منذ أن خلق الله الخليقة، شرع الإنسان في ممارسة دوره الفاعل عليها من بناء وعمارة قامت على أثرها حضارات وشيدت أمم، من هنا يظهر التميز في القدرة على العطاء بين الأفراد وتقديم الأفضل والأنفع لخير البشرية، هذا العمل الذي إن حسن الأداء فيه ظل شاهداً متوارثاً تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، ونحن أبناء السعودية حبانا الله بأن خص أرضنا بالرسالة المقدسة، وهيأ لنا ولاة أمر مخلصين لهم دورهم الريادي المؤثر في بناء صرح هذه الأمة. نجد لصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز الأثر الكبير في الإعداد لبناء المواطن في هذا الوطن حاضراً ومستقبلاً، مؤطراً ذلك بروح من الإخلاص في العمل وتفاني في الأداء إخلاصاً وتضحية. ميدانياً في مختلف ميادين الوطن له دور كبير يسجله تاريخه الطويل منذ أن بدأ حياته العملية الفعلية، حين وضع نفسه طوعاً لولي أمره أينما دعا إليه داعي الوطن من المحافظة على حرمات الوطن والعمل لما فيه مصلحته، علماً بأن ذلك يتطلب منه جهداً كبيراً حتى يتحقق الهدف المنشود مع الأخذ بكل السبل المؤدية الى النجاح ودوام الاستمرار في جني ثمرة هذا الانجاز على المدى الطويل من الزمن خدمة لحاضر الوطن القريب ومستقبله على مدى الأجيال. إن المنهجية الفكرية القيادية في الحياة ما هي إلا إستراتيجية فكرية في القيادة العملية، وأن مقياس مستوى الأداء فيها ونتائجه ليس أنياً، أي أن النجاح في العمل المثمر يكون كماً ونوعاً وتوافقاً مع تطورات الفترات الزمنية التي يمر بها العصر، هذه المنهجية في التفكير لدى سموه الكريم تضع أي مسؤول وعلى مستوى دولة كبيرة كما هي عليه المملكة العربية السعودية أمام أمانة كبيرة تجاه ممن يليه من الأجيال. إن مفهوم العمل القيادي اكبر من أن يكون مجرد منصب بل هو جهد يترجمه إنجاز لا يرتبط نفعه وفائدته بفئة قليلة ولا فترة زمنية معينة تنتهي بانتهاء العمل بهذا المجال أو غيره، او يكون ضمن منطقة إقليمية، بل بما يعود بالنفع والخير على البشرية كلها. إن لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز نموذجاً مميزاً في العمل القيادي والإداري بعيداً عن المفهوم المادي، وقد أكد ذلك في أن العمل هو مسؤولية عظيمة تفرض سماتها على من يقوم بها وفق أدائه لها، فإن كبرت كبر هو بها لما يحمله من أمانة تجاه الله أولاً ثم تجاه أبناء وطنه الذي يرى أنهم يستحقون منه كل الاهتمام. نستنتج من ذلك أن هذه المنهجية في التفكير القيادي تدل على عمق وعي سموه الكريم في استحضار مقومات النجاح، يقودنا لذلك تطلعه الدائم للعلم ودوره الفاعل في تقدم أي امة من الأمم. عاقد الأمل على الدماء المتجددة من شباب الوطن الرافد الأساسي في ديمومة العملية التنموية بما ترفده من كوادر بشرية، هؤلاء الأبناء هم القوة القادرة على تطويع كل الثروات المادية والطاقات الفكرية وبلورتها الى طاقات عملية في أرض الواقع، وتلمس نتائجه بما وصلت إليه المملكة من تقدم ونهضة في قياسات زمنية قصيرة، فللمملكة خصوصية تظهر للباحث في شؤون التقدم والنمو الحضاري، إنها صعبة المراس والتأقلم لمواكبة ركب التقدم، وهذا ما أثبته على العكس من ذلك ما قام به الرعيل الأول الذين قامت على جهودهم دولة التوحيد. يتميز صاحب السمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز بالبراعة في فن السياسة العملية، تمرس عليها وعرفها من والده جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، الذي كان لسموه مدرسته الأولى الذي صلب عوده فيها وفتح عينيه على آفاقها السياسية، جعلت منه إنساناً لا يمكن ان تنحصر أعماله في حدود مسؤوليته الرسمية، فهو في شغل دائم ومتواصل لتلمس حاجات المواطنين ومتابعة قضاياهم المختلفة... كما انه رائد سباق في العمل الخيري، وراعٍ دائم لحركة التطور العلمي ورعاية الموهوبين من أبناء البلد إيماناً منه بدور العلم في تقدم الشعوب ورفعة الأمم. يتسم ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، حفظه الله، بسمات فذة، فهو رجل دولة من الطراز الفريد، عرف السياسة فناً وعمل بها أسلوباً، فالسياسة بالنسبة لسموه ليست تقلد منصب مهم في الدولة، وإنما هي تكليف وحمل أمانة والنجاح في المهمة يعود إلى الشخصية والقدرة على بناء أسس الترابط بينه وبين أبناء الوطن الذي يولد الحب والوفاء. إنه عرف المسؤولية بأنها رسالة سامية، فيها الكثير من التضحية على حساب النفس ونكران الذات الشخصية لأجل الذات الوطنية، كما أنها تتطلب التطوع لخشونة الحياة وتقلبات الأوضاع السياسية بين الأمم، وما يتطلبه من حكمة وحسن تصرف يتناوب ذلك بين الحسم والمواجهة في بعض الأحيان، وبين الحوار وتقبل وجهة نظر الآخر أحياناً أخرى، وكل ذلك وفق إطار من المهارة الديبلوماسية المحسوب بها المصالح الوطنية والحفاظ على الكيان السياسي. إن الأمير سلطان بن عبدالعزيز إضافة الى طابعه الأبوي فهو إنسان ذو قلب كبير وعقل منير، سماته الشخصية تدل على انه منفرد في ذاته وصفاته، فهو شديد البأس في كل ما يمس الوطن وسيادته، رفيع النفس في تعاملاته الإنسانية، كثير العطاء، وفخور بالولاء للوطن وأبنائه، حريص على حاضر وطنه، شغوف برسم مستقبله. صالح بن ناصر المجادعة [email protected]