لا يجد كثيرون حرجاً من إطلاق ألقاب على بعضهم بعضا وفقاً لعيوب في شكلهم الخارجي، التي ما تلبث أن تصبح ملازمة لهم مثل أسمائهم. الأعرج، وأبو رأس، والقزم، ألقاب أطلقت على كثيرين صاروا يعرفون بها أكثر من أسمائهم، ما جعل بعض هؤلاء يختارون العزلة، فيما نجح آخرون منهم بالتكيف مع لقبهم. يقول عبدالله اليامي 30 عاماً الذي أطلق عليه لقب"الأعرج"منذ طفولته، نظراً إلى أن رجله اليمنى أقصر من اليسرى،"سبب لي هذا اللقب كثيراً من الضيق، خصوصاً حينما كنت طفلاً، إذ كان أقراني من أبناء حارتنا ينادونني به، إضافة إلى كثير من أقاربي". ويضيف:?"إلا أنني بعد مرور الوقت وتجاوزي مرحلتي الطفولة والمراهقة، تمكنت من التكيف مع لقبي وعاهتي، بل إنها دفعتني إلى الالتحاق بقسم العلوم الاجتماعية وتخرجت بتقدير ممتاز، لأتمكن من فهم السلوكيات الاجتماعية". وفرض قصر قامة سلمى علي 19عاماً التي لا يتجاوز طولها ستين سنتيمتراً عليها بناء حاجز يفصلها عن العالم الخارجي ومجتمعها الذي نعتها ب?"القزمة". تقول سلمى :?"كنت دائماً أشعر بأنني مختلفة عن بقية صديقاتي. منذ صغري ينتابني إحساس بأنني شاذة عن غيري، وزاد من هذا الشعور محاولات والدتي تخبئتي عن عيون أقاربنا ومعارفنا حتى لا يسخروا من هيئتي، ما دفعني إلى اختيار العزلة، حتى لا يُذكّرني أحد بإعاقتي". وعن أحلامها التي تتمنى تحقيقها ذكرت سلمى:?"أطمح إلى تكوين أسرة وإنجاب أطفال، والأهم من ذلك كله أن يكون الرجل الذي سأتزوجه قزماً حتى نكون متكافئين لبعضنا ولا يعايرني". ويتذمر حامد علي 17عاماً من نعت رفاقه وأقربائه له ب?"الغبي"ما أثر سلباً في مستواه الدراسي، موضحاً:?"أطلق علي هذا اللقب على رغم معظم تصرفاتي لا تدل على غبائي". وذكر، ما يشعرني ذلك بالدونية ويزيدني إحساساً بالأقلية". من جانبه، أكد الاختصاصي النفسي الدكتور عبداللطيف الحزيمي ضرورة توعية المجتمع باحترام مشاعر الآخرين بغض النظر عن هيئاتهم أو حتى شخصياتهم. وأوضح الحزيمي، أن هناك اختلافاً في مدى تأثر الأشخاص سلباً أو إيجاباً باللقب الذي يطلق عليهم، وفقاً لطبيعتهم، مبيناً أن هناك من تؤثر عليه هذه الألقاب إلى درجة أن يشعر بالدونية وينطوي على نفسه، ما ينعكس سلباً على مستقبله، لافتاً إلى أنه في المقابل هناك أشخاصاً ينجحون في التأقلم مع لقبهم. وأضاف:?"غالباً الذين يعانون عيوباً خَلقية مثل قصر الطول أو العرج، يتأثرون بما يعايرون به في بداية حياتهم، لكنهم مع مرور الوقت لا يكترثون بما يقال، بل يحاولون التكيف مع وضعهم". ورأى:?"أن الذين تطلق عليهم ألقاب مستوحاة من صفاتهم الخُلقية، مثل الكذاب والغبي يعانون أكثر من غيرهم، حتى أن كثيراً منهم يتقمص ما نسب إليه لا إرادياً، ما يؤدي إلى زيادة سوء حاله النفسية".