نعم، إن الدين المعاملة، وهذا ليس شعاراً، ومن الأجدر أن ندعو الآخرين بأخلاقنا، كما كان أسلافنا الأوائل... الدين هو الخير كله، من تمسك به نجا وأفلح، ومن أعرض عنه حُرم الخير كله وعاش معيشة الضنك والحيرة، فهذا رسولنا العظيم ما من خير إلا ودل الأمة إليه وأرشدهم إليه، وما من شر إلا وحذرها منه... رسول ختم الله به الرسالات، يحث أتباعه على التعاون على البر والتقوى والتواصل والتراحم في ما بينهم وخدمة بعضهم بعضاً، وأكد على ذلك وبيّن أن هذا الوجه من أعظم ما تنفق فيه الأموال والأوقات، ومن أعظم الطاعات والقربات لرب الأرض والسماوات. نعم إنه دين الإنسانية، صالح لكل زمان ومكان، يوثق روابط وأواصر المحبة والإخوة الإسلامية والإحسان إلى الناس وتفقد أحوالهم، واحتساب الأجر الكبير المترتب على خدمة الآخرين والسعي الحثيث في تحقيق مقاصدهم الشريفة وغاياتهم النبيلة، وقد رغب الشارع الحكيم في ذلك، إذ يقول صلى الله عليه وسلم "أحب الناس على الله أنفعهم للناس... ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد ? يعني مسجد المدينة ? شهراً... ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له، ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام" رواه الأصبهاني واللفظ له وحسنه الألباني. وعن عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال صلى الله عليه وسلم "إن لله تعالى أقواماً يختصهم بالنعم لمنافع العباد ويقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم"، أخرجه ابن أبي الدنيا وحسنه الألباني. وعن عبدالله بن عمر أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حُرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس"، رواه الترمذي وأحمد، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فأشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به"، رواه مسلم، وأحمد الله أن جعلنا من خير أمة أُخرجت للناس تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر، وتؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. خالد بن إبراهيم الشمسان - المدينة المنورة