يعيش سبعة أطفال تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة في مركز خاص في مدينة حائل معزولين عن العالم الخارجي، لأنهم مصابون بمرض نادر يدعى"الجلد الفقاعي"يحرمهم من العيش بشكل طبيعي. تغطي الضمادات أجسادهم النحيلة لتحمي جلودهم الهشة من أي احتكاك قد يصيبهم ببثور وفقاعات مؤلمة، وعلى رغم ذلك يضحكون ويمارسون حياتهم بشكل يوضح أنهم راضون بقسمة الله. أقاموا أكثر من عقد في مركز أعدته لهم مديرية الشؤون الصحية في منطقة حائل، ومع تقدمهم بالسن قرر المسؤولون عزل الذكور عن الإناث، فأنشئ مركز للأطفال المصابين في مستشفى حائل العام، وبقيت الإناث في المركز التابع لمستشفى النساء والولادة. يبدو الأطفال ثريا وإيمان ووعد وعبير ورائد وعتيق وإبراهيم الذين زارتهم"الحياة"واعين بحقيقة مرضهم متقبلين له، على رغم"الغصة"التي يحسون بها، لأنهم نشأوا وترعرعوا على يد العاملين والعاملات في المستشفى، في ظل تخوف أسرهم من التعامل معهم لخطورة مرضهم وحساسية أجسادهم. ويتضح أثر ابتعاد الأطفال عن أسرهم ومجتمعهم عند التحدث معهم، فهم يجيدون التحدث بالإنكليزية والفيليبينية، وتأثروا ببعض العادات والتقاليد الأجنبية، نظراً إلى اختلاطهم منذ ولادتهم مع القائمين على علاجهم ورعايتهم. ويوجد معلّم متفرغ لتعليم الأطفال الذكور، ومعلمة لتعليم الإناث في المركز. ويفاجأ الزائر بأحلام هؤلاء الأطفال، فهي بسيطة بساطة نفوسهم المليئة بالحب، ومنها أن تبادر الجهات الحكومية كإدارة التعليم بتنظيم زيارات لهم بشكل منتظم لرفع معنوياتهم، ومشاركتهم الأعياد والمناسبات. يذكر أن"الجلد الفقاعي"- بحسب المصادر الطبية - مرض نادر يجعل الجلد هشاً جداً، ويؤدي إلى حدوث فقاقيع مائية متكررة ومؤلمة، تؤدي إلى حدوث جروح وقروح، وفي بعض أشكال المرض، تحدث ندبات على الجلد نتيجة تكرر تقرح الجلد والتئام الجرح. ومعظم أمراض الجلد الفقاعي وراثية، ولا تنحصر الإصابة في الجلد فقط، فربما تظهر البثور في الفم أو البلعوم أو المريء أو المعدة أو الأمعاء، وقد تتكون نتيجة أي احتكاك بسيط ببشرة المريض. ويعطى المصابون بالمرض مراهم وضمادات معينة، لتقليل الإحساس بالألم والمحافظة على الجروح خشية تلوثها، ما قد يؤدي إلى إصابتهم بأمراض أخرى. من جهته، ذكر مدير مستشفى حائل العام الدكتور عبدالعزيز النخيلان ل"الحياة"، أن وزارة الصحة بدأت إنشاء أول مركز لعلاج المصابين بانحلال الجلد الفقاعي بكلفة 20 مليون ريال شرق مبنى المستودعات الطبية في مدينة حائل، مضيفاً أن المركز يقدم للمصابين الإقامة والإعاشة والعناية الاجتماعية والصحية المتكاملة. ولفت إلى أن المرض وراثي ينتج غالباً من زواج الأقارب، وغالباً ما يتوفى المصابون به في أعمار باكرة.