على رغم حل مشكلة حرائق المخيمات وازدحام الحجاج أثناء رمي الجمرات في مشعر منى، مع تركيب خيام مقاومة للحريق في منى قبل نحو عشر سنوات، وتشغيل جسر الجمرات العام الماضي، المشروع"الجبار"الذي قضى على"كابوس"وفيات الحجاج نتيجة التدافع، وتجنيد الحكومة السعودية أجهزتها الخدمية والأمنية والصحية لخدمة ضيوف الرحمن، وتوفير جميع السبل لخدمتهم، إلا أن قسماً كبيراً من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لا يزالون يحملون الكثير من المخاوف على ذويهم القادمين إلى المشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج. هذا التخوف يراه البعض مبرراً نظراً لوجود أكثر من مليوني حاج وحاجة من دول العالم كافة، يحملون معتقدات وعادات وأفكار شتى، في بقعة محددة وفي زمن محدود، ما يؤدي إلى حدوث"صدام حضارات"يؤثر على سلامة الحجاج. كما أن حوادث الحريق التي شهدتها خيام الحجاج في منى في سنوات ماضية، والوفيات التي حدثت نتيجة تزاحم الحجاج عند رمي الجمرات إلى قبل سنتين، أسهم في ترسيخ هذه المخاوف لدى الحجاج وذويهم. وفي يوم أمس بدأ الحجيج برمي الجمرات، وانهالت الاتصالات عليهم من ذويهم"القلقين"على سلامتهم، على رغم تأكيدات الحجاج على أنهم بصحة جيدة. وأكد الحاج المصري محمد شحاتة، ل"الحياة"، أنه بادر إلى الاتصال بزوجته حال رميه للجمرات في وقت باكر من صباح أمس، لطمأنتها إلى أنه أنهى رمي الجمرات في اليوم الأول من دون مشكلات. وامتدح شحاتة الجهود"العظيمة"التي تبذلها الحكومة السعودية لتسهيل أداء الحجاج لمناسكهم، وقال:"في أي دولة إذا حصل هذا التجمع الكبير من الناس من مختلف أنحاء العالم، في مكان واحد وزمان محدد، فإن البنية التحتية للخدمات في ذلك المكان ستنهار حتماً!". أما الحاج السعودي محمد الناصر 25 عاماً ففوجئ قبل رميه للجمرات بوالدته تتصل عليه باكية، راجية منه عدم الذهاب إلى الجسر في وقت باكر من صباح أمس، وقال:"اضطررت للعودة إلى المخيم بعد أن شارفت على الوصول إلى جسر الجمرات، تلبية لرغبة والدتي الملحة بعدم الذهاب إلى الجسر، بعد أن شاهدت مئات الآلاف من الحجاج عبر شاشات التلفزيون وهم يتوجهون إلى الجسر لرمي الجمرات"، مشيراً إلى أنه قرر رمي جمرات اليوم الأول بعد الظهر حين يخف الزحام.