فرحة المعلمين الجدد الذين تجاوز عددهم 6500 معلم، لا تكاد توصف، الفرحة لا تسع هؤلاء المعلمين الجدد في المدارس السعودية حينما أعلنت وزارة التربية والتعليم أسماءهم في التعيين للدخول في السلك ال +وظيفي في مجال التعليم. المعلمون الجدد الذين بادروا إلى إدارات التعليم في المحافظات في رجب الماضي، للتوجه في ما بعد إلى مدارسهم، كان هاجسهم الأكبر مكان التعيين، بعد أن تم توزيعهم، رضي بعضهم وغضب البعض الآخر الذين رمتهم حظوظهم السيئة كما يحلوا لهم أن يسموها في قرى تفتقد لمعظم مقومات الحياة التي اعتادوا عليها. يقول المعلم مازن النفيعي:"تعينت في بداية هذا العام في محافظة الدوادمي، لكن أعيد التوزيع مرةً أخرى، لأعيّن في محافظة حفر الباطن التي تبعد عن مقر إقامتي في محافظة الطائف مسافة تزيد على 1200 كيلومتر، وعلى رغم ذلك توجهت إلى عملي برفقة اثنين من زملائي، وتم توجيهنا إلى مدارس في وسط المدينة، وبعد ذلك أقمنا في إحدى الشقق المفروشة لمدة يومين بمبلغ 200 ريال لليوم الواحد، على أمل أن نجد شقة نستأجرها مدة عام كامل، وخلال هذين اليومين بحثنا عن سكن لكن من دون جدوى، وأصبحنا نمدد عقد الشقة إلى أيام أخرى، حتى أجبرنا على استئجار الشقة لمدة شهر بمبلغ 2400 ريال، وظللنا نصحو صباحاً للعمل، وفي المساء نخرج للبحث عن سكن ملائم". وعلى رغم المعاناة التي لم يعتد المعلمون عليها، إلا أن لديهم بصيص من الأمل في النقل والاستقرار في مدنهم التي قدموا منها. غير أن نوعاً من التواصل الاجتماعي أسبوعياً بعيداً من أجواء الدراسة، يمنح شعوراً بالطمأنينة بين المعلمين الذين يقيمون بعيداً من أهلهم، والمعلمين والطاقم الإداري الذين يقيمون بين أهلهم، مضيفاً جواً اجتماعياً يعدّه كثيرون أساساً لتنمية الترابط بين المعلمين، ودافعاً لهم لتقديم المزيد لطلابهم ومدارسهم. وتعتبر ليلة الثلثاء من كل أسبوع موعداً متفقاً عليه للاجتماع الدوري، وبحسب اتفاق معظمهم يكون هذا التجمع في المدرسة أو خارجها من طريق استئجار إحدى الاستراحات. يجتمع المعلمون غالباً بعد صلاة العشاء، في محاولة منهم لكسر الروتين إلى الترفيه، مع قرب انتهاء أسبوع دراسي مكتظ بالعمل، ويتم خلال هذه الليلة ممارسة الرياضة والحديث عن البطولات الرياضية العالمية والمحلية، وعن أمور التجارة وسوق الأسهم أحياناً. ويوزِّع المعلمون في ما بينهم مهمات إحضار القهوة والشاي والحلويات والمكسرات، بينما تأتي وجبة العشاء"قطّة"بين الجميع، يتم توفيرها بالاتفاق مع أحد المطاعم، فيما يفضل البعض الطبخ أو الشواء في المكان نفسه سواء كان المدرسة أو الاستراحة. ويؤكد المعلم عادل بهكلي في مدرسة الإمام أبو حنيفة في الكندرة"ربما كان معلمو مدرستنا من أبرز المعلمين في تربية وتعليم جدة، إذ خصصنا يومين في الأسبوع وأسميناها الأحدية والثلوثية، أي بمعنى أنه يجتمع معظمنا يومين في الأسبوع، فالأحدية غالباً تكون عندي في الديوانية في شمال جدة، والثلوثية في المدرسة لممارسة كرة الطائرة وما يصاحبها من تحديات، ومن لم يتمكن من الحضور إلى الأحدية سيتمكن من الحضور إلى الثلوثية، وكلتاهما نجد فيهما تواصلاً أخوياً ومتعةً". بينما أكد معلم مصادر التعلم في مدرسة الفتح الرائدة الأستاذ خالد الغامدي أنه يجتمع مع عدد من معلمي المدرسة في ثلوثية ليس لها مقر معين، بل تختلف من مكان إلى آخر، تارة في استراحة وتارة تكون على الكورنيش، ويقول:"هي بادرة جميلة ومحسوبة لمعلمي التربية والتعليم، وسنحرص على تعميق جذورها في شكل أقوى خلال الفترة المقبلة، من خلال إدخال بعض البرامج والأفكار الجديدة عليها، وأمل أن يكون لبقية موظفي القطاعات الأخرى برنامج خاص بهم ويحضوا بهذا الالتقاء الجميل".