أهالي قرية الربوة التابعة لمحافظة القويعية لا يختلفون عن سكان القرى الأخرى. أجبرتهم ظروف الحياة القاسية وقلة ذات اليد على البقاء في منازل معظمها أسس قبل عقود من الطين، يدهمهم الخطر فيها تحت أي ظرف. هم يقاومون وينظرون إلى الأفق البعيد بتفاؤل مع أنه لا توجد بوادر تسند هذا الشعور. تعودوا على شظف العيش ومواجهة العوز والبعد عن المستشفيات والمدارس، ووطنوا أنفسهم على ذلك، وهم يحسبون أن تعايشهم معها سيقيهم تبعاتها. ولكن الظروف تأبى إلا مواجهتهم، والأخطار لا ترضى إلا بقربهم، والحزن لا يريد رفيقاً سواهم، حتى كفاحهم المضني لبناء غد أفضل لأبنائهم يصطدم بمعوقات تتقاطر عليهم، ولا تجد سبيلها إلى الحل. ما سلف ينطبق تماماً على أهالي هذه القرية، الذين ما إن فرحوا بهطول الأمطار واستبشروا بربيع أخضر يعفيهم من شراء الأعلاف لماشيتهم، حتى قطع عليهم المطر الدروب وعزلهم عن القرى والمدن المجاورة، وحرم الطلاب دراستهم وأداء اختباراتهم، وحرم الموظفين الذهاب إلى أعمالهم وقضاء حوائجهم. يقول شرار الشيباني إن هطول الأمطار وجريان الأودية يعزل قريتهم عن بقية القرى والهجر حولها، وذلك بسبب عدم توافر الطرق المعبدة وكثرة الوديان المليئة بالمياه حولها، ومن أكبرها وادي عصيل الذي يبلغ عرضه نحو 800 متر، مؤكدا بأن"عصيل"لا يمكن عبوره خلال موسم الأمطار. ويضيف شرار:"هذا الوادي يمنع وصول الطلبة إلى مدارسهم والمرضى إلى المستشفيات"، لافتاً إلى أن هذه الحال ليست مقتصرة على أهالي قرية الربوة وحدها، فحتى الهجر المجاورة لها والبادية المارة من المنطقة يعانون أيضاً، موضحاً بأن أقرب طريق معبد يفصله عن قريتهم يبعد عنهم بأكثر من أربعة كيلومترات، وهو طريق الرياضمكةالمكرمة السريع. ولا يخفي شليل مناور الشيباني المصاب بفشل كلوي مخاوفه من استمرار هذا الوضع وتأثيره في حياته،"الغسيل الكلوي يجبرني على الذهاب كل يوم إلى مستشفى الرويضة العام"، مؤكداً بأن وادي عصيل أثناء هبوط الأمطار يجعل عملية الغسيل الكلوي أمراً مستحيلاً، فهو منذ هطول الأمطار لم يذهب إلى المستشفى، ما يجعل حياته في خطر، إضافة إلى ما يقاسيه من آلام بسبب التأخير في غسيل الكلى. ويعمل مسلط الشيباني في مركز شرطة قريب من قريته، إلا أن جريان وادي عصيل تسبب في عدم حضوره أحياناً أو تأخيره في أحيان أخرى،"ليست المرة الأولى التي نتعرض فيها إلى هذا الموقف. فالجميع يعلمون بأن مياه الوادي تعزلنا عن أعمالنا وقضاء حوائجنا"، مستغرباً عدم تحرك الجهات الحكومية ذات العلاقة، خصوصاً في محافظة القويعية حتى الآن. ويؤكد خليل بن محسن الشيباني، وهو أحد سكان الربوة، أن أبناءهم تخلفوا عن مدارسهم وأداء اختبارات نصف العام الدراسي بسبب الأمطار وكثرة الوديان حول قريتهم، موضحاً بأن الطلاب حاولوا جاهدين الوصول إلى المدارس، وساروا على أقدامهم بل علقت سياراتهم في الوحل ولكن من دون جدوى. ولم يخف فلاح بن علي الشيباني أن مشكلتهم مع الأمطار ليست وليدة اليوم، بل منذ نحو 22 عاماً، مضيفاً:"في أحد مواسم الأمطار احترق منزلي ومنع الوادي سيارات الدفاع المدني من الوصول إلى منزلي"، مشيراً إلى أن الحل الأمثل هو تعبيد الطرق التي تربط القرية بطريق الرياض السريع، وإنشاء جسر يمكّن أهالي القرى من عبور وادي عصيل.