لست أدري لماذا أتخيل "التلفزيون"السعودي إنساناً انتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الكهولة من دون أن يمر بمرحلة الفتوة والشباب! فقد مرّ على إنشائه ما يقرب من نصف قرن إلا أنه بعيد ? مع الأسف ? عن العمل الاحترافي الإعلامي... ولا نكاد نرى وجوهاً إعلامية جديدة مشرقة إلا في ما ندر، وصياغة النشرات الإخبارية وطريقة عرضها وإعدادها لا جديد فيها، والاستوديوهات التي تحتضن البرامج والنشرات الإخبارية لا يصلح بعضها إلا لعرض قطع أثرية، ومعظم البرامج المقدمة تفتقد إلى الاحترافية. قد لا نكون متخصصين في الإعلام، ولكن العصر الذي نعيش فيه جعلنا ندرك بعض أسرار هذه المهنة وخفاياها، فكل يوم يطل علينا مولود جديد في فضاء الإعلام العربي، ما يكسبنا قدرة على الفرز بين الجيد والسيء إعلامياً. ماذا ينقص التلفزيون السعودي حتى يكون قادراً على المنافسة في هذا الفضاء الإعلامي المتلاطم؟ سؤال عريض ولكنني مؤمن بأن وجود إرادة حقيقية وصادقة ستجعل المستحيل ممكناً، وستنقل هذه الوسيلة الإعلامية لتكون أكثر فاعلية في الحراك الاجتماعي والثقافي والسياسي. ومقارنة بين التلفزيون السعودي والقناة الإخبارية ? على رغم حداثتها ? تكشف لنا أن الإرادة والإدارة يمكنهما أن يصنعا شيئاً يستحق المتابعة والاهتمام، على رغم أن أبرز إنجازات هذه القناة لم يتجاوز إتاحة الفرصة أمام المرأة السعودية لتقديم النشرات الإخبارية، وذلك بحسب إفادة التقرير الذي قدمته وزارة الثقافة والإعلام إلى مجلس الشورى. مع كل دورة تلفزيونية جديدة نستبشر خيراً بما يعلن من البرامج والتغييرات، لكن نفاجأ بأن بعضها لا يبتعد كثيراً عن المألوف والمكرر، وبعضها الآخر قائم على المحاكاة والتقليد لبرامج القنوات الأخرى، حتى البرامج الجديدة التي أعلن عنها أخيراً يبدو أنها لا تبشر بخير، فالديكورات نفسها وطريقة التقديم والإعداد والإخراج ونوعية الصورة لا تغري بمتابعة البرنامج، لنصل إلى قناعة مفادها أننا في حاجة إلى حلول جذرية وليس إلى مسكنات، ولعل أهم الحلول الآتي: - ضخ دماء جديدة في هذه الوسيلة الإعلامية المؤثرة سواء على صعيد المذيعين ومقدمي البرامج، ومهندسي الديكور والمصورين والمخرجين، وأن يكون المعيار هو الكفاءة والاحترافية لا غيرهما، إذ يوجد لدينا إعلاميون سعوديون بارزون يديرون بعض القنوات الفضائية الناجحة ويترأسون تحرير بعض الصحف السيارة. - تقديم الدعم المادي السخي الذي يكفل لتلك الخبرات تقديم عمل إعلامي احترافي. - إعادة تأهيل المذيعين ومقدمي البرامج، وذلك بإلحاقهم بدورات تدريبية متخصصة ترفع من كفاءتهم وتكسبهم الخبرة الكافية والمهارة للتعامل مع هذه الوسيلة الإعلامية. - يجب إدراك خصوصية السعودية ومكانتها العربية والإسلامية في انتقاء ما يُبث من برامج ومسلسلات، الهدف منها توعية المواطن والارتقاء به والتأثير فيه وجعله فاعلاً داخل مجتمعه، ونقل الصورة المشرقة إلى العالم أجمع ليتعرف على طبيعة المملكة وأهلها، ولإعطاء التلفزيون السعودي طابعاً خاصاً وهوية مميزة. أكاديمي سعودي [email protected]