كعادتي وبكل فخر أطالع إنجازاتنا على صفحات صحفنا المحلية، لأزود نفسي وأعززها بالمزيد من عوامل الثقة بالنفس بأن معاناتي في طريقها إلى الحل، وأن مخزوني من الإنجازات المتواضعة التي تسجل لوطني قبل أن تسجل لي يزداد ويكبر الأمل، الذي يجعلني أكثر ثقة وأنا أتحدث هنا وهناك عن مملكتي التي أحبها وأعتز بها وأنتمي إليها. وهذه المرة لا أعلم لماذا استوقفني خبر إنجاز فصل التوائم السيامية الذي تحتضنه السعودية من ثلاث قارات، بين انتظار جراحة الفصل والمراجعة لسبعة توائم سيامية، كما فصلته صحيفة"الحياة"في عددها الصادر بتاريخ 25 صفر 1428ه، بطريقة لم أعهد التأمل بها، ولعل مرد ذلك لأمرين، الأول: اعتزازي بهذه الانجازات المنفردة لمملكتي وكفاءة العقول العلمية السعودية، بتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ? يحفظه الله ? والثاني: هو شعوري بالحاجة الماسة إلى جراحة فصل عاجلة بعدما اتضح لي أني والقهر والتهميش وانتقاص الحقوق توأم متلاصق، بعدما عبثت بحقوقي المختلفة، وفي مقدمها الإنسانية والعلمية والعملية، أيادٍ لا أظنها تشعر بقيمة معاناتي، لأنها لا تدرك أكثر من منظور سلطة القرار وسطوة التنفيذ. إذا كانت السعودية، الوطن الذي أعتز به، يحتضن اليوم سبعة توائم، فهل لي أن أكون ثامنهم، على رغم أني أحتاج لوحدي إلى سبع عمليات فصل جراحية حقوقية وبصفة عاجلة لا تحتمل الانتظار، أولها: فصلي عن القهر الذي أشعر به، بعد ما أوقفت أبحاثي في المركز المشترك وأغلقت أبواب هذا المركز البحري الخدمي للمعوقين في رياض الخير، وشرد معوقوه بلا مأوى أو معيل، وثانيها: فصلي عن التهميش المقصود الذي تقوم به بعض الجهات الحكومية بلا مبرر مقبول، أو عذر يخضع لأي أسس المنطق، وثالثها: فصلي عن انتقاص الحقوق التي تربض في الأوراق الرسمية بانتظار نظرة عدل لإحقاقها ووصولها إليّ، ورابعها: فصلي عن المحاباة التي أدفع ضريبتها بين حق يُعطى لغيري، وأحرم منه، على رغم أننا سواسية في استحقاقه، وخامسها: فصلي عن انتهاك الكرامة التي تتشكل صورتها لي من بعض الصغار الذين يقفون في وجه مسيرة انطلاقتي الإنسانية، وسادسها: فصلي عن إرادة البطانة وحكمها السياسي الذي لا صلة له بإرادة القادة العظام الكبار، وسابعها: فصلي عن معطيات التعامل معي بأسلوب القبلية أو التاريخ الأسري المشرِّف في عيون الكبار والمرعب لقلوب الصغار! إن هذا الفصل الذي أطلبه يمكن أن يتم بجراحة واحدة، التوأم فيها أنا والظلم، والطبيب فيها ملك الإنسانية وإمام العدل وإحقاق الحق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ? أدام الله وجوده ? وأنا والحمد لله متأكد أني سأجتاز الفحوصات التي تؤكد جاهزيتي للفصل، بما أملك من عمق الولاء، وكبير الانتماء، وإنجازات لا مجال لذكرها، لكنها شاهدة للعيان، وباعتراف عالمي ? والحمد لله ? فها أنا بين يديك، يا جراح استئصال الظلم والتهميش والإقصاء، ويا بلسم العدل والحق، توأم ثامن... لكنه ليس كباقي التوائم. سألت نفسي أكثر من مرة: هل يحق لي الكتابة في هذا الشأن، وبهذا الأسلوب؟ ووجدت الإجابة عن مختلف الجوانب وبالاتجاهات كافة نعم، فأنا لست في وطن تحكمه سياسات النخبة السلطوية، ولا في وطن الكتابة فيه بأجر مدفوع، والامتناع عن الكتابة بأجر مضاعف أكثر! ولست في وطن يختفي فيه الكاتب بعد النشر، ولا في وطن الحق فيه يُقال وفق توجهات رأس النظام... أنا سعودي في مملكة خادم الحرمين الشريفين وقادة كرام أحرار، لا يحبون التعامل إلا مع الأحرار، وهذه حال أمتي وشعبي... لذا وجبت الكتابة. أما إذا سألني سائل: هل هذه الكتابة، كتابة في الشأن السعودي أم في الشأن العربي؟ أم في الشأن"السعربي"؟ فإني أجيبه أنها كتابة في الشأن الإنساني... لأن مقصدي فيها هم أباطرة التعطيل لقضايانا الإنسانية، وقضيتي واحدة فقط من هذه القضايا. قرأت في الصحيفة نفسها أن البريد الالكتروني هو الوسيلة الأسرع لطلب فصل التوائم، ولكني على رغم ذلك قررت الكتابة بقلم سعودي على أوراق سعودية، لأن هذا هو شأن الكتابة في البيئة النظيفة غير الموبوءة، وكلنا يعلم مدى التلوث البيئي الفكري الذي أصاب إعلامنا العربي، وبعد أن تُجرى لي الجراحة أعدكم بأني سأكتب أكثر من هذا في قيمة الاستحقاق الإنساني... وهذا وعد. أ.د. محمد بن حمود الطريقي المشرف العام على مركز أبحاث الشرق الأوسط للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان