أوضح تقرير اقتصادي أن مستوى التضخم في السعودية وصل إلى 10 في المئة، وليس 1.8 في المئة من الناتج المحلي البالغ تريليون و301 بليون و200 مليون ريال، وأن الاقتصاد السعودي يواجه مخاطر حقيقة تتمثل في تسرب السيولة من الاستثمار إلى الاستهلاك. وكشف التقرير الذي حصلت"الحياة"على نسخة منه، ويصنف ب"السري"، عن معلومات تفيد أن الفائض في الحساب الجاري قد يتلاشى في أي وقت، على رغم تحقيق فوائض متتالية على مدى الأعوام الثمانية الماضية، فيما يتزامن الكشف عن هذه المعلومات مع وجود معطيات تشير إلى أن النمو الاقتصادي يسير نحو التراجع إلى أقل مستوياته في خمسة أعوام. يذكر أن السعودية سجلت فائضا محققا في الحساب الجاري بلغ إلى تريليون وبليون و328 مليون ريال 302.1 بليون دولار خلال ثمانية أعوام انتهت بنهاية كانون الأول ديسمبر الماضي. وفي حال تمكنت الحكومة السعودية من وقف نزف السيولة المتجهة إلى الاستهلاك وعملت في الوقت نفسه على تعزيز السيولة الموجهة إلى الاستثمار، فإن ذلك قد يساعد على الإبقاء على تحقيق فائض الموازنة العامة في الحساب الجاري خلال ثلاثة أعوام مقبلة، وهو ما يعني تسجيل 11 عاماً من الفائض في الحساب الجاري. لكن التحليل الاقتصادي الذي يعتمد على الأرقام بعيداً م العواطف ينذر بأن استمرار تسجيل الفائض قد يتحول إلى حلم ضائع، ما لم تتدارك جهات الاختصاص البؤر التي بدأت في صنع الأوضاع الاقتصادية السيئة قبل أن يكتمل نموها. وتنسجم بعض المعلومات الواردة في التقرير السري مع معلومات تضمنها تقرير معلن أصدرته مجموعة سامبا المالية التي توقعت تراجع الفائض في الحساب الجاري السعودي إلى النصف خلال العام الحالي ليصل إلى مستوى 218.3 بليون ريال 58.2 بليون دولار، في مقابل فائض قياسي مقداره 358 بليون ريال 95.5 بليون دولار العام الماضي. وتعزز كل المعطيات التي أوردها تقرير المجموعة المالية صدقية التقرير السري الذي كشف أن السعودية ليس أمامها سوى خيار البدء في معركة حاسمة مع كارثة تسرب السيولة من الاستثمار إلى الاستهلاك، وهي الكارثة التي لم تكن ضمن الحسابات المعلنة حتى وقت قريب. وقالت"المجموعة"في تقريرها إن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد يتراجع الى 2.43 في المئة هذا العام، مقارنة مع 4.2 في المئة العام الماضي مع انخفاض إنتاج النفط بنسبة 6.5 في المئة، فيما قد ينخفض متوسط إنتاج السعودية من النفط إلى 8.6 مليون برميل يومياً، في مقابل 9.2 مليون برميل يومياً في العام الماضي. وجاء في تقرير"سامبا"أيضاً أن التضخم قد يرتفع الى 3.2 في المئة، وهو أعلى معدل خلال 12 عاماً، بالتزامن مع تسجيل أسعار الإيجارات والمواد الخام ارتفاعات حادة، وفي المقابل يشير التقرير السري إلى ما هو أسوأ من ذلك، عبر تأكيده بلوغ مستوى التضخم حتى الآن ثلاثة أضعاف الرقم الذي تتوقع المجموعة المالية بلوغه خلال العام الحالي. ورجح تقرير"سامبا"هبوط متوسط سعر النفط السعودي الذي يمثل نحو 75 في المئة من إيرادات الحكومة، بنسبة 11.6 في المئة إلى 53.50 دولار للبرميل هذا العام، وهو ما سيخفض إيرادات النفط بمبلغ 23.8 بليون دولار إلى 167.7 بليون دولار. وتوقع التقرير في المقابل ارتفاع الواردات السعودية بنسبة 17.7 في المئة هذا العام نتيجة، نمو الاقتصاد لتصل إلى 76.5 بليون دولار، في مقابل 65 بليون دولار في العام الماضي، كما تنبأ التقرير أيضاً بتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى ما نسبته 2.43 في المئة هذا العام، مقارنة مع 4.2 في المئة العام الماضي. وتستخدم السعودية الفوائض المتنامية لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، التي وصلت بنهاية العام الماضي إلى 220 بليون ريال 58.67 بليون دولار بزيادة نسبتها 46 في المئة، مقارنة مع عام 2005. وعلى رغم ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي بنسبة عالية في العام الماضي قياساً بالعام الأسبق، إلا أن هذه الزيادة ليست إلا تصحيحاً لوضع خاطئ تشكل بسبب تفاقم الأحوال السيئة التي مر بها الاقتصاد السعودي خلال العقدين الماضيين.