؤولون مسؤولية تردي الأسعار، جازماً بوجود اتفاقات وتحالفات بين الموردين المحتكرين للسلع لرفع الأسعار، واضاف:"بعض الزيادات على الأسعار"مفتعلة"من التجار في ظل غياب الرقيب والحسيب من وزارة التجارة". واستشهد القحطاني على عدم منطقية مبررات الوزير هاشم يماني، بأسعار مواد البناء وبالذات أسعار الاسمنت التي ارتفعت في وقت سابق، إذ بادر المنتجون بالتنسيق مع بعضهم البعض لتقنين الانتاج والاسعار والكمية المعروضة، حتى عادت الأسعار للاستقرار. مستشهداً بوجود سلع محلية مرتفعة في الأسعار على رغم أن اليورو ليس له صلة بها. وأصر القحطاني على دور الاحتكار في ارتفاع الأسعار حين تحدث عن"نظام الوكالات التجارية"الذي عفا عليه الزمن، مشيراً إلى أن الحل لا يكمن في تحديد الأسعار بل في عمل دراسة مستفيضة للأسباب الحقيقية ومعالجتها إلى جانب فرض رقابة صارمة وعقوبات مغلظة على المخالفين. وهي جزئية اتفق فيها مع القحطاني مقدم برنامج"بلا تحفظ"الذي أطل منه الوزير على شاشة القناة الأولى طلعت حافظ حين أشار ل?"الحياة"إلى أن العقوبة يجب أن تصل لحد شطب السجل التجاري من التجار المخالفين. موضحاً أن المراقبين في وزارة التجارة وعددهم 200 شخص لكل أرجاء المملكة غير كاف. ولم يجد حافظ هو الآخر في تبرئة ساحة الوزارة بشكل كامل حين قال:"اذا اثبت ان الارتفاع عالمي وله علاقة بأجور التصنيع او فروق العملة، فإن هذا لا يعفي الوزارة من وجوب تشديدها على الرقابة لأن بعض التجار وهم قلة يرفعون الأسعار، والمطلوب إحكام الرقابة إلى جانب بذل جهد أكبر من خلال علاقاتها الدولية مع الدول المصدرة للحصول على أسعار أفضل، فضلاً عن توجيه التجار للاسواق الأخرى الأقل كلفة والتفكير جدياً في فك الريال مع الدولار".