الوعي باعتباره - رؤية لما ينبغي أن يكون - فهو عملية إدراكية مرت بمراحل وتكونات نفسية إلى استيعاب عقلي هو «الإدراك» وهذه المرحلة كما يقول الحبابي: «نشاط وتكيف». «لن استرسل فلسفياً»، ولكنه مدخل لا بد منه لفهم حالتنا. الثقافة الاجتماعية من أخطر الثقافات وأعقدها، يأتي ذلك من ظروف نشأتها ومن طريقة تكونها، كما تكون خطيرة ومعقدة من سيرورة تطورها خارج الإرادة وخارج السيطرة كنتيجة للتعددية والتنوع وتقاطع الرؤى والمصالح وتشابكها في آن! كل ذلك واقع لا يتطلب البرهان. وعندما يقع الحدث، أو تتغير الحال، يحرج النمط، وأقبحة عادات فهمية راكدة، لا تمثل علماً ينتفع به، ولا حكاية مسلية، ولكنها أوهام الفهم، واستعلاء القاصر وتطاول الجاهل. هذا النوع من الثقافة يهدد التنمية، ويعكس انطباعاً سلبياً عن التكون الثقافي للمجتمع ومناهجه التعليمية، وأساليبه التربوية! باعتبار أن المخرجات نتائج المدخلات، ومع غياب النقد، أو وجل المواجهة، أو تغليب السلامة. تترسخ المفاهيم الكاذبة الخاطئة كقوانين راسخة، ويصبح الحامي لها والمدافع المنافح عنها بطل الرواية وأسطورة القصة، وشيخ الإسلام وإمام الزمان، وحيد عصره وفريد دهره، في عناوين لتضخم الأنا، وفراغ الجوهر، وإقفار الروح. ولأن هذه الثقافة مؤدلجة ومصنعة مسبقة، فهي تستخدم حديثاً لكل حدث، وقد تحوحت إلى شعارات للمواجهة في كل طريق، وفي وجه كل مشروع تنموي. لست ضد الرأي الحكيم والدراسة الناقدة، بل ولست ضد رأي يخالف حين يكون في حدود الأدب والنصح المجرد. أيضاً (لن أسترسل ثقافياً) لأجعل بقية المقال مثالاً للثقافة المجتمعية وكيف تتفاعل: فالمثال الأول: قررت الدولة إشراك المرأة في مجلس الشورى وفي المجالس البلدية، وجاء القرار من ولي الأمر - واجب الطاعة في غير معصية - الأمر الذي جعله يأخذ رأي علماء متخصصين في الشريعة الذين لم يروا مانعاً شرعياً من ذلك. فراغ: إذا كان لا يوجد ما يمنع شرعاً من ذلك، فلماذا كانت الممانعة السابقة؟ وأين سيتم إتلاف الفتاوى والتحريمات والتجريمات السابقة؟ أليس في تلك الممانعة غير المشروعة تقليل لقيمة الفقه والتفقه، وتعطيل للتنمية، وإخلال بالتوازن الاجتماعي؟ فراغ: وإذا كان القرار حكيماً وشرعياً، فلماذا تبث ثقافة رافضة ويزج فيها صبيان لا يدركون ولا يدرون، فيتناولون الموضوع عبر وسائط الاتصال وكأن الفواجع حلت بأمة الإسلام! أم أنها المرأة أينما حلت: متسكعة في الأسواق وما دون ذلك، أو عضوة في مجلس الحكماء. هنا أو هناك ستصبح مشكلة! أم أنه العقل المشكلة؟ فراغ: كنت أتمنى أن القضاء الموقر (وقد رسخت لديه مفاهيم العدالة) أن تكون هذه المفاهيم حاضرة وهو ينظر قضية سيدة - أخطأت في حق المجتمع ونظامه - فقادت سيارة (بالمناسبة أنا لست مؤيداً لقيادة المرأة السيارة اجتماعياً، فقبل ذلك نحن بحاجة إلى تأسيس شرطة آداب، وهيئة عليا لتوسيع وصيانة الطرق) وسع الله عليكم أجمعين. كان على القضاء ألا يمس الجلد بالجلد، وإنما بإفهام مكتوب (إقرار وتعهد) باحترام إرادة المجتمع وآدابه ورؤية قيادته وأنظمته. والمثال الثاني: تداول مجلس الشورى - عفا الله عنه - بدل السكن للموظفين ودار حديث طويل في المجلس والصحافة و... و«تويتر». جميل أن الناس يناقشون همومهم، وبالتأكيد فإن هذا الأمر هم مشترك ومعاناة حقيقية، فلماذا نستكثر على الناس أن يغضبوا على الصوت المعارض لقرار البدل - لو صدر! لكن ثمة فراغاً قانونياً يتمثل في عدم وجود قانون للتأجير والانتفاعات العقارية، ونحن شهدنا زيادات كبيرة في الإيجارات خلال السنتين الماضيتين التهمت زيادات الرواتب ومثلها معها، ربما ولا ندري أن أصحاب العقارات قد تأثروا بالأزمة الاقتصادية العالمية! لكن لم تتح لهم فرصة المشاركة في قمة العشرين. فانتقموا من المستأجرين. من الضروري تشريع قانون يحدد الإيجار بنسبة معينة بعد أن يتم تقويم العقار، وسيعين ذلك في تضمين هذه العقارات لدى مصلحة الزكاة والدخل، التي تفرض الزكاة على «البقالة» وتترك «العمارة»! هذا مقال - يا قارئي - على غير العادة في أسلوبه. كتبته لكل الناس. [email protected] twitter | @alduhaim