الكتابة عن الشأن المحلي قد تضطرك أحياناً، دونما قصد منك, إلى توجيه بعض اللوم إلى بعض الأشخاص أو السلبيات التي تعايشها وتتلمسها من خلال همومك اليومية كمواطن، لترصدها بقلمك، وتنقلها إلى زاويتك أو مقالك. بعض هذه الهموم ما لمسته أثناء زيارتي قبل أيام عدة لمكتب أمين مدينة الرياض، واندهاشي من حجم المعاملات والمواطنين الهائل الذين يحرص على استقبالهم، ويوجه بتذليل الصعاب كافة التي تواجههم، سواء كانت إدارية أو حتى غير إدارية... حتى هنا لا غبار عليه، فذلك في الأخير، بطريقة أو بأخرى جزء من مسؤوليته، وآلية نشطة انعكست على أدائه من شخص أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي يهتم أولاً وأخيراً بالمواطن، ويسعى بكل ما لديه من مقدرة إلى مساعدته لتجاوز مشكلاته أياً كانت، وحلها متى ما توافرت فيها عناصر الحق بشكل عام. لكن إشكالية أمين مدينة الرياض تكمن في إحساسي بتورط هذا الرجل في كثير من الأعمال التي كان يتعين أن يقوم بها بعض الوكلاء أو رؤساء البلديات وموظفيها. وفي العرف الإداري هناك مبدأ عام, الجميع يعرفه وهو أنه إذا ما تجاوزت معاملة يجب عليك إنهاؤها وتحويلها إلى مكتب رئيسك المباشر، وكان المفترض أن تنتهي في مكتبك ومع ذلك تجاوزتك، ومعنى ذلك أن هناك خللاً ما في أدائك، ومعنى ذلك ? أيضاً - أن الموظف المنوط به إنهاء هذه المعاملة لم يقم بما يجب أن يقوم به بالشكل الصحيح... ونحن إذا ما طبقنا هذا المبدأ أو هذا العرف الإداري على حجم ونوعية المعاملات التي ترد لمكتب أمين الرياض، فإننا سرعان ما سنكتشف شيئاً من التراخي في أداء بعض المسؤولين المساعدين الذين تتحول مكاتبهم إلى مجرد جسر لتمرير المعاملات بطريقة أو بأخرى إلى مكتب الأمين لإنهائها، وهو خطأ فادح لأن ذلك معناه أن هذه المعاملات ستأخذ ? بما لا يدع مجالاً للشك ? من الوقت المخصص لعمل الأمين نفسه الجزء الكبير، وستضيف إلى أعبائه أعباءً جديدة، في الوقت الذي هو في أمس الحاجة إلي مزيد من الوقت للمتابعة، وللتفرغ لإنجاز ما لديه من عمل لا ينجزه غيره من وكلائه وموظفيه. الرياض الآن هي عاصمة الخليج، والمنطقة العربية بأكملها، وأصبح الجميع ينظر إليها على أنها مدينة تمثل المنطقة المركزية لصنع القرار العربي في الوقت الحاضر، ما يتوجب على كبار المسؤولين بها تفرغاً تاماً لمتابعة كل صغيرة وكبيرة في أرجائها... والدفع بها تخطيطاً وتنفيذاً لتتواكب مع الدور الريادي الذي تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين تجاه العرب والخليجيين، لذا فإن إحالة بعض المعاملات من مكاتب بعض الوكلاء أو رؤساء البلديات إلى مكتب الأمين، أعتقد وبشفافية تامة أنها تمثل شيئاً من التهاون في أداء دورهم كما ينبغي... وهذه الملاحظة لا تقتصر فقط على الاخوة مسؤولي البلديات أو بعض الوكلاء، بل تنسحب حتى على بعض المراجعين أنفسهم الذين يتوهمون للحظة أن المعاملة لا يمكن أن تنتهي إلا إذا انطلقت أو حظيت بتأشيره من الأمين، ظناً منهم أنهم بذلك ينجزون عملهم من دون تعطيل أو تأخير، في حين ? وهذه حقيقة ? أنهم إذا ما ذهبوا بها مباشرة إلى الموظف المختص، فإن هذا الأخير يقوم بإنهائها ? غالباً- من دون الحاجة للرجوع إلى الأمين، ومن دون أخذ وقت من عمله الرئيس, ودونما تضييع لوقت المراجع نفسه. لكن على ما يبدو أنها أزمة ثقة متبادلة ما بين بعض المواطنين وبعض الموظفين تنعكس بصورة أو بأخرى سلباً على وقت المسؤولين، وتأخذ منهم الكثير على حساب قضايا ومواضيع بالتأكيد هي أهم من السعي للحصول على تأشيرة أو توصية منهم لشيء قد ينجز من دون حاجة إلى توصية، بل يمكن إنجازه بسهولة ويسر. ومادام وجد الموظف فلابد أن تتوافر الثقة بأن هذا الموظف قادر على إنهاء المعاملة بشكل سريع وعاجل، وهو مبدأ يجب ترسيخه في ذهن المراجع. وحتى ذلك الحين كان الله في عون الأمين، خصوصاً بعد تلمسي الحقيقي لحجم ما يستقبله يومياً في مكتبه، سواء من مواطنين أو لجان أو زوار، في الوقت الذي هو مسؤول فيه أيضاً أمام باني الرياض ومقيم نهضتها الأمير سلمان بن عبدالعزيز عن كل ما هو مرتبط بطبيعة وآلية العمل الدائر في إرجائها كافة. [email protected]