استنكر مستشار وزير الشؤون الإسلامية الدكتور عبدالمحسن البكر وجود أسر تمنع أبناءها وبناتها من الزواج من غير القبيلة التي ينتمون إليها، في وقت يفترض فيه أن تكون مثل هذه الظواهر قد تلاشت، والحديث للبكر. وقال في حديث مع"الحياة":"من يفرض على نفسه عزلة اجتماعية، ويرفض المصاهرة من قبائل أخرى، فوّت على نفسه وقبيلته خيراً كثيراً"، موضحاً أن الشخص كلما ابتعد عن عائلته في الزواج"كان ذلك أنجب للولد". ودعا الدكتور البكر الأئمة والخطباء إلى التعاون مع الاختصاصيين الاجتماعيين ووسائل الإعلام، في إيضاح رأي الدين في هذا الجانب، وتبيين العواقب والآثار الصحية والاجتماعية، مطالباً بإجراء حوار مباشر مع من يؤيد مثل هذه الظاهرة بالتعاون مع مراكز الأحياء. وقال:"نحن اليوم نعيش مرحلة حاسمة في تاريخنا الاجتماعي، وهي مرحلة التحول والانصهار، وإذا لم تضبط هذه المرحلة بضوابط الدين والقيم والمبادئ الأصيلة، فقد يصيب المجتمع التنافر والتدابر". في السياق ذاته، وجد فهد محمد 28 عاماً الذي يعمل طبيباً في أحد المستشفيات الحكومية معارضة من والده عندما أراد الزواج من طبيبة زميلة له في المستشفى، يقول:"رفض والدي زواجي ممن اخترت بسبب أنها تنتسب إلى قبيلة أخرى لا تقل عن قبيلتنا". ويضيف:"برّر والدي رفضه بأن بنات عمي كبرن في السن، ولم يجدن من يتقدم لخطبتهن، لذلك فهن أولى من الفتاة التي اخترتها". ويتابع:"على رغم أنه سبق لي الزواج بإحدى بنات عمي، وانتهت علاقتنا بالطلاق، إلا أنه لم يقتنع بذلك، محتجاً بوجود فتيات أخريات في العائلة". ويستطرد:"اضطرني رفضه إلى مكاشفته بأني سأعزف عن الزواج في حال لم أتزوج الفتاة التي اخترت"، مضيفاً:"لا أعلم إلى من ألجأ بعد الله، فأنا أحتاج إلى زوجة تناسبني في التفكير وتشاركني المهنة ذاتها". وتجاوزت رحاب الغامدي عامها ال35 وهي لم تتزوج لرفض والدها زواجها من غير قبيلتها، تقول:"تقدم لي عدد من الشباب من قبائل مختلفة من المنطقة الجنوبية ومن غيرها، لكن أبي كان يرفضهم، ويعتذر بأنه لا يريد تزويج بناته للغرباء"، لافتةً إلى أن والدها لا يزال مصراً حتى يومنا هذا على أبناء القبيلة، مع علمه بأن أحدهم لن يتقدم إلي بسبب كبر سني". وترى اختصاصية علم الاجتماع أفراح أبوحيمد أن هذه المشكلة كبيرة، إذ تقول:"يقع الأبناء ضحية مجتمع ظالم يرى في هذا الأمر عيباً، ويظل يتمسك بعادات مخالفة للدين"، مشيرة إلى تكرار هذا الموضوع بشكل شبه يومي تقريباً، ومشددة على ما يمكن أن ينتج من هذا التمسك بالعادات والتقاليد من عواقب وخيمة. وتضيف:"عندما ينظر الشخص إلى ما حدث في الدول العربية القريبة من انتشار الزواج السري أو العرفي أو هروب الفتاة مع الشاب الذي تود الارتباط به، يرى عمق المأساة التي يعيشها المجتمع العربي والإسلامي"، لافتة إلى أنه من الصعب إيجاد حل لمشكلة كهذه بشكل جذري، من دون تكاتف الجهود من الجهات المختلفة. وتتابع:"من الصعب تغيير عقول ترسّخت فيها العادات والتقاليد الخاطئة إلى اليوم، إلا إذا توحدت جهود علماء الدين مع الاختصاصيين الاجتماعيين بالاجتماع مع أولياء الأمور، لتوضيح الآثار المترتبة عن ذلك".