الطعن في الحكم هو إجراء يقوم به الخصوم في الدعوى في حال عدم قبولهم بالحكم الصادر، وله أي للطعن طرق وأحوال يقررها القانون، وهو حق أصيل للخصوم، ومن حيث المعنى فإن الطعن في الحكم هو أن يبدي أطراف الدعوى أو يكشفوا عن عيوب يرون أنها قد شابت الحكم الصادر، ويستهدفوا بذلك إلغاء أو تعديل ذلك الحكم، إذاً فالطعن هو إجراء قانوني يصدر من ذي صفة يقصد به رفع الحكم القضائي إلى المحكمة المختصة في مراتب السلم القضائي، بهدف إلغاء ذلك الحكم أو تعديله. أما الضمانات التي كفلها القانون بشأن حق الطعن فهي، أولاً: ضمانات تكفل ممارسة هذا الحق وهي تنقسم إلى قسمين، قسم يعالج أو يقوم على مبدأ الحق في العدالة، وقسم يقوم على نصوص القوانين الإجرائية، أما الضمانات التي تقوم على مبدأ الحق في العدالة فنصت المواثيق الدولية والقوانين الوطنية على ذلك المبدأ، وتسمية الحق في اللجوء إلى القضاء والحق في المحاكمة العادلة، إذ ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة، لإنصافه الفعلي من أية انتهاكات لحقوقه الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون"، كما نصت المادة العاشرة على:"لكل إنسان على قدم المساواة مع الآخرين الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظراً منصفاً وعلنياً للفصل في حقوق والتزامات، وفي أي تهمة جزائية توجه إليه". ومن حيث المثال فإننا نجد حول هذا الأمر وفي مجال القوانين الوطنية أنه وردت الإشارة في دستور اليمن في المادة 51 أنه"يحق للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة، والحق في تقديم الشكاوى، والانتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة"، والحق في اللجوء إلى القضاء هو حق عام، فهو يشمل حق اللجوء إلى محاكم الدرجة الأولى وغيرها من مراتب التقاضي، كما يشمل حق الطعن في أحكام المحاكم وغيرها من الجهات القضائية. أما الضمانات المستندة إلى نصوص القوانين الإجرائية، فمثل ذلك ما ورد في قانون الجزاءات الجزائية في الكتيب الرابع الذي يخصص لمسائل الطعن في الأحكام، وكذلك في قانون المرافعات اليمني في الباب العاشر منه. وثانيها الضمانات التي تكفل جدية الحق في الطعن، وهي تتمثل في نوعين من الضمانات، أولهما ضمانة ألا يضار طاعن بطعنه، أي ألا يضار خصم باستئنافه، ومعنى ذلك ألا يخاف أي من الأطراف الضرر من استئنافه، فإذا طلب الطاعن مثلاً بالاستئناف إلغاء الحكم الصادر ضده أو تخفيفه أو طلب إلغاء الحكم الصادر بالبراءة لمصلحة خصمه، أو طلب تشديد العقوبة عليه، فإن محكمة الاستئناف إما أن تلبي له طلبه كاملاً أو ناقصاً، وإما أن ترفضه فقط، ولكنها لا تستطيع استغلال فرصة وجود القضية أمامها لتصويب خطأ في الحكم يترتب عليه ضرر بالطاعن، حتى وإن رأت أن ذلك التصويب يجعل الحكم أقرب إلى تحقيق العدالة، وذلك إعمالاً لقاعدة لا يضار مستأنف باستئنافه، وعلة هذا القيد أن محكمة الاستئناف استمدت سلطة النظر في الحكم الابتدائي من استئناف الخصم وطلباته التي أبداها فيه. وثاني هذا الضمانات ضمانة وقف تنفيذ الحكم المستأنف، ومقتضى هذه الضمانة أن مجرد رفع الطعن بالاستئناف ممن له صفة ومصلحة فيه من شأنه أن يؤدي إلى إيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والعلة هي أن الحكم الذي رفع فيه الطعن هو حكم تشوبه شائبة الخطأ في نظر الخصم الذي تضرر منه، فيكون تنفيذه عليه وهو بهذه الصورة أمراً غير منصف، كما أن منح هذه الضمانة يتفق مع علة جعل التقاضي على درجتين، إذ لو كان الحكم الابتدائي ملزماً واجب التنفيذ فور صدوره حتى مع اعتراض أحد أطراف الدعوى عليه لكان مبدأ الطعن بالاستئناف غير مفيد وغير جاد، ولتضرر كثير من الخصوم جراء التنفيذ الفوري للحكم. * من أعمال أبحاث مؤتمر القضاء والعدالة - المحور الثاني/ جامعة نايف للعلوم الأمنية.