شدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على الاهتمام بزيادة حجم الاحتياطي العام للدولة، والإنفاق على مشاريع البنية التحتية، مع العمل على تجنب الضغوط التضخمية، وخفض الدين العام من دون الإخلال بالاستقرار المالي. ودعا الملك عبدالله في كلمة افتتح بها منتدى الرياض الاقتصادي الثالث مساء أمس، وألقاها وزير المال الدكتور إبراهيم العساف، القطاع الخاص إلى تكثيف مشاركته في التنمية المستدامة والاستفادة من الثقة المميزة التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي، والبيئة الاستثمارية المواتية، والمساهمة بدور أكبر في عملية التنمية. وأكد حرص الحكومة على الاستثمار في الإنسان السعودي من خلال توفير أفضل الفرص في جميع المجالات، خصوصاً في الصحة والتعليم، والتحسين المستمر في مستوى المعيشة، إذ وجهت الدولة خلال السنوات الثلاث الأخيرة جزءاً مهماً من إيراداتها للإنفاق على التعليم، وتم تنفيذ الكثير من الخطط والدراسات لتطوير هذا القطاع. وفي ما يأتي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين: الأخوة والأخوات الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يطيب لنا في البداية أن نشكر كافة القائمين على منتدى الرياض الاقتصادي على حسن الإعداد والتنظيم لهذا الاجتماع. كما يسرنا أن نهنئكم على اختيار عقد الدورة الثالثة للمنتدى تحت شعار نحو تحقيق تنمية مستدامة. فقد أثبتت التجارب الدولية أن تحقيق التنمية ? وهي هاجس جميع المجتمعات ? خلال فترة محدودة قد لا تشكّل الصعوبة والتحدي اللذين تمثلهما المحافظة على منجزات عملية التنمية والبناء عليها وتحسينها. ومن هذا المنطلق، نتطلع إلى مداولات اجتماعكم وآرائكم وتوصياتكم في هذه الدورة للمنتدى، والتي ستحظى منها ? بمشيئة الله ? بما تستحقه من اهتمام وتقدير ومتابعة. الأخوة الأعزاء، نتفق جميعاً على أن الإنسان هو هدف التنمية ووسيلتها. وعلى هذا الأساس، حرصت الحكومة على الاستثمار في الإنسان السعودي من خلال توفير أفضل الفرص في كافة المجالات، وبالأخص الصحة والتعليم والتحسين المستمر في مستوى المعيشة. فإلى جانب الإنفاق العام على التعليم، الذي تضاعف حوالى خمسين مرة خلال العقود الثلاثة الماضية، حرصت الحكومة على توجيه جزءٍ هامٍ من فوائض إيرادات السنوات الثلاث الأخيرة للإنفاق على التعليم. وقد نتج عن هذا التوجه ? ولله الحمد ? تنفيذ العديد من الخطط والدراسات لتطوير هذا القطاع والعاملين فيه، بما في ذلك الشروع في البنى التحتية اللازمة له وتأسيس عدد من الجامعات الحكومية، كما تمت الموافقة على الترخيص لعدد من الكليات والجامعات الأهلية. وتوجنا هذا التوجه بتأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، والتي نأمل أن تكون منارة من منارات المعرفة و"داراً للحكمة"وتسهم بشكل فعال في البحث والتطوير بما يعود بالنفع الملموس على الاقتصاد السعودي. كما تمت زيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية لتحسين القائم منها، وبناء مشاريع جديدة مثل السكك الحديدية والموانئ وغير ذلك مما لا يخفى عليكم. كما عملنا في السنوات الأخيرة على مراجعة وتحسين العديد من الأنظمة التي تحكم النشاط التجاري. وقد ترتب على ذلك كله ? بفضل من الله ? تحسين بيئة الاستثمار في المملكة العربية السعودية بشكل ملموس، كما تشير إلى ذلك التقييمات الدولية الموضوعية التي أعدت في هذا المجال. فتقرير البنك الدولي عن مناخ الاستثمار لعام 2008 صنف المملكة في المرتبة 23 من بين 178 دولة تم تقييم الأنظمة والقوانين التي تحكم مناخ الاستثمار فيها. كما صنف التقرير المملكة ضمن قائمة الدول العشر التي أدخلت إصلاحات على أنظمة الاستثمار فيها لهذا العام، نتيجةً للإصلاحات التي أدخلت على مؤشر بدء النشاط الاقتصادي والحصول على الائتمان والتجارة عبر الحدود وسهولة دفع الرسوم والضرائب. ونأمل - بمشيئة الله ? الوصول إلى مراتب أكثر تقدماً في العام القادم. ونتطلع إلى قيام القطاع الخاص في المملكة بالاستفادة من هذه البيئة الاستثمارية المواتية والمساهمة بدور أكبر في عملية التنمية، وتحسين فرص التوظيف للمواطنين السعوديين، خاصة في ما يتعلق بالتعليم والتدريب المهني. فالقطاع الخاص أكثر قدرة من الجهات الأخرى على تحديد مستويات المهارات الفنية التي يحتاجها في الداخلين إلى سوق العمل. وبالتالي فهو أكثر قدرة على تحديد العمالة المدربة والمؤهلة لتحقيق التنمية المستدامة. الأخوة والأخوات الكرام إن دعوتنا للقطاع الخاص للمزيد من المشاركة في عملية التنمية المستدامة تستند أساساً على الثقة المتميزة التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي. فمؤسسات التصنيف الائتماني رفعت تصنيف المملكة وأعطت نظرة إيجابية للآفاق المستقبلية. وقد استندت علمية التصنيف على التحسن ? والله الحمد ? في الأوضاع الاقتصادية في المملكة بشكل عام والتحسن في أوضاع المالية العامة بشكل خاص. فقد ساعدت الزيادة في الإيرادات في السنوات الأخيرة على زيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية، وزيادة رؤوس أموال مؤسسات التمويل الحكومية المتخصصة، وتخفيض الدَّين العام. وسنستمر ? بمشيئة الله ? في توجيه سياسات المالية العامة نحو زيادة حجم الاحتياطي العام للدولة، والإنفاق على مشاريع البنية التحتية مع العمل على تجنب الضغوط التضخمية، وتخفيض الدَّين العام من دون الإخلال بالاستقرار المالي. أشكركم في الختام على حسن الإصغاء، ونتمنى لاجتماعاتكم التوفيق والنجاح بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.