اصدرت محكمة القضاء الإداري في مصر أمس حكماً مفاجئاً منح المحكومين من محاكم عسكرية الحق في الطعن في الأحكام الصادرة ضدهم أمام محاكم مدنية. ومعروف أن قانون الأحكام العسكرية يحظر استئناف الأحكام الصادرة عن دوائر قضائية عسكرية أمام أي هيئة قضائية أخرى أو الطعن فيها، ويمنح القانون المحكومين فقط فرصة تقديم التماس الى رئيس الجمهورية لطلب العفو أو إعادة المحاكمة أمام دائرة قضائية عسكرية لتخفيف الأحكام. لكن كل الالتماسات التي قدمها محكومون في قضايا العنف الديني أو تلك التي اتهم فيها قادة وعناصر ينتمون إلى جماعة "الإخوان المسلمين" رفضت. وكان المحاميان عاطف عواد ومحمد عبدالفتاح قدما طعناً استشكالاً قبل شهرين الى رئيس محكمة الاستئناف العالي في تشكيلة محكمة أمن الدولة العليا باعتبارها الدائرة القضائية التي كان يتعين محاكمة موكلهما الأمين العام لاتحاد الصيادلة العرب الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح الذي دين العام 1995 في قضية تتعلق بجماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة أمامها. واستند المحاميان في الطعن إلى أن الحكم الصادر ضد موكلهما "منعدم ولا يصلح سنداً للتنفيذ لكونه صادراً عن قضاء عسكري ضد متهم مدني لم يرتكب جريمة تتعلق بالأعمال العسكرية". ورفض رئيس محكمة الاستئناف استلام الطعن وأوضح أن قانون الأحكام العسكرية يمنع الطعن في الأحكام الصادرة عن القضاء العسكري. لكن المحاميين أوضحا أن الطعن لا يتعلق في الحكم بقدر ما يتعلق في طبيعة المحكمة التي نظرت في القضية التي اتهم فيها أبو الفتوح. لكن رئيس المحكمة أصر على موقفه وأصدر قراراً برفض قبول الطعن. وأقام المحاميان دعوى أمام محكمة القضاء الإداري لإلغاء قرار رئيس محكمة الاستئناف برفض قبول الطعن، فأصدرت المحكمة حكماً أمس ألزم محكمة الاستئناف قبول الطعن ومنح أبوالفتوح الحق في الاعتراض على الحكم الصادر ضده في القضية الرقم 11 لسنة 1995، وسيبدأ المحاميان في وقت لاحق عقب الحصول على صورة رسمية من الحكم إجراءات لتقديم الطعن مجدداً الى محكمة أمن الدولة. وتعد هذه المرة الأولى التي تمنح فيها جهة قضائية مصرية حق الطعن في حكم صدر من محكمة عسكرية، ما يتيح الفرصة لآخرين حوكموا أمام دوائر قضائية عسكرية في اتباع الطريق نفسه. ومعروف أن الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري تعد بمثابة مبادئ قانونية يمكن الاستناد اليها في قضايا أخرى، وعلى رغم أن من حق الحكومة اللجوء الى المحكمة الإدارية العليا للاعتراض على الحكم الذي حصل عليه المحاميان، إلا أن القانون المصري يلزم تنفيذ الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري فوراً، وبالتالي فإن الخطوة الحكومية المتوقعة يمكن أن تؤخر طعن أبو الفتوح ضد الحكم الصادر ضده. وكان أبو الفتوح دين في قضية ضمت آخرين من قادة جماعة "الإخوان المسلمين" وصدر ضده حكم بالسجن لمدة خمس سنوات انتهى من قضاء اربع سنوات ونصف سنة منها. واللافت أنه لجأ الى الطعن في الحكم الصادر ضده بعد كل تلك المدة على رغم أن جماعة "الإخوان المسلمين" تعاطت مع قضية "النقابات المهنية" التي تنظر فيها حاليا محكمة عسكرية واتهم فيها 20 من قادة الجماعة على رأسهم النائب السابق أمين صندوق مجلس نقابة المحامين السيد مختار نوح بطريقة مغايرة تقوم على عدم استفزاز الحكومة بأي إجراءات سياسية أو قضائية. وكان المهندس مدحت الحداد المتهم في القضية سحب طعناً، اقامه أمام محكمة القضاء الإداري ضد قرار جمهوري اصدره الرئيس حسني مبارك بإحالة القضية على المحكمة العسكرية بعدما تلقى تعليمات من قادة "الإخوان" تحظر اللجوء الى إجراءات قضائية قد تترجمها الحكومة على أنها استفزاز لها.