تصلني على بريدي الإلكتروني عشرات الرسائل التي تطلب منّي أن أتناول موضع الزحمة المرورية المتزايدة، وضرْبِ كثير من السائقين بنظام المرور عرض الحائط، إمّا جهلاً أو تجاهلاً! وفي الواقع، معظم هذه الرسائل كانت تتحدث عن طريقة قيادة بعض السائقين في مدينة الرياض بالذات، وعدم اكتراثهم بحقوق وسلامة السائقين الآخرين الذين يستخدمون الطريق نفسه. وقبل أن أتناول هذا الموضع في مقالتي هذه، تطقست وتحريت عن الجهود التي تقوم بها إدارة مرور الرياض، ومن دون أية مجاملة، وجدت أن جهود إدارة مرور الرياض هي جهود جبارة، واكتشفت أيضاً وبالأدلة القاطعة، أن المدير العام لمرور الرياض العقيد عبدالرحمن المقبل، يعتبر من أنشط قادة المرور على مستوى المملكة، ومن أكثرهم مهنية في عمله، وهو من شريحة المسؤولين الذين يصلون لمكاتبهم الساعة السادسة والنصف صباحاً، بل ويداوم في الفترة الليلية لبضع ساعات أخرى، محاولة منه لتذليل العقبات وبذل كل الجهود التي من الممكن أن تسهل الحركة المرورية، وتحد من الاختناقات المرورية المتوقعة دائماً في مدينة الرياض. إن كان سينظر لكلامي أعلاه بأنه مدح لقائد مرور الرياض، فليكن كذلك، بل أنا فخور بذلك، ناهيك عن أن هذا الرجل بلطفه وتواضعه يستاهل أكثر مما قيل. لكن الموضوع أيها السادة لا يقتصر فقط على جهود رجل نشيط وعالي المهنية في هذا المركز فقط. لكنه من دون شك يعتمد وبشكل رئيسي على طبيعة تعامل الناس وعلى طريقة تفكيرهم ومستوى اعترافهم بإنسانية بعضهم بعضاً. مدير المرور أيها السادة لا يمكنه أن يعيد برمجة عقول الناس لتحترم بعضها بعضاً، ولا يستطيع أن يدخل إلى قلوبهم لتتسامح، أو أن يعدل بطباعهم ليبتسموا ويتواضعوا، ولو جلبنا ألف رجل مثل العقيد المقبل، فلن يستطيعوا أن يحلوا مشكلة التزاحم المروري لخمسة ملايين رحلة سيارة يومياً معظم سائقيها لا يعترف بأحقية الآخر، ولا يحترم خطوط مشاة، ولا يقدر ضيق طريق، ولا يعترف بنظام دوّار، بل ولا يحترم خطوطاً صفر أو أضواء حمر، ولو تم تطبيق النظام على كل هؤلاء المخالفين، ستحتاج إدارة مرور الرياض إلى معتقل مساحته قريبة من مساحة مدينة الرياض، ليكفي لحجز المخالفين المحتجزين فيه. لن يعتدل حالنا لا في الرياض ولا حتى في الخرخير، إلا إذا بدأنا نؤمن بأن احترام النظام وتطبيقه على"الجميع"هو المخرج الوحيد من كل مشكلاتنا، ولن نرتقي بالتفكير ونهنأ بحياة أفضل، إلا إذا قتلنا"الواسطة"وأحللنا مكانها"تطبيق الثواب والعقاب"على كل من يخالف، ومن دون أية رحمة أو رأفة، ولن يتمكن أي من سائقي السيارات في مدينة الرياض من استخدام الدوارات بشكل آمن كما هم معمول به في جميع أنحاء العالم، إلا إذا كان هناك قناعة لدى السائقين بأن الأمور لا تأتي بالقوة. [email protected]