حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    جدّة الظاهري    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عميد كلية الآداب يشير إلى دراسة غربية تؤكد أن المجتمع السعودي من أسعد المجتمعات عالمياً . العقيل ل "الحياة": الضبط الاجتماعي عنصر إيجابي لأن الحرية المطلقة لا توجد في عالم العقلاء !
نشر في الحياة يوم 27 - 03 - 2007

مجتمعنا السعودي ليس بدعاً من العالم، وهو يعيش في أروقته كل التفاعلات والتغيرات... والسباق الدولي يجبرك على الركض سريعاً للحاق بالتطور ومواكبة الجديد...
وعلماء الاجتماع هم عادة الأعين التي نبصر بها حال مجتمعنا ونستشرف مستقبله.
اليوم نحن في مملكة الدكتور سليمان العقيل، أستاذ علم الاجتماع وعميد كلية الآداب في جامعة الملك سعود.. وضيفنا من القيادات الشابة التي برزت أخيراً وقدمت نفسها كمشروع للوطن في أي مركز يشاء..
قد يبدو الدكتور سليمان رسمياً بعض الشيء في أجوبته وأحاديثه، لأن شخصية الأكاديمي تغلب عليه وتمنحه رونقاً ذا أبعاد خاصة.
شوؤن الجامعات وشوؤن المجتمعات وما بينهما تكمت رحلتنا مع الدكتور سليمان... فدعونا نتشرف بصحبتكم هناك.
على رغم عراقة كلية الآداب إلا أن مخرجاتها لا تجد لها مكاناً في سوق العمل... ما تعليقك؟
- كلية الآداب كما هو معلوم هي أعرق كليات الجامعة، وهي نواة الجامعة، ونعتز بتاريخها الثقافي والتعليمي في مجتمعنا.
ولا شك في أن حصر دورها في إطار تخريج الموظفين نوع من الاختزال لدورها التعليمي والبحثي، في تراثنا وحاضرنا ولغتنا وإعلامنا وجغرافية بلادنا وتاريخها، مع الامتداد الزماني عبر التاريخ والمكاني عبر الدول والمجتمعات.
ولا شك في أن الطلبة يضعون آمالهم في مستقبلهم الوظيفي في المجتمع، فإن كانت سوق العمل لا تتسع للمزيد فالقضية تنسيقية... لا كيفية ولا كمية.
ومع ذلك فالمتوافر لدي من معلومات لا يعكس هذا الوضع، بل حالات قليلة لا تجد لها موضعاً في سوق العمل، وهذا أمر يرتبط بتركيب سوق العمل لا بتخصصات الكلية، وإلا فلن تجد الكلية تضم ما يزيد على 12 في المئة من طلبة الجامعة، أو ما يبلغ 16 ألف طالب وطالبة في الوقت الراهن.
طبيعي أننا لا نخرّج أطباء ومهندسين فهذا مجال كليات أخرى، ولكن لدينا أضخم الأقسام في الجامعة، ونشكل مع كلية التربية والعلوم الإدارية نصف عدد طلبة الجامعة.
التفاعل الاجتماعي
من طالب في الكلية إلى عميد لها... ما الذي تغير؟ وما الذي تتحسر عليه؟ وهل تمنيت لو كنت عميداً للفترة التي كنت فيها طالباً؟
- عندما كنت طالباً كان التفاعل الاجتماعي بيننا كطلاب أكبر منه الآن، ونتيجة للتغيرات السريعة التي يشهدها المجتمع تغيرت شخصية الطالب إلى حد كبير، وأنا متحمس جداً لعملي في عمادة كلية الآداب، وأبذل قصارى جهدي للنهوض والتطوير في هذه الكلية العريقة، وأصبحت الآن على رغم مضي اقل من عام على عمادتي للكلية ملماً بكل طرق الإصلاح والتطوير لرفع شأن الكلية التي أفتخر بالانتماء إليها، وأراها كل يوم تتجه نحو الأفضل، وطموحنا لا حد له في هذا الإطار.
البعض يدعو إلى دمج الكليات الأدبية في كلية واحدة... ما رأيك؟
- هناك فلسفة للعلوم جميعاً وتصنيف دولي ومحلي، وليس هناك مبرر واقعي أو تسويغ علمي لمثل هذا الإجراء، ونحن لا نعيش في العالم وحدنا أو نكتشف العجلة من جديد، فالعلوم بتصنيفاتها المختلفة لها قواعد مستقرة، والأمر ليس بقالة أو"سوبر ماركت"تنقل بضائعه من رف لآخر، بل حتى الأسواق الضخمة يتم تصنيف أقسامها وفق تسلسل منطقي يخدم محتوياتها ومرتاديها، ولكن دعني أقرر لك بعض الآراء في هذه المسألة.
هناك في الإعلام أحياناً نظرات تتحدث عن مخرجات الكليات، وتغمز في قدر كليات الآداب والتربية والعلوم الإدارية، باعتبار العقل المحدود الذي يؤمن بالمختبرات والأجهزة التطبيقية في الكليات العلمية التطبيقية، وهذا جزء من قصور الرؤية الذي يرى أن كل العلوم التطبيقية تركز على منتجات تخدم الإنسان، بينما كليات الآداب والتربية والعلوم الإدارية تخدم الإنسان ذاته مع كليات الطب طبعاً، فجسم الإنسان قضية طبية وثقافة المجتمع والمجتمع ذاته قضية الكليات التي أشرت إليها في السؤال.
الأستاذ الجامعي
أعضاء هيئة التدريس في الآداب هم أكثر الناس إزعاجاً... هكذا نظن نحن؟
- كل دعوى تقتضي منطقاً علمياً واستشهاداً استدلالياً معقولاً، فهل من بحث علمي يدعم قولك؟ وهل ذلك مقتصر على هذه الكلية أم كل كليات الآداب أم كل الكليات؟ أن تظنوا ذلك كما في السؤال فإنني أدعوكم أن تهدوا إلينا عيوبنا، شريطة أن تكون عيوباً، لا من ذوي الأفواه المرّة المريضة التي"تجد مرّاً بها الماء الزلال".
وأعضاء هيئة التدريس فئة ليست قادمة من الفضاء الخارجي، فهم أبناء المجتمع وآباؤه وأعضاء الهيئة العلمية في المجتمع، وأرجو ألا نعمل بالظن، لأن الرجل يكون ابعد ما يكون عن الحياد إن عمل بظنه.
هل تطورت علاقة الطالب بالأستاذ في الجامعة إذ يرى البعض أنها كل سنة تسوء أكثر؟
- العلاقة بين الأستاذ والطالب ليست سيئة، والذي يحدث أن الطالب يدخل الجامعة وهو غير معد للتأقلم مع ثقافة الجامعة وتوجيهات أستاذ الجامعة، وفي بداية العلاقة تكون هناك مسافة تعاملية بين الطالب والأستاذ نتيجة لعدم فهم الطالب الفارق بين حياة الجامعة وحياة المدرسة، ولذلك فإن الكلية حريصة عند بداية العام الدراسي، سواء على مستوى الأقسام أو عمادة الكلية، على لقاء الطلاب في بداية العام وتبصيرهم بحقوقهم وما لهم وما عليهم من واجبات وحقوق تجاه الأستاذ، والجامعة، والكلية، والمجتمع، مع محاولة تجسير المسافة بين الطلبة والأساتذة.
تصنيف الجامعات
التصنيف الجديد للجامعات السعودية كشف المستور... أين تقف من التصنيف وكيف نتعامل معه؟
- تصنيف الجامعات الذي تم تداوله أخيراً كان واحداً من عشرات التصنيفات التي طرحت وتفاوتت في تقويمها للمؤسسات العالمية المختلفة.
نحن لم ولن نزعم الكمال وإلا لتوقفنا عن التطوير والعمل نحو الأفضل، لكن ذلك التصنيف كان بالنسبة إلينا معياراً لقراءة معايير التصنيف في تلك المؤسسات، ولا شك في انه حظي بانتشار واسع يدل على أن هناك من يترقب ذلك التقرير، والسؤال: هل يعرف المعلقون عليه تصنيفات أخرى للجامعة؟ وهل يعرفون لو كانت الجامعة خارج ذلك التصنيف تماماً؟
والسؤال: هل كل ما في ذلك التصنيف خطأ؟ قطعاً لا... فنحن لم ولن ندعي الكمال كما ذكرت آنفاً، لكن هل ذلك موقع جامعتنا الحقيقي؟
بحيادية كاملة أؤكد لك أن التقويم المشار إليه لا يعكس واقع الجامعة، وإن كنت أريد أن نسعى للتقدم فضلاً عن الانشغال بالتقويمات العالمية أو الإقليمية، خصوصاً أن التقويم وضعنا في آخر قائمة الجامعات العالمية، إلا أن ذلك لا يمثل إلا اقل من 5 في المئة من الجامعات العالمية، وكان محرجاً حقيقة لمن هم خارج التصنيف أساساً.
البعض انتقد ابتعاث طلاب الثانوية للخارج ورأى أن في ذلك خطراً على هويتهم، وتمنى لو اقتصر الابتعاث على الدراسات العليا فقط... ما رأيك؟
- بالنسبة إلى قضية الابتعاث لطلاب الثانوية للخارج لا أرى في ذلك أية مشكلة، ولا يهدد الهوية، لأن الابتعاث سواء بعد الدراسة الثانوية أو الدراسات العليا يؤدي للتطوير والابتكار، وبمجرد عودة المبتعث إلى وطنه فهو يعود بكل تراثه وقيمه.
نحن مجتمع مؤمن وعلى صلة قوية بالله سبحانه وتعالى، ومن الصعب على الشخصية السعودية بالذات أن تتغير هويتها لأنها مرتبطة وملتصقة بروح الإنسان والمواطن السعودي.
الرقابة على أساتذة الجامعات
هل تؤيد رقابة أداء عضو هيئة التدريس؟ وهل يعترف الدكتور بخطئه أم أنه يكابر؟
- العمل أياً كان نوعه هو عقد بين متعاقدين، والأستاذ الجامعي من ذوي أعلى المؤهلات العلمية والثقافية في المجتمع، وأي انتقاص من حقه ينسحب على سواه ممن هم دونه مكانة علمية أو وظيفة اجتماعية.
والرقابة في إطار العقد تركز على الثقة والضمير الأخلاقي للأستاذ والقيم العلمية التي يحملها، وتلك لا تمكن مراقبتها كما تراقب عامل البناء أو بائع البطيخ، فالعمل التعليمي أساساً بكل مراحله عمل وطني لا يدركه إلا من عاناه وعايشه، ومعدل التقويم للأداء موجود ولكن وفق آليات جامعية لا محددات زمنية أو إنتاجية.
فالأستاذ يمكن أن يحضر محاضرته ولكن من دون أن يلقي درسه، أو يلقيه من دون إخلاص فيه، فهل ترى أن يتم تفتيش ضميره؟
وهل يراد له أن يحكم عليه من خلال أشخاص خارج مهنته؟ الخطأ طبع في بناء بني آدم، وكلكم خطّاء"وخير الخطائين التوابون"، ولكن تعتزم شخصية الأستاذ واتهامه بما ليس فيه حتى ولو صدق في حالات نادرة، واعرف ذلك بحكم عملي، فإنني أرى أن الرشق بالحجارة أهون من الرمي بالمكابرة أو الاتهام بقصور الأداء.
ومع ذلك كما ذكرت لك هناك متابعة تشيد بالحسنات وتنبه للتقصير تحت مظلة المصلحة العامة للمجتمع.
أساتذة الجامعة يتسربون... يتململون... يغيبون، كيف نحد من ذلك؟
- ألاحظ على أسئلتكم غلبة التبكيت للأستاذ الجامعي من دون محاولة الإشادة أو الاعتراف بدوره المهم، وكأنه عضو غريب جاء غازياً، لا مواطن هو أولاً وأخيراً ابن لهذا الوطن، ومتقدم بجهده لخدمة وطنه. إن حصل تململ أو تسرب وهو في حكم النادر، إلا أنه من طبع الحياة وطبيعة الإنسان، والتسرب قضية محدودة، اما التململ فلا أراه إلا حين السعي للأفضل، أما الغياب فنعم...
هناك حالات محدودة يجري عليها من الصحة والمرض والظروف ما قد يضطرها للغياب، ولكن حتى ذلك منضبط بإدارات الأقسام ومتابعة الكلية والجامعة، فكن مطمئناً في هذا الخصوص.
التعليم الجامعي الأهلي... هل تجد فيه أملاً في التعليم الجامعي؟
- بالنسبة إلى التعليم الجامعي الأهلي يعد خطوة مهمة في مسيرة التعليم الجامعي، ولابد من أن يكون للقطاع الخاص الاستثماري دور مهم في هذا الشأن، فكل دول العالم تقريباً تأخذ بهذا التوجّه الأهلي في المشاركة في التنمية بجوانبها كافة.
هل تؤيد استقلالية جامعاتنا عن الوزارة أم تراها غير قادرة؟
- في الواقع الوزارة لا تتدخل في شؤون الجامعات الا وفق الإجراءات التراتبية للمسؤولية، إذ إن الوزارة مسؤولة أمام ولي الأمر عمّا عهدت إليها متابعته وتسهيله من أمور التعليم الجامعي. وعلاقة الجامعات بالوزارة علاقة تعاون لا صراع، وذلك ضمن إطار العمل للمصلحة العامة. ولست اعرف غاية لهذا التساؤل، فهل المطلوب أن تصبح كل جامعة وزارة مستقلة بذاتها؟ وأين الرابط أو المصلحة وراء ذلك؟ أما كعمل تنظيمي فلا أجد لذلك مبرراً، خصوصاً أن الجامعات - كما ذكرت - تعيش حياتها مستقلة وفق النظم والإجراءات المعتمدة من الجهات العليا في الدولة.
الانتخابات والجامعات
انتخابات عمداء الكليات ورؤساء الأقسام هل ستعيد للجامعات خصوصيتها؟ وأين تقف من مسألة الانتخابات الجامعية؟
- بالنسبة إلى الانتخابات فأنا كغيري يرحب بها عند إقرارها، لأنها بالتأكيد ستحدد معايير لاختيار الكفء من القيادات الجامعية، شرط أن تتوافر المعايير الموضوعية للانتخابات الجامعية، ولكن تحتاج هذه العملية لبعض الوقت، وتستلزم توافر بنية معرفية ومادّية أساسية لأعضاء هيئة التدريس، تجعل من الانتخابات الجامعية صورة مشرفة لأستاذ الجامعة.
وسبق أن كانت التجربة الانتخابية في الجامعات، ولكن شابها بعض القصور في حينها، وهي ولا شك وسيلة لا غاية، لتحقيق الأفضل لمصلحة العملية البحثية والتعليمية.
الصلاحيات الممنوحة لك كعميد هل تفي بالغرض أم أنها تقيد حركتك الإدارية والتطويرية؟
- الصلاحيات الممنوحة للعمادة تسمح بالحركة الإدارية والتطويرية، ولكن في حدود ما يتوافر من إمكانات على مستوى الموظفين وأعضاء هيئة التدريس، والإمكانات التجهيزية للكلية، فعلى رغم حرية الحركة إلا أن هناك بعض المعوقات الخارجة عن إرادة الجامعة أحياناً، ولكن الإبداع وفق المتاح لم يتوقف في رأيي، بل إن الحماسة لدى أعضاء الكليات تفوق المتوقع كثيراً.
عالم الاجتماع ماذا سيمنح الكلية من بصمات؟
- عالم الاجتماع إنسان يشعر بنبض المجتمع وحركته، ويملك القدرة على فهم حاضر المجتمع والتنبؤ بمستقبله، وطرح رؤى حول التحكم في الظواهر السلبية التي يمكن أن تطرأ على المجتمع، والكلية مجتمع لاغنى له عن علماء الاجتماع المميزين، الذين يستطيعون النهوض بالبحث العلمي في الكلية وربطها بقضايا المجتمع، وأنتم تعلمون أن التغييرات الحديثة أفرزت مشكلات اجتماعية كالفقر والبطالة والعنف والإرهاب، ونحن في حاجة ماسة للاهتمام بهذا التخصص القادر على فهم هذه المشكلات والحد منها.
هل نحن كمجتمع سعودي نؤمن بعلم الاجتماع ونعترف بأدواره؟
- مسألة اعتراف المجتمع بعلم الاجتماع من عدمه تعود إلى قصور في تثقيف المجتمع بأهمية علم الاجتماع، وعلى رغم ذلك لو طرح برنامج تلفزيوني يناقش قضايا الناس الاجتماعية لرأيت مدى تفاعل الناس مع البرنامج، كل ما هنالك مسألة توعية الناس بدور علم الاجتماع، وبالمناسبة... حتى في البيئات الغربية لا يزال فهم المجتمع للأدوار الممكنة من هذا العلم محصوراً في الطبقات المتعلمة والقيادية.
علماء الاجتماع ومراكز القرار
لماذا علماء الاجتماع عندنا بعيدون عن مراكز القرار؟
- حركة التطوير في المجتمع تقودها القيادة السياسية متمثلة في شخصية الملك عبدالله رعاه الله ووفقه، وتسير بخطى ثابتة وبوعي شديد، لأنه من دون وضع بنى أساسية متمثلة في إنشاء المشاريع الوطنية وتطوير الخدمات المختلفة والاستثمارات العلمية الدولية والتنموية، فإن التنمية تغدو قاصرة، لذلك أرى أن التطوير ليس عملية آنية بل عملية مستمرة، لنصل إلى مرحلة التنمية المستدامة، ومجتمعنا يأخذ بطرفي الأمر.
فهناك تطوير مستمر والحمد لله، وأيضاً هناك توخ للحذر بعدم التسرع في القرارات، خصوصاً ما يتعلق بمصائر المجتمع، فالمجتمع ليس مزرعة تجارب بل عين القيادة على مصالحه وعينها الأخرى على مشاعره.
البعض ينتقد فيك كراهيتك للتغيير والخوف من الانفتاح وإصرارك على التروي في تغيير جلد المجتمع؟
- إذا كان البعض يتهمني شخصياً بالتردد حيال الانفتاح وينتقدني في أن من صفاتي التروي فهذا أمر غريب، لأن الانفتاح أو"مصطلح الانفتاح"يحتاج منا جميعاً إلى التروي، لأن الانفتاح بلا ضابط سيفقدنا هويتنا ويؤثر في تلاحم المجتمع والنسيج الاجتماعي، لذا لابد من أن نعرف ونحدد نوع الانفتاح المرغوب فيه، ومجاليه الزماني والمكاني.
هل تؤمن بالتعددية في المجتمع الواحد أم تراها تجر المجتمع إلى صراعات لا طائل منها؟
- نحن مجتمع إسلامي منفتح على العالم أجمع نؤثر فيه بإيجابياتنا ونتأثر بإيجابياته، نرفض سلبياتنا وسلبيات الآخر لأننا نحتكم إلى معاييرنا الثقافية ونعتز بقيمنا والمثل العليا التي تربينا عليها، فالتعددية التي تقصدها لا نصيب لها في سياق مجتمعنا الذي يتمتع بالاستقرار والأمن السياسي والاجتماعي والنفسي، أما التعددية في أساليب الفهم او الممارسة فهي مما لا حجر عليه ولا بأس به، المهم توحّد المنطلقات.
المجتمع المدني... كذبة!
المجتمع المدني... هل هو قميص عثمان؟
- عند الكلام عن المجتمع المدني نؤكد ان لدينا مجتمعاً مدنياً بمفهومنا الثقافي، انظر لمؤسساتنا المدنية كالجمعيات الخيرية والأهلية المنتشرة في جميع أرجاء بلادنا، لماذا إذاً نستخدم مصطلحات ليست وليدة البيئة السعودية أو القيم الثقافية المحلية، لابد من أن يكون هناك إطار نتحرك من خلاله وهو المفاهيم التي تتماشى مع ثقافة المجتمع وتفكيره، ولا مشاحة في الاصطلاح ولكن المفهوم المدرك اقرب للناس من المفاهيم الوافدة.
مؤسسات المجتمع المدني هل هي ثقافة ما بعد العولمة ومنظمة التجارة العالمية؟
- مفهوم المجتمع المدني مفهوم قديم في الغرب، وهو ليس نتاج ثقافة ما بعد العولمة أو منظمة التجارة العالمية، لكن الهدف من الإشارة إليه الآن تدعيم المؤسسات الأهلية وتفعيل دورها، الذي أصبح ضرورة لمقاومة السلبيات التي يمكن أن تسببها العولمة ومتغيراتها المختلفة.
هل تؤيد أن يسيّر المجتمع نفسه بنفسه أم تؤمن بأن المجتمع بالحكومة أقوى؟
- لا يمكن أن نتصور مجتمعاً منظماً مؤسسياً من دون الاعتماد على حكومة قوية تدعم هذا المجتمع على المستويات الإقليمية والمحلية والعالمية كافة، ولا توجد حكومة مستقلة من مجتمعها، فالحكومة جزء من آليات المجتمع لتنظيم شؤونه، والحديث عنها كعنصر غريب لا يتفق وفهمي لمفهوم الحكومة.
الإرهاب والعنف... والمجتمع!
لماذا تفشّى الإرهاب والعنف في مجتمعنا في غفلة منا؟ أين كنتم حينها؟
- إن أسباب تفشي ظاهرة العنف والإرهاب مفاهيم سيطرت على فئات ضالة في المجتمع لا هوية لها، وهي فئات مغتربة فكرياً ودينياً، وليس لها هدف سوى زعزعة الاستقرار والأمن الاجتماعي والنفسي الذي يعيشه المجتمع السعودي، فهي ظواهر حدثت.
والحمد لله أن تم التحكم فيها بفعل التعامل الحكيم معها من الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة المختلفة، وهناك العديد من الدراسات الاجتماعية التي درست ظاهرة الإرهاب والعنف وقدمت نتائج جيدة، وكثير منها دراسات اجتماعية، نحن أعضاء في المجتمع ولسنا غائبين عنه، ونعيش كغيرنا أحداثه، ولكن كما ذكرت أعلاه النبتة غريبة زماناً ومكاناً.
تدريس علم الاجتماع في المرحلة الثانوية ممل... إلام تعزو ذلك؟
- تدريس علم الاجتماع في مرحلة الثانوية ليس مملاً، كل ما في الأمر أن هناك من لا يفضل من الطلاب العلوم الإنسانية ويفضل المقررات التطبيقية، ولكن في الجامعة يوجد لدينا طلاب مميزون في التخصص الذي درسوه في المرحلة الثانوية، وأعتقد أيضاً أن المقرر يحتاج إلى تطوير بعض الشيء.
وبصفة خاصة هناك قضايا اجتماعية حديثة استجدت على المجتمع، ولابد من تناولها لتنمية روح الانتماء عند طلاب المدارس لمجتمعاتهم، ولابد من تشكيل لجان من أساتذة الاجتماع لتطوير هذا المقرر المهم في هذه المرحلة المهمة من عمر الطلاب، وهي فئة الشباب التي تحتاج لتدعيم وطنيتها وإبراز هويتها، بل وهي فرصة للدعوة لتعدد المقررات وعدم الاكتفاء بمقرر وحيد لا يكفي لفهم المادة ولا يغني في تطوير ملكات الطلاب.
أي مؤسسات المجتمع تقترح إلغاءها؟ وأيها تخاف من تسارعها؟ وأيها يزعجك تباطؤها؟
- أنا لا أقترح إلغاء أية مؤسسة من المؤسسات، لكنني أؤكد وأشدد على قضية التدريب والتطوير في المؤسسات كافة، حتى يتم التطور الذي نرغب فيه وفق منظومة شاملة، وليس وفق معايير شخصية أو فردية، المهم أن يشمل التطوير كل فئات المجتمع، والتطوير طبع الحياة والجمود نقيضها.
المرأة والمجتمع... والأطر!
لماذا تطور المجتمعات يقاس بمعاملتنا للمرأة؟
- إن دور المرأة كان ولا يزال مهماً، وهذا لا يتعارض مع التوجه الإسلامي، لكن المهم هو ماهية الأدوار ووفق أي معيار، المرأة لها مكانتها في مجتمعنا ونقدرها ونحترمها ونحترم وجودها في مجالات العمل المختلفة ونؤيده، ولكن وفق معايير المجتمع المؤمن بأدوار المرأة وفق الأطر المقبولة قيمياً واجتماعياً.
علم الاجتماع السياسي هل هو مرحّب به في مجتمعنا أم تراه ضيفاً ثقيلاً علينا؟
- علم الاجتماع السياسي علم مهم للغاية وله أساتذة متخصصون، وهو علم يحلل النظام السياسي كنظام اجتماعي، ويحدد الآليات والتطورات الاجتماعية ودورها في الحياة السياسية، فعلم الاجتماع السياسي علم رفيع المستوى يدعم الانتماء ويشرح، عن استبصار ودراية وعلم، علاقة الدول بمواطنيها.
ويعد مهماً في دول العالم كافة لأنه لا يعارض أبداً فهم المواطنين ووعيهم بوطنيتهم، وتدريس علم الاجتماع السياسي أمر مفيد لعالم السياسة والعالم الاجتماعي، فكلا العنصرين من مكونات المجتمع العام.
دخول الإنترنت إلى مجتمعنا هل فضحنا أم منحنا آفاقاً أوسع؟
- الانترنت أصبحت أمراً واقعاً، وكل ما علينا هو أن نوعّي شبابنا بمخاطر الانترنت السلبية، وأن يكون هناك مقرر في كل الجامعات عن أساليب استخدامها الايجابي، ويجب إبراز القوانين التي تحد من سلبيات الانترنت بكل أشكالها.
الكبت والحرمان
الكبت والحرمان... لماذا يسكنان بيوتنا؟
- الكبت والحرمان ظواهر طبيعية لأسباب كثيرة، قد نعلمها أو لا نعلمها، لأنها ظواهر نفسية تتفاوت من فرد لفرد ومن شخص لآخر، ولا يمكن التأكيد على عموميتها وانتشارها، فعلى سبيل المثال...
يمكن أن تحبط أو تكتئب لأسباب تافهة وبسيطة لا تمثل أية أهمية عند شخص آخر. لا أعتقد أن بيوتنا تعاني الكبت كما أفهمه ولا الحرمان!
إن مستوى الرضا عن الحياة يسجل درجات عالية في مجتمعنا، وعلينا أن نحمد الله عليها ونطلب المزيد منها، وقد سجلت دراسة غربية نشرت أخيراً ان المجتمع السعودي من اسعد المجتمعات عالمياً، لتوافر عنصري الرخاء المادي والاطمئنان الروحي، وهما ميزتان نحمد الله عليهما.
أما إن كان المراد بالكبت والحرمان تقنين أساليب السلوك الاجتماعي وفق منظومة القيم، فهذا يسمى الضبط الاجتماعي، وهو عنصر ايجابي لأن الحرية المطلقة لا توجد في عالم العقلاء.
دخول الأسهم حياتنا هل خلط أوراق المجتمع؟ وهل نحن جاهزون لطفرات اقتصادية كبرى؟
- دخول الأسهم حياتنا أمر مهم ويتماشى مع التغيرات العصرية الحديثة، لكن المشكلة الحقيقية هي عدم وعي معظم المستثمرين لأن هذه العملية تحتاج لخبرات خاصة، وليس في مقدور كل فرد أن يفهم آليات السوق وآليات العرض والطلب والمجريات الاقتصادية، ولكن لكل سوق أهلها، والتعرف على الأرض التي نسير عليها أفضل من الجري قبل إتقان المشي.
سيرة ذاتية
العمل: جامعة الملك سعود - كلية الآداب
قسم الدراسات الاجتماعية.
الدرجة العلمية: دكتوراه الفلسفة في علم الاجتماع - الرتبة العلمية: أستاذ
التخصص الرئيس: التغير الاجتماعي والتحديث. التخصص الفرعي: الأنثربولوجيا
عنوان الرسالة في الماجستير: قياس اتجاهات طلاب كلية الآداب في جامعة الملك سعود حول التحديث جامعة ميسيسيبي الحكومية 1988
عنوان الرسالة في الدكتوراه: أثر التحديث على المجتمع السعودي 1992
السيرة العملية
- عميداً لكلية الآداب.
- رئيساً لقيم الدراسات الاجتماعية
- مستشار لدى وزارة الشؤون الاسلامية.
الأبحاث والمؤلفات العلمية
- الإنسان ودور الحياة الاجتماعية: دراسة إثنوجرافية لمجتمع جزيرة تاروت.
- اللغة كمتغير مصاحب لبعض المناشط الاجتماعية: دراسة سسيوانثروبولوجية لدور اللغة في التشييد والبناء لدى مجتمع قبيلة بني عمرو.
- أثر التغير الاجتماعي على الغذاء وعاداته في المجتمع السعودي.
- سوسيولوجيا الأخوة.
- أثر القرآن الكريم في تقويم سلوك السجناء: دراسة استطلاعية.
- الشباب السعودي والعمل الدعوي: دراسة في اتجاهات الشباب السعودي نحو العمل الدعوي.
- اندماج الخدم في الأسرة السعودية.
الأبحاث الوطنية الكبيرة المنفَّذة
- دراسة الطلاق في المجتمع السعودي.
- محددات البطالة في المجتمع السعودي.
- السياسات والجهود المبذولة لمحاربة الفقر على مستوى المملكة لمصلحة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر.
- مشروع توثيق الحياة الاجتماعية في المملكة العربية السعودية لمصلحة دارة الملك عبدالعزيز.
- المشاركة في موسوعة المملكة العربية السعودية لثلاث مناطق لمصلحة مكتبة الملك عبدالعزيز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.