وأنت تقبع داخل السيارة الفارهة وتنعم في مقعدها الوثير المخملي الفخم، وتمسك بين يديك هذه الجريدة وتتداخل بين جنباتها وتنتقل بين محتوياتها، لتقطع ملل وكآبة دقائق انتظار لذلك المسؤول من الطرق في مدينة جدة. سواء أكنت عند باب منزله أم تحت شجرة تستظل بها عند مكتبه أو بين ردهات مواقف ذلك الجهاز الحيوي الذي يهتم بمشاريع الطرق في هذه المدينة الحيوية. إليك يا سائق المسؤول، لعلمي اليقين بأن مسؤولي مشاريع الطرق ليس لديهم الوقت الكافي لقراءة أسطري المتواضعة لكثرة انشغالهم وتعدد واجباتهم وازدحام مسؤوليتهم وثقل المسؤولية التي حملت على عاتقهم. لا أخفيك سراً أننا أصبنا بإحباط شديد من كثرة الوعود التي لا نرى منها إلا سراباً يلوح في الأفق. وغدت مسامعنا مرتعاً خصباً للعبارات الرنانة والجمل المنمقة عندما يجاب على معاناتنا ومشكلاتناا عن هذه الطرق. وأصاب حناجرنا الجفاف والقحط من كثرة ما خرج منها من سرد وكلام لشرح تلك المعاناة التي أصبحت من أهم معالم حياتنا اليومية. أخي العزيز إن المسؤول قد لا تسنح له فرصة المرور من تلك الطرق التي أتحدث عنها لا لقلتها، بل ربما لأن طريقه اليومي والخريطة المتبعة في تحركاته لا تدخل ضمن نطاق ما نتحدث عنه. وما أرجوه منك هو أن تصطاد ساعة صفاء ورحابة خاطر وانشراح لصدر ذلك المسؤول، وأن تتخلى عن شخصكم كسائق، وتتحلى بشخصية المواطن الصالح التي هي معهودة في أمثالكم، وأن تنقل له معاناتنا مع هذه الطرق التي أصبحت مشكلة ذات أبعاد متعددة، وان تجعله يقف بنفسه على جزء بسيط من هذا الذي نعاني منه، بأن تختار أحد الشوارع في مدينة جدة المترامية. ولا تتعب في البحث، بل نريد منك أن تتجه إلى أي شارع غير ما هو مدون في الخريطة المرسومة لتحركاته اليومية وأن توضح له بأن هذه صورة متكررة وتكاد تكون طبق الأصل لجميع شوارع جدة غير الرئيسة. ونريدك أن تبين له أن الأماكن التي أصبح واجب زيارتها في شكل مستمر ودوري لكل من يملك سيارة هو ورش السيارات وقطع الغيار الصناعية، وذلك جراء ما يعانيه أصحاب تلك السيارات من أعطال متكررة وأتلاف واضحة لسياراتهم جراء تلك الطرق التي يسلكونها. وأصبحت منطقة ورش السيارات مكان لتلاقي الأصدقاء وعقد للمواعيد وكل من يبحث عن شخص ولا يجده يتوجه إلى هذه المنطقة لمعرفته بضرورة مجيء من يبحث عنه لإصلاح سيارته. وحدثه وعن الآثار النفسية المترتبة على ذلك جراء الشعور بالحسرة والندم من القصور الواضح في عمر السيارات الافتراضي ذات الموديلات الحديثة والجديدة التي يعاني منها أصحاب تلك السيارات، وما يتبعه ذلك من آثار اقتصادية مدمرة على ذلك الشخص، ناهيك عن الآثار الصحية جراء عدم الثبات في مقاعد السيارة والارتطامات داخل أجزاء السيارة من كثرة الوقوع في تلك الحفر التي تغزو جميع شوارع جدة، والكثير من المشكلات التي لا يشعر بها ويذوق مرارة علقمها إلا من يسلك تلك الطرق ولا يتسع المجال لسرد تفاصيلها. كلنا أمل يا عزيزي بأن تنقل ما نكابده ونعانيه لمسؤول الطرق على أرض الحقيقة والواقع لعلمنا الأكيد بعدم رضاهم عن هذه الأوضاع ورغبتهم الحثيثة والجادة في تقديم كل ما من شأنه راحة واطمئنان وتوفير رغد الحياة لجميع المواطنين. [email protected]